آثار معالجة الركود الأمريكي في العالم
المرة الخامسة التي يرفع فيها الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة والمرة الثالثة التي يزيد فيها 75 نقطة على التوالي لهذا العام، وصناع السياسات الاقتصادية حول العالم غير مرتاحين من الزيادة السريعة لأسعار الفائدة الأمريكية والأوروبية، لأنها ستؤدي إلى عرقلة النمو في دولهم أو إحداث مشكلات اقتصادية. الاقتصاد الأمريكي كان مضطرا لعمل ذلك من أجل ترويض التضخم بعد ما وصل إلى 9.1 في المائة، كما أنه وبعد ربعين متتالين من النمو السلبي دخل الناتج الأمريكي في حالة ركود فني حتى إن لم يعترفوا بذلك، وتلك الحالة التي وصل إليها الاقتصاد الأمريكي كان بالإمكان تجنبها من خلال عدم كسر قواعد السياسات النقدية وحماية الأسواق الداخلية من فرط التسهيل الكمي.
رفع سعر الفائدة على الدولار سيؤدي إلى هبوط الأسواق العالمية، وفي الوقت نفسه تتأثر عملات الدول غير المرتبطة بالدولار سلبا، وسنرى زيادة في أسعار السلع والخدمات أو ستقوم بعض الدول بخفض قيمة العملة، أي لتلك العملات غير المرتبطة بالدولار، وقد لاحظنا كيف أن الضغوط الاقتصادية القوية بسبب الدولار أثرت حتى في العملات الرئيسة مثل، اليورو والين الياباني والجنيه الاسترليني، كيف بالعملات الضعيفة أصلا، كما أن الدول التي لديها ديون بالدولار ستعاني أكثر من غيرها، فإعلان رفع سعر الفائدة يرفع تكلفة القروض على العالم بلا استثناء، والدول الناشئة التي لديها أرصدة ديون مقومة بالدولار سنراها أكثر المتضررين، ووفقا لبيانات معهد التمويل الدولي أن إجمالي الديون للدول الناشئة 98.6 تريليون دولار في الربع الأول من 2022، وتشكل تلك الديون 32 في المائة من إجمالي الدين العالمي البالغ 305 تريليونات دولار، علاوة على ارتفاع تكلفة خدمة الديون، فإن معدل الاستثمارات الجديدة قد يتلاشى في الدول التي يرتفع فيها معدل التضخم بشكل كبير ويتراجع فيها النمو الاقتصادي، أما الدول النفطية سنرى فيها معدلات نمو عالية لارتفاع أسعار الطاقة، أما الدول الفقيرة أو ما تعرف بالنامية، فإن 60 في المائة من الدول الأكثر فقرا معرضة لضائقة الديون بحسب تصريحات مسؤولين في صندوق النقد الدولي.
في واقع الأمر لا يوجد أسلوب تحوط شامل يمكن اعتماده لمعالجة التداعيات، فالتقلبات مرتفعة وتحتاج إلى صبر وبناء قرارات بعيدة المدى، ولا سيما أن سعر الفائدة المستهدف 4.6 في المائة بنهاية 2023، لذا يتعين على الدول إطلاق برنامجين متوازيين "1" مكافحة التضخم. "2" تحفيز النمو وبما يتوافق مع حجم الديون ونوعية التجارة الخارجية والهيكل الاقتصادي، كما أن جودة التدابير الاقتصادية وزيادة الاستهلاك للدول القادرة، منهجية فاعلة كتحفيز السلع الكبيرة والإنفاق على القطاعات الدفاعية التي تؤثر في سعر سلة المستهلكين الأساسية، وقد تكون تلك الانخفاضات للمستثمرين في سوق الأسهم فرصة للشراء للمدى الطويل، أما المدى القصير فلا تزال المخاطر مرتفعة.