بفعل التضخم وتراجع القدرة الشرائية .. بريطانيا تشهد أسوأ اضرابات منذ عقود
تشهد بريطانيا هذا الأسبوع إضرابا لعمال السكك الحديد والبريد وعمليات شحن السفن، هو الأسوأ منذ عقود للمطالبة بزيادة الأجور في مواجهة ارتفاع نسبة التضخم وتراجع القدرة الشرائية في البلاد.
ودعت النقابات العمالية عشرات الآلاف من موظفي شركات سكك الحديد في بريطانيا، إلى التوقف عن العمل يومي الخميس والسبت، ما يمثل فصلا جديدا من أضخم اضراب يشهده القطاع منذ 30 عاما والذي كان قد بدأ نهاية يونيو الفائت.
وأعلنت الشركة الحكومية المشغلة لشبكة سكك الحديد "نيتوورك رايل" تسيير قطار واحد من أصل خمسة خلال فترة العطلة المدرسية ودعت البريطانيين إلى التنقل "فقط عند الضرورة القصوى".
وسيكون مجمل شبكة النقل في لندن شبه مشلولة الجمعة وستظل مضطربة جدا خلال عطلة نهاية الأسبوع.
- "أجور منخفضة" -
ويقول طبيب الأسنان الثلاثيني أسامة ساردا لـ"الفرنسية" من محطة قطارات في لندن بينما كان متوجها لحضور حفل زفاف في شمال البلاد، "سأتأخر كثيرا، هذا أمر مؤكد". إلا أنه أكد أن الإضراب "محق، لأن التضخم بات حاليا في مستوى قياسي".
وحذر الأمين العام لنقابة "ار ام تي" مايك لينش اليوم من أن أكبر حركة إضراب لعمال سكك الحديد منذ عام 1989، "قد تتواصل إلى ما لا نهاية". وتابع "العمال البريطانيون (يتقاضون) أساسا أجورا منخفضة" معتبرا أن حركة الإضراب "لن تنكسر" إنما على العكس قد تتوسع لتشمل "كل قطاعات الاقتصاد".
واعتبارا من الأحد، يبدأ عمال شحن وتفريغ السفن في ميناء فيليكستو (شرق انجلترا) وهو أكبر مرفأ للشحن في البلاد، اضرابا لمدة ثمانية أيام ما يهدد بوقف جزء كبير من حركة نقل البضائع في البلاد.
ومطلب العمال واحد في أنحاء البلاد، وهو زيادة الرواتب تماشيا مع التضخم الذي بلغ في يوليو 10.1 في المائة على أساس سنوي ومن المتوقع أن يتجاوز 13 في المائة في أكتوبر المقبل.
وتأثرت القدرة الشرائية بارتفاع الأسعار بسرعة قياسية، ما "يبرهن الحاجة الماسة... للدفاع عن قيمة أجور العمال"، على ما أفاد بيان الأمين العام لإحدى أهم النقابات "يونايت" شارون غراهام.
- مأزق -
وينفذ أكثر من 115 ألف من عمال البريد البريطانيين اضرابا لأربعة أيام بين نهاية أغسطس ومطلع سبتمبر تلبية لدعوة النقابة القطاعية "سي دبليو يو". كما يواصل حوالي 40 ألف عامل في الشركة المشغلة للاتصالات "بي تي" اضرابهم الأول منذ 35 عاما.
ومن المرتقب أن تنظم إضرابات في مستودعات مجموعة "أمازون" العملاقة للتجارة الالكترونية وفي صفوف المحامين الجنائيين وعمال جمع القمامة.
وأكدت نقابة أرباب العمل "سي بي اي" في بيان أن "أرباب العمل يقومون بكل ما في وسعهم لمساعدة موظفيهم في تجاوز هذه الفترة". لكنها أضافت أن "غالبية كبيرة لا يمكن أن تسمح لنفسها بزيادة الأجور إلى حد يكفي لمواكبة التضخم".
وتم تفادي اضرابات مؤخرا في اللحظة الأخيرة، بعدما حصل العمال على عروض أجور اعتبرت مرضية.
هذا ما حدث مع عمال شركة التزود بالوقود في مطار هيثرو، الذين هددوا بعرقلة حركة الملاحة لكنهم سرعان ما تخلوا عن الإضراب.
كما وافق عمال شركة الخطوط الجوية البريطانية "بريتيش ايرويز" الذين كانوا يطالبون باستعادة نسبة 10 في المائة تم خصمها من رواتبهم خلال فترة الجائحة، على زيادة أجورهم بنسبة 13 في المائة ورفعوا الاضراب.
وتواصل اضراب عمال السكك الحديد اليوم هو مؤشر على أن المفاوضات مع جميع المشغلين في القطاع الخاص في مأزق. كما رفضوا عرضا من شركة "نيتوورك رايل" اعتبروه مشروطا بفصل عدد كبير من العمال.
وتوجه المنظمات انتقادات لوزير النقل غرانت شابس الذي رفض المشاركة مباشرة في المحادثات، وتتهمه بعدم منح مهلة كافية للشركات من أجل التفاوض.
كما أثار قرار الحكومة تغيير القانون من أجل السماح باللجوء إلى عمال لفترة موقتة لاستبدال المضربين، غضب النقابات.
وكانت سلسلة متاجر "هارودز" الشهيرة "أول شركة تهدد موظفيها" باستخدام إلى هذا القانون.
قد تتواصل الاضرابات إلى ما بعد الصيف ومن الممكن أن تتوسع لتضم المدرسين وعمال قطاع الصحة الذين رفضوا عرضا لزيادة الأجور بنسبة 4 في المائة.