كواسي كوارتنج .. بطل مغامر يعيد جاذبية أسواق السندات

كواسي كوارتنج .. بطل مغامر يعيد جاذبية أسواق السندات

قبل أسبوع فقط، كثير من مستثمري السندات العالميين لم يسمعوا بكواسي كوارتنج. لكن وزير المالية البريطاني الجديد دخل في قصة التناغم المتجددة بين مديري الأصول وأسواق الديون حول العالم بطريقة مبهرة.
خلال ذلك، أوضح كوارتنج كيف أن طريق البنوك المركزية نحو زيادة أسعار الفائدة وتقليص الدعم المقدم لأسواق السندات سيكون محفوفا بالمخاطر.
قبل الانهيار الذي حدث في الأسواق البريطانية خلال الأسبوع الماضي تقريبا، كان المستثمرون يقعون سريعا في سحر فئة الأصول التي كانت تعاملهم بقسوة غير اعتيادية طوال العام.
"عادت السندات"، كما أعلن فينسنت مورتير، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة أمندي، في بيان أدلى به وسط أيلول (سبتمبر): "أنا على ثقة بأن السندات قد عادت". وجهت الديون ضربة مروعة إلى محافظ المستثمرين حتى تلك المرحلة في 2022، حيث تأثرت بالتضخم أولا ثم باستجابة عنيفة من البنوك المركزية.
فشل ذلك النموذج التقليدي للمحافظ الاستثمارية – 60 في المائة منها في الأسهم و40 في المائة (كالعادة) في سندات قديمة مملة. تظهر البيانات التي حللها تشارلي بيليلو في "كمباوند كابيتال أدفايزرز"، أن المحفظة الاستثمارية النظرية التي أنشئت بناءا على هذين النهجين وتضم أسهما مدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 وسندات الخزانة لأجل عشرة أعوام، قد خسرت 16 في المائة بحلول 19 سبتمبر، وهي ضربة قوية هذا العام بسبب تراجع كلا الجزئين المكونين لهذا المزيج – الأسهم والسندات. سيتعين عليك العودة إلى 1937 لتجد أي حدث بهذا السوء.
لكن تقسيم المحافظ الاستثمارية 60/40 أصبح له جاذبية مرة أخرى بعد بقائه فترة طويلة "في حالة تجمد"، كما قال مورتير، في الوقت الذي ارتفعت فيه عوائد السندات أخيرا بما يكفي لتجذب الذين يبحثون عن بعض القيمة أو مكان آمن ليختبئوا فيه في حال حدثت صدمة اقتصادية أو جيوسياسية أخرى.
بدأت هذه النظرة تترسخ في مكان آخر. أشار جيم ليفيس، كبير مسؤولي الاستثمار للدخل الثابت العام في "إم آند جي إنفستمنتس"، في حديثه خلال عشية الإعلان عن الميزانية المصغرة لكوارتنج، بنظرة منطقية إلى أنه يجب أن "تكون حذرا حيال ما تتمنى" وأن سوق المملكة المتحدة قد واجهت بعض التحديات الخاصة. مع ذلك، بشكل عام، "انتقلنا من مكان ممل جدا لنكون مستثمر سندات على مدى الأعوام العديدة الماضية"، كما قال. "الآن تقدم جميع مجالات الدخل الثابت تقريبا قيمة مذهلة".
حسنا، إذا قدمت السندات قيمة في ذلك الوقت، فإنها تقدم أكثر من ذلك الآن. ميزانية كوارتنج "المصغرة" لخفض الضرائب، التي تغذيها الديون أشعلت النار تحت سوق السندات الحكومية البريطانية، ما أدى إلى ارتفاع العوائد بوتيرة لم يشهدها أي مدير صندوق ممارس من قبل، وترك برامج المعاشات التقاعد تواجه مطالبات نقدية بعشرات أو حتى مئات الملايين من الجنيهات للحفاظ على سلامة الاستراتيجيات الخاصة بها. كيف سيلبون تلك المطالبات؟ عن طريق بيع السندات الحكومية، بالطبع، التي مازالت عوائدها آخذة في الارتفاع.
نحن البريطانيين نحب إخبار أنفسنا بأننا مهمون للغاية. في الحقيقة، تعد أسواق المملكة المتحدة بشكل عام عرضا جانبيا ممتعا للمستثمرين في باقي أنحاء العالم. لكن، بشكل سريع، هذه الدوامة الهبوطية جذبت أسواقا أخرى.
يقول كوينتين فيتزسيمونز، كبير مديري المحافظ في "تي رو برايس": "أعمل لصالح شركة إدارة أصول أمريكية ضخمة تدير أصول دخل ثابت مهمة. في بداية الأسبوع شهدنا تحركات في سندات الخزينة الأمريكية، التي لا يمكن تفسيرها إلا من خلال ما كان يحدث في المملكة المتحدة". ليس بالأمر الجديد بالنسبة لسوق السندات الحكومية اللطيفة أن تتحرك حول الأسعار العالمية، لكنه نادر.
امتد تأثيرها إلى مناطق قريبة من البلاد أيضا. "كان هناك توتر شديد في النظام"، كما قال كريستن كوبف، رئيس الدخل الثابت في " يونيون إنفستمنت". "شهدنا ذلك أيضا في سوق سندات الحكومة في منطقة اليورو، في سندات الحكومة الألمانية، وفي هوامش المقايضات، وفي الشركات الأوروبية".
هذه التجربة بأكملها أكدت لكوبف أنه بينما يتلاشى دعم البنوك المركزية للأسواق، فإن الضغوط والتوترات المخفية منذ فترة طويلة تظهر على السطح من جديد. يقول: "هشاشة السوق أكبر مما يعتقد الناس".
محللو أسعار الفائدة في "بنك أوف أمريكا" وصفوا المملكة المتحدة بأنها "دولة معدية"، وأشاروا إلى أن 23 سوقا للسندات الحكومية في الاقتصادات المتقدمة، حققت جميعها ارتفاعا في عوائدها للسندات لأجل عشرة أعوام في سبتمبر. تتقدم المملكة المتحدة عن البقية بفارق كبير، مع ارتفاع العوائد القياسية 1.35 نقطة مئوية خلال الشهر، نحو ضعف الارتفاع في السندات الألمانية، مثلا.
"كانت السندات البريطانية بؤرة أزمة انهيار السندات في سبتمبر 2022. حفز السخاء المالي للحزب المحافظ البريطاني دوامة شرسة في أصول المملكة المتحدة"، كما كتب بارنابي مارتن وزملاؤه في المصرف.
هذا يعمل في كلا الاتجاهين. عندما تدخل بنك إنجلترا ببرنامج شراء سندات لوقف دوامة الهبوط، أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار السندات الحكومية. كان بعض المستثمرين محظوظين أو ماهرين بما يكفي لركوب الموجة. يقول كريج إنشز، رئيس أسعار الفائدة في "رويال لندن أسيت مانجمنت"، "أتينا صباح الأربعاء ونظرنا إلى سوق السندات الحكومية، وكان أطول سند مرتبط بالتضخم عند 40 بنسا للجنيه. اشتريناه، وبعد أن جاء بنك إنجلترا، بعناه بسعر 90 بنس. حققنا ربحا نحو 150 في المائة في ثلاث ساعات".
كما أدى الانخفاض المرتبط بذلك في عوائد السندات السيادية في جميع المجالات إلى انخفاض عوائد السندات الحكومية في أماكن أخرى حول العالم. مع ذلك، فإن مديري الصناديق الذين كانوا يقعون في سحر السندات لديهم الآن الكثير ليشكروا كوارتنج عليه. إذا لم يكن هناك شيء آخر، فقد فتح المجال لاقتناص بعض الأسعار المنخفضة الرائعة.

الأكثر قراءة