تساؤلات .. هل دخلت أمريكا حالة الركود؟ «2 من 2»
هناك طريقتان لقياس الناتج. تتمثل الطريقة التي تحظى بكل الاهتمام في الولايات المتحدة في الناتج المحلي الإجمالي الذي يقاس على جانب المنتج ـ أي بإضافة القطاعات، حيث تباع السلع والخدمات. باستخدام هذا المقياس، كان نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي في الولايات المتحدة سلبيا في الربع الأول، عند مستوى 1.6 في المائة بالسالب.
لكن من الممكن قياس النمو أيضا من خلال الدخل المحلي الإجمالي، الذي يحسب على جانب الدخل ـ أي عن طريق إضافة أنواع من الدخل، مثل تعويضات الموظفين. نظريا، يجب أن يكون المقياسان متساويين تماما. لكن في الممارسة العملية، لا يخلو الأمر من تناقض إحصائي ـ الذي كان ضخما في الربع الأول من 2022، حيث سجل الدخل المحلي الإجمالي نموا 1.8 في المائة. وكان متوسط المقياسين ـ الذي يسمى أحيانا "الإيراد المحلي الإجمالي" إيجابيا أيضا.
هنا يأتي الجزء المهم. لفترة طويلة، كان الخبراء - بما في ذلك في الحكومة الأمريكية - ينظرون إلى الدخل المحلي الإجمالي باعتباره مفيدا في قياس الناتج الاقتصادي بقدر مؤشر الناتج المحلي الإجمالي. وكذا ترى لجنة المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، التي تنظر في استخدام مؤشر الإيراد المحلي الإجمالي لتحديد تواريخ نقاط التحول ربع السنوية.
يخلف هذا تأثيرين فيما يتصل بتقرير مكتب التحليل الاقتصادي المقبل. الأول هو أن لجنة المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية من غير المرجح على الإطلاق أن تستنتج أن الركود بدأ في الربع الأول من 2022، حتى لو أظهر مكتب التحليل الاقتصادي أن نمو الناتج المحلي الإجمالي كان سلبيا لربعين متتاليين. ذلك أن هذا الاستنتاج سيكون بعيدا كل البعد عن التوافق مع مؤشر الدخل المحلي الإجمالي، ونمو تشغيل العمالة، وغير ذلك من المؤشرات الاقتصادية من الربع الأول.
ثانيا، قريبا ستخضع أرقام الناتج المحلي الإجمالي للمراجعة. هذه ممارسة روتينية، والمراجعات جوهرية، ذلك أن متوسط المراجعة المطلقة لأي ربع بعينه ـ حتى مجرد الانتقال من الإصدار الثالث إلى الأخير من مكتب التحليل الوطني "المراجعات المعيارية" بعد منتصف العام ـ يعادل 1.2 نقطة مئوية، لعينة تنتهي في 2018. هذا هو السبب الرئيس وراء انتظار لجنة المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية كل هذه الفترة ـ 11 شهرا في المتوسط قبل التصريح بنقاط التحول.
عندما يتولى مكتب التحليل الاقتصادي إجراء "مراجعة معيارية" شاملة للدخل الوطني وحسابات الناتج ـ في عامنا هذا من المقرر إصدار النتائج في أيلول (سبتمبر)، بدلا من تموز (يوليو) ـ فقد يقرر تعديل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول صعودا، وربما حتى بدرجة كافية لتحويله إلى الخانة الإيجابية. كانت المراجعات تاريخيا تحرك الناتج المحلي الإجمالي في اتجاه الدخل المحلي الإجمالي أكثر من العكس غالبا. وعلى هذا، فقد يكون الدخل المحلي الإجمالي مقياسا أكثر جدارة بالثقة للناتج المحلي مقارنة بمؤشر الناتج المحلي الإجمالي.
ينبغي لنا أن نستعد لعناوين إخبارية رئيسة تزعم أن الاقتصاد الأمريكي أصبح في حالة ركود، مع كل ما يترتب على ذلك من ردود الفعل في السوق وبين عامة الناس. لكن ينبغي لنا ألا نندهش إذا قيل لنا العكس تماما بعد شهرين.
خاص بـ"الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2022.