فهم التضخم في أمريكا والسياسة النقدية «2 من 2»
إذا لم يكن هناك تخلف رسمي عن سداد ديون سندات الخزانة الأمريكية، فإن "العائدات" يجب أن تأتي من التضخم فوق المستوى الطبيعي أو المتوقع، ما يقلل بدوره من القيمة الحقيقية "المعدلة حسب التضخم" للسندات الحكومية المستحقة تحديدا، من المتوقع أن يتراكم التضخم فوق 2 في المائة سنويا منذ منتصف 2020 إلى ارتفاع غير متوقع في مستوى الأسعار، وقد تبين أن هذا التراكم للتضخم الفائض في أسعار المستهلك في الفترة من أيار (مايو) 2020 إلى تموز (يوليو) 2022 يبلغ نحو 11 في المائة.
يتوافق صافي الدين العام المقوم اسميا تقريبا مع حصة الدين العام، التي بلغت 21 تريليون دولار في منتصف 2020 ـ أو 91 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لـ2021. يطرح هذا المفهوم من إجمالي الدين المبالغ التي تحتفظ بها الصناديق والوكالات الاستئمانية الفيدرالية، لكن ليس الأجزاء التي يحتفظ بها بنك الاحتياطي الفيدرالي ـ وهذا أمر منطقي لأن حيازات بنك الاحتياطي الفيدرالي من الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، يتم تعويضها بشكل أو بآخر من خلال الالتزامات الاسمية لبنك الاحتياطي الفيدرالي. "يمكن أيضا تعديل الدين الفيدرالي المصنف على مؤشر أسعار المستهلك، لكن هذا المبلغ لا يتجاوز 7 في المائة من الإجمالي".
كانت الزيادة غير المتوقعة في مستوى الأسعار بـ11 في المائة سببا في انخفاض القيمة الحقيقية لصافي الدين العام بنحو 2.3 تريليون دولار "أي ما يعادل تخلفا عن سداد 11 في المائة من الدين"، وهو ما يتوافق مع الإيرادات الفعلية للحكومة الفيدرالية. "نظرا إلى أن الزيادة في مستوى السعر كانت مفاجئة، فينبغي ألا تؤثر في أسعار الفائدة الاسمية التي تعين على الحكومة دفعها على سنداتها".
لتسديد مبلغ 4.1 تريليون دولار من الإنفاق الزائد، يجب أن تكون الزيادة غير المتوقعة في مستوى السعر أعلى، في نطاق 19 في المائة، بدلا من 11 في المائة "على الرغم من أن هذا الرقم الأكبر يفترض، ربما بشكل متفائل للغاية، أن الحكومة لن تشهد مزيدا من الزيادات الحادة في الإنفاق في المستقبل". وبدءا من تموز (يوليو) 2022، يمكن تحقيق مستوى السعر المطلوب بنسبة تضخم تبلغ 9.4 في المائة على مدار عام واحد، أو متوسط تضخم بـ5.7 في المائة على مدار عامين، أو متوسط تضخم بـ3.5 في المائة على مدار خمسة أعوام.
كل هذه الفترات متبوعة بتضخم 2 في المائة. والنتيجة لمدة خمسة أعوام ليست بعيدة عن معدل التضخم المرتفع الحالي في سوق السندات على مدى خمسة أعوام. وهذا يعني أن النهج المالي يتفق مع معدلات التضخم المتوقعة المستمدة من عوائد خمسة أعوام على سندات الخزانة التقليدية.
لذلك، هناك حجة معقولة مفادها بأن الزيادة في الإنفاق الفيدرالي نتيجة اندلاع أزمة فيروس كوفيد - 19 أدت إلى ارتفاع دائم وغير متوقع في مستوى الأسعار بنحو 19 في المائة. وتشكل هذه الزيادة في مستوى السعر آلية لتمويل الإنفاق الإضافي المرتبط بفيروس كوفيد - 19. في سيناريو معقول، ينخفض معدل التضخم في مؤشر أسعار المستهلك بسرعة معقولة من قيمته الحالية البالغة 8.5 في المائة ويبلغ متوسطه نحو 3.5 في المائة على مدى الأعوام الخمسة المقبلة. وبينما يعود معدل التضخم في النهاية إلى 2 في المائة، فإن ارتفاع مستوى السعر سيبقى دائما.
خلاصة القول هي، أنه على الرغم من أن السياسة النقدية كانت شديدة الهجومية لفترة أطول مما ينبغي، فمن المرجح أن السبب الرئيس وراء ارتفاع معدلات التضخم الأخير كان السياسة المالية التوسعية بشكل غير عادي.
خاص بـ"الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2022.