شكوك تحول دون توحيد إمبراطورية ميردوك .. المستثمرون غير راضين

شكوك تحول دون توحيد إمبراطورية ميردوك .. المستثمرون غير راضين

يبدو أن روبرت ميردوك "91 عاما" بدأ أخيرا ترتيب الأمور استعدادا لخلافته. طلب الملياردير من مجلسي إدارتي شركتي نيوز كورب وفوكس التفكير في توحيد الشركتين معا بعد نحو عقد من عملهما بشكل مستقل، وإعادة تجميع بقايا إمبراطوريته معا.
لكن المستثمرين يشككون في الأساس المنطقي الاستراتيجي وراء إعادة توحيد الشركتين، ويسخر بعض المساهمين من هذه الخطوة باعتبارها "مسرحية عائلية"، ويعجب مراقبو عائلة ميردوك القدامى من الأجندة الأوسع.
كثير من المساهمين في "نيوز كورب" أبلغوا "فاينانشيال تايمز" أنهم غير مقتنعين بأن الدمج هو الخيار الأفضل، أو حتى الخيار الإيجابي، وأنهم سيصوتون ضد الصفقة ما لم تخصص علاوة كبيرة لسعر سهم الشركة.
أشار أربعة من هؤلاء إلى المخاطر القانونية والمخاطر المتعلقة بالسمعة، المتمثلة في كونهم تحت سقف واحد مع "فوكس نيوز"، قناة الكابل التي تواجه قضيتين بمليارات الدولارات بسبب ادعاءات مذيعيها بأن تزويرا حدث في انتخابات 2020 في الولايات المتحدة.
قال مساهم يمتلك حصتين تعادلان 2 في المائة في شركتي فوكس ونيوز كورب "لا يريد الناس حقا امتلاك أعمال (فوكس نيوز)، على الرغم من أنها أصل رائع من حيث التدفق النقدي. لذا فإن هذا يحد من القدرة على دمج (فوكس) في شركة أكبر. نفضل بالتأكيد تفكيك هذه التكتلات وتبسيط الأمور، بدلا من توحيدها معا".
مستثمر آخر في شركة نيوز كورب تحدث بشكل أكثر وضوحا، قائلا "فوكس نيوز سيئة السمعة نوعا ما، إنها أصل ينبغي عزله".
جيسيكا ريف إيرليش، المحللة في بانك أوف أمريكا، أشارت إلى أن الاندماج المقترح "يثير أسئلة أكثر مما يقدم من إجابات".
عرض فريق ميردوك للمستثمرين بسيط: في المشهد الإعلامي المسيطر اليوم، الحجم الأكبر أفضل بالنسبة إلى هذه الشركات التي، بعد جولة من الدمج، تظل صغيرة مقارنة بالتكتلات التي تهيمن على صناعة الترفيه.
قال شخص مقرب من عائلة ميردوك "يستند الاقتراح بنسبة 100 في المائة إلى الأساس المنطقي للأعمال الذي يكمن في مزيج من المحافظ التكميلية من المحتوى المتميز لإنشاء شركة عالمية رائدة في الأخبار، وأحداث الرياضة المباشرة، والمعلومات".
لكن الدافع الرئيس للاندماج هو تعزيز السلطة في ظل لاكلان ميردوك - الابن الأكبر لروبرت ميردوك والرئيس التنفيذي لشركة فوكس - باعتباره خليفة لوالده، وفقا لأربعة أشخاص قريبين من الوضع.
قال أحد مستشاري عائلة ميردوك القدامى "عليك مشاهدة مسلسل (الخلافة). لا أمزح"، مشيرا إلى برنامج تلفزيوني من إنتاج شركة إتش بي أوه عن إمبراطورية إعلامية خيالية.
وأضاف "لا يوجد شيء استراتيجي، من منظور الصناعة، يدفعني إلى قول: (يا إلهي، هذه الشركات موحدة، ستصبح الآن شركة أفضل بكثير). يتعلق الأمر حقا بالعائلة، وهذا ما يناسبهم. لا علاقة للحجم بالموضوع".
إذا تم تنفيذ الصفقة، فمن المرجح أن يقود لاكلان ميردوك الكيان الجديد بوصفه رئيسا تنفيذيا، كما قال أشخاص مطلعون على الأمر، بعد معركة على الخلافة استمرت عقودا بين أبناء ميردوك. قال شخصان على دراية مباشرة بالمحادثات التي استمرت لأشهر، "إن لاكلان كان منخرطا في المفاوضات، بما في ذلك عقد اجتماعات عن بعد من أستراليا مع مستشارين في نيويورك".
وذكرا أن روبرت طومسون، الرئيس التنفيذي لشركة نيوز كورب "كابن" لروبرت ميردوك، من المرجح أن يواصل إدارة العملية الإخبارية.
وقال أحد المطلعين "الهدف هو تسليم كل شيء إلى لاكلان بطريقة منظمة. روبرت يبلغ من العمر 91 عاما، الوقت جوهري. إنهم بحاجة إلى تسوية هذا الأمر الآن". جيمس ميردوك، الابن الأصغر لروبرت الذي كان ينظر إليه في السابق على أنه منافس لتولي الإمبراطورية، رفض التعليق. لم يكن لدى طومسون أي تعليق بخلاف إعلان "نيوز كورب" عن استكشافها عملية اندماج شركة فوكس. وفقا لمتحدث باسم عائلة ميردوك "أي تعليق يشير إلى أن الأمر يتعلق بتخطيط الخلافة هو أمر سخيف ويأتي من مصادر لا تعرف الاستراتيجية والنية".
يسيطر صندوق ميردوك وعائلته على نحو 40 في المائة من أسهم التصويت، إلا أنهم بحاجة إلى أغلبية من المساهمين المستقلين للتصويت لمصلحة الاقتراح، بحسب أشخاص ذوي اطلاع. قال أحد أكبر عشرة مساهمين في "نيوز كورب"، "ليس من السهل على الإطلاق أن تجبر قاعدة الناخبين على الموافقة على هذا".
عراك بالأيدي
اقترح روبرت ميردوك توحيد الشركة في صفقة شاملة لجميع الأسهم. يريد المساهمون في "فوكس" و"نيوز كورب" أن تمنح "نسبة التبادل" لأسهمهم علاوة أعلى من أسعار أسهمهم الحالية.
يتوقع ماريو جابيلي، مدير محفظة الملياردير وحامل أسهم في "فوكس"، حدوث "عراك بالأيدي" بين الجانبين خلال الأشهر القليلة المقبلة، لكنه يقول في النهاية "سيكون العبء على عائلة ميردوك أن تشير إلى أن الصفقة ستضيف قيمة كبيرة إلى الشركة المتوحدة".
يرى المستثمرون في "فوكس" و"نيوز كورب" أن أسعار أسهمهم في السوق مقومة بأقل من قيمتها بشكل مزمن، ويتحدثون عما يسمى خصم ميردوك على الأسهم بسبب التأثير الضخم للعائلة وأهوائها.
في إشارة إلى صرف الشركة على نفقاتها والارتباك الذي يكتنف مزيج أصولها، يجادل أحد المساهمين بأن "نيوز كورب" تدار بشكل أساسي مثل لعبة عائلة ميردوك.
وقال "خصم ميردوك حقيقي للغاية في هذه الحالة"، مشيرا إلى أن محللي الأسهم يكافحون لتغطية الشركة لأنها تمتد عبر مثل هذه الشركات المختلفة، وأضاف "قال معظم المستثمرين (نعم، إنها أصول جيدة، لكن لماذا يجب علينا تحمل متاعبها)؟".
يعتقد مساهمو شركة نيوز كورب أن مجموع أجزائها - التي تشمل "داو جونز"، دار النشر هاربر كولنز، وحصة أغلبية في مجموعة إدراج العقارات الأسترالية، ريا - أقل قيمة في سوق الأسهم من الأصول الفردية. يرغب بعض المساهمين في أن تقوم شركة نيوز كورب بفصل شركة ريا عن جانب النشر.
يجادلون أيضا بأن الانخراط مع "فوكس نيوز"، القناة التلفزيونية الأكثر مشاهدة والأكثر إثارة للجدل في أمريكا، ليس أمرا كانوا يرغبون فيه منذ البداية. قال أحد المساهمين في شركة فوكس، "أعرف عددا من الأشخاص الذين يرفضون امتلاك أسهم في فوكس. من المحتمل أن يكون هذا مشكلة إذا كنت أحد المساهمين في نيوز كورب، فأنت الآن معرض لهذه المشكلة من خلال فوكس".
على الرغم من هذه المخاوف، يقول عدة مستثمرين ومحللين "إن عائلة ميردوك لديها سجل قوي في تحقيق العوائد والقيام بعمليات استحواذ ذكية"، مشيرين إلى البيع التحويلي لمعظم أصول شركة فوكس إلى شركة ديزني مقابل 71 مليار دولار، صفقة من الطراز الأول في السوق.
إيرليش، من بانك أوف أمريكا، قالت "إن ذلك التاريخ يوفر مصداقية متزايدة"، وتقدر أن صفقة توحيد "فوكس" و"نيوز كورب" يمكن أن تولد وفورات تزيد على 500 مليون دولار.
لكن منذ الخروج من صفقة ديزني وفوكس ككيان أقل حجما، تقلصت قيمها بمقدار الثلث. يجادل محللو شركة موفيت ناثانسون بأن هناك "خصم تقييم واسع" حيث يتم تداول أسهم "فوكس" بمضاعفات أقل من أربعة أضعاف أرباحها قبل الفوائد، والضرائب، والاستهلاك والإطفاء وبعد إجراء بعض التعديلات.
أثر الدومينو
يشير مصرفيون يقدمون المشورة بشأن الصفقة إلى الفرص المتاحة أمام تعاون العمليات الإخبارية لكل من الشركتين، وطرق التعمق أكثر في المراهنات الرياضية، المجال الذي يثير حماس لاكلان ميردوك. كذلك قد يساعد دمج الشركتين معا في الحفاظ على انخفاض التكاليف حيث تواجه الولايات المتحدة ركودا محتملا العام المقبل.
لكن المستثمرين والمحللين وحتى الأشخاص المقربين من عائلة ميردوك يشتبهون - أو ربما يأملون - أن الصفقة أكثر من مجرد "توحيد التكلفة" أو فرص تجميع الاشتراكات.
قال صديق قديم للعائلة، "عادة ما يكون هناك تأثير دومينو عندما يقوم كيه آر إم (كيث روبرت ميردوك) بعمل شيء ما. عليك فقط معرفة ما أول قطعة دومينو".
يتساءل المحللون في شركة موفيت ناثانسون "هل يمكن لعائلة ميردوك استخدام هذا الإعلان للبحث عن عطاءات خارجية لأصول محددة؟ نأمل ذلك بالتأكيد. رد فعلنا الأولي على هذا الدمج يتركنا في حيرة من أمرنا".
طالما أن روبرت ميردوك على قيد الحياة، فإنه يتحكم بشكل فعال في صندوق الأسرة بسبب هيكل التصويت. لكن عندما يتولى الجيل التالي زمام الأمور، تنقسم سلطة تحديد مكانة الصندوق بالتساوي بين أكبر أربعة أبناء لعائلة ميردوك، في حين أن ابنتيه الصغريين - جريس (21 عاما) وكلوي (19 عاما) - هما أيضا من المستفيدين.
لاتخاذ أي قرار، يتعين الحصول على الأقل على موافقة اثنين أو ثلاثة من الأشقاء الأكبر سنا. تغيرت التحالفات بين الأشقاء بشكل كبير على مر الأعوام. منذ صفقة ديزني انفصل جيمس عن الشركة العائلية واستقال من مجلس إدارة "نيوز كورب" في 2020، بسبب خلافات حول "محتوى تحريري معين"، ولا سيما إنكار تغير المناخ في بعض المنافذ الأسترالية.
يقول أشخاص مقربون من العائلة "إن جيمس ربما لا يزال يحاول التأثير في الاتجاه المستقبلي للشركات، على الرغم من أن خياراته محدودة، كون والده لا يزال يتحكم في الصندوق".
وضع عملية دمج "فوكس" مع "نيوز كورب" يشبه بشكل واضح وضع منافستيهما "فياكوم" وشركة سي بي إس. كلتاهما إمبراطوريتان إعلاميتان مؤلفتان من عدة أعمال تم تقسيمهما، لتتم إعادتهما معا بعد أعوام عديدة. اندمجت شركتا فياكوم وسي بي إس عبر صفقة شاملة في 2019، لتشكيل مجموعة مشتركة تمت إعادة تسميتها باراماونت. إذا كانت باراماونت توفر أي تفاصيل للمستقبل، فمن حق المساهمين أن يقلقوا. تبلغ قيمة المجموعة المدمجة 13 مليار دولار اليوم، أقل من نصف قيمة المجموعات المنفصلة قبل الصفقة.

الأكثر قراءة