أسعار الطاقة وتقلباتها الشديدة «2 من 2»
في الولايات المتحدة، تفكر إدارة بايدن المذعورة من التضخم جديا في سلوك الاتجاه المعاكس، ودعت الكونجرس إلى تعليق ضريبة البنزين الفيدرالية ـ 0.18 من الدولار للجالون ـ لثلاثة أشهر. ربما تكون خطة مجموعة السبع المعلنة أخيرا لتحديد سقف لأسعار النفط الروسي منطقيا كعقوبة، لكن روسيا تبيع بالفعل للهند والصين بخصم كبير، ولهذا، من غير المرجح أن تخلف هذه الخطة تأثيرا كبيرا في السعر العالمي.
قبل فترة وجيزة، كانت إدارة بايدن تستخدم سلطتها التنفيذية لإعاقة نمو إنتاج الطاقة التقليدية في الولايات المتحدة. أما الآن فهي تدعو الموردين الأجانب إلى زيادة الإنتاج. من المؤسف أن التحلي بالفضيلة من خلال الحد من إنتاج النفط الأمريكي مع امتصاص الإنتاج من دول أخرى. كانت أوروبا قد أعدت خطة شبه متماسكة على الأقل، إلى أن تسببت الحرب الدائرة في أوكرانيا في توضيح حقيقة مفادها أن القارة ـ خصوصا دولا مثل ألمانيا التي أخرجت الطاقة النووية من المعادلة ـ بعيدة إلى حد كبير عن تحقيق الانتقال إلى الطاقة النظيفة.
كما هي الحال مع أشكال الإبداع والاستثمار كافة، يتطلب النمو القوي في مجال الطاقة الخضراء عقودا من السياسات المتسقة المستقرة للمساعدة على التعويض عن مخاطر الالتزامات الرأسمالية الطويلة الأجل اللازمة. وإلى أن تبدأ مصادر الطاقة البديلة بالحلول بشكل أكثر اكتمالا، فمن غير الواقعي أن نتصور أن الناخبين في الدول الغنية سيعيدون انتخاب القادة الذين يسمحون بانفجار تكاليف الطاقة بين عشية وضحاها.
من المعلوم أن المحتجين الذين مارسوا ضغوطا ناجحة على بعض الجامعات لحملها على التخلي عن الاستثمار في الطاقة التقليدية لا يبدو أنهم يضغطون بالقدر ذاته من الشدة لرفض التدفئة وتكييف الهواء. إن التحول إلى الطاقة النظيفة أمر واجب، لكنه لن يكون بلا آلام. وتتلخص أفضل طريقة لتشجيع استثمارات المنتجين والمستهلكين الطويلة الأجل في الطاقة الخضراء في تحديد سعر مرتفع بالقدر الكافي للكربون، أما الحيل مثل مبادرات سحب الاستثمارات فإنها أقل كفاءة وأقل فاعلية بأشواط. "وأنا أدعو أيضا إلى إنشاء بنك الكربون العالمي لتزويد الاقتصادات النامية بالتمويل والمساعدة الفنية حتى تتمكن هي أيضا من التعامل مع التحول".
في الوقت الحالي، يبدو من المرجح أن تظل أسعار النفط والغاز مرتفعة، على الرغم من المخاوف من الركود في الولايات المتحدة وأوروبا. مع بدء موسم القيادة الصيفي في نصف الكرة الأرضية الشمالي، ومع ارتداد الاقتصاد الصيني المحتمل من عمليات الإغلاق المرتبطة بسياسة خفض إصابات كوفيد - 19 إلى الصفر، ليس من الصعب أن نتخيل استمرار ارتفاع أسعار الطاقة، حتى لو تسببت زيادات أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي في تقليص النمو بشكل حاد في الولايات المتحدة.
في الأمد الأبعد يبدو أن أسعار الطاقة تتجه نحو الارتفاع ما لم يرتفع الاستثمار بشكل أكبر، وهو ما يبدو غير مرجح، نظرا إلى توجيهات السياسة الحالية. وستستمر صدمات العرض والطلب في الأرجح في تعكير صفو سوق الطاقة والاقتصاد العالمي. وسيحتاج صناع السياسات إلى أعصاب فولاذية لإدارة هذه الصدمات.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.