موجة من النزاعات العمالية في بريطانيا .. زيادات الأجور عاجزة عن مجاراة التضخم
تواجه بريطانيا موجة من النزاعات العمالية، التي يقودها عديد من النقابات، التي تطالب بتحسين بيئة العمل، ورفع الأجور التي عجزت عن مواجهة الأسعار المرتفعة.
ويشارك عمال السكك الحديدية والعاملون في التمريض والأطباء والمعلمون، وكذلك العاملون في خدمات الطوارئ والخدمات البريدية والاتصالات في الإضرابات العمالية أو يخططون للمشاركة.
وتنتشر الإضرابات عبر شبكة النقل البريطانية، فيما يشهد منتصف الشهر المقبل الإضراب الأول لأعضاء نقابة كلية التمريض الملكية البريطانية، منذ أكثر من 100 عام، وذلك بعد أن رفضت الحكومة عرضها بإجراء مفاوضات رسمية ومفصلة كبديل للإضراب العام.
وسجل تضخم أسعار المستهلكين في بريطانيا أعلى مستوياته في 41 عاما عند 11.1 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر)، لكن أحدث بيانات رسمية للأجور، للفترة من تموز (يوليو) إلى أيلول (سبتمبر)، أظهرت ارتفاع أجور القطاع العام 2.4 في المائة سنويا، في حين زاد متوسط أجور القطاع الخاص 6.8 في المائة.
وأوضح مارك هاربر، وزير النقل البريطاني أن رواتب القطاع العام في البلاد لن تكون قادرة على مواكبة التضخم المرتفع، مؤكدا أن الزيادات لا يمكنها مجاراة معدل التضخم غير المحتمل، وفقا لـ"رويترز".
وأضاف لشبكة "سكاي نيوز" أمس، "نريد أن نمنح جميع العاملين في القطاع العام الذين يعملون بجد زيادات لائقة في الأجور. لكن لا يمكن أن تتجاوز الزيادات في الأجور معدل التضخم. ليس هناك أموال لتوفير ذلك. لم يحدث هذا حتى في القطاع الخاص".
وقال جيريمي هانت، وزير المالية في بيان الميزانية في 17 نوفمبر، إن معاشات التقاعد الحكومية ومعظم المزايا سترتفع تماشيا مع التضخم، لكنه أعلن خطة طويلة الأجل بقيمة 55 مليار جنيه استرليني "67 مليار دولار" سنويا لخفض الإنفاق وزيادة الضرائب.
وقالت نقابة عمال السكك الحديدية والبحرية والنقل إن عمال النظافة سيصبحون أحدث مجموعة من العاملين في قطاع النقل في بريطانيا تضرب عن العمل بسبب الأجور، ما يفاقم موجة من الإضرابات العمالية التي تجتاح البلاد.
وأضافت النقابة أن أعضاءها من عمال النظافة على مستوى شبكة النقل، أجروا تصويتا بالموافقة على أول إضراب لهم على مستوى البلاد، مشيرة إلى أن أكثر من ألف عامل نظافة من العاملين بعقود لحساب شركات تقدم خدمات إدارة المرافق مؤهلون للمشاركة في الإضراب.
وجاء الإعلان في الوقت الذي بدأ فيه سائقون عاملون لدى 11 من مشغلي القطارات البريطانيين إضرابا عن العمل السبت في إطار خلاف مستمر بشأن الأجور، حسبما ذكرت نقابة مهندسي القاطرات ورجال الإطفاء "أسليف".
وترغب نقابة عمال السكك الحديدية والبحرية والنقل في أن تصل أجور عمال النظافة إلى 15 جنيها استرلينيا "18.14 دولار" في الساعة، مع إجازات مرضية مدفوعة الأجر، وعطلات مستحقة ومعاشات تقاعدية أفضل.
وسيتم الإعلان عن أيام الإضراب الأسبوع المقبل.
وتعاني البلاد أزمة في قطاع التجزئة، حيث سجلت مبيعات التجزئة البريطانية انتعاشا أضعف من المتوقع في أكتوبر الماضي، ما يؤكد أزمة تكلفة المعيشة، التي تستنزف القوة الشرائية للمستهلكين.
وفي ظل تضخم مزدوج الأرقام وارتفاع الضرائب ومعدلات الفائدة، فإن معايير المعيشة في مسارها لأن تحقق أكبر تراجع قياسي.
وذكر مكتب "الإحصاء الوطني" البريطاني أنه باستثناء مبيعات الوقود، ارتفع حجم البضائع المبيعة في المتاجر وعلى الإنترنت، بواقع 0.3 في المائة، بعد تراجع بواقع 1.5 في المائة في سبتمبر الماضي، عندما تم إغلاق المتاجر بسبب جنازة الملكة اليزابيث الثانية. كان خبراء الاقتصاد قد توقعوا تحقيق مكاسب بواقع 0.6 في المائة.
وارتفعت المبيعات، بما فيها وقود السيارات 0.6 في المائة، بعد تراجع بواقع 1.5 في المائة الشهر السابق. واقترب ذلك من توقعات خبراء الاقتصاد بشأن تحقيق زيادة في المبيعات 0.5 في المائة. غير أن الانتعاش ربما يكون قصير الأجل.
وأعلن جيريمي هانت، وزير المالية البريطاني، حزمة من الزيادات الضريبية وتشديد الإنفاق العام في خطة الميزانية الجديدة الخميس، في إجراءات قال "إنها ضرورية بعد الضربة التي تعرضت لها السمعة المالية للبلاد، بسبب سياسات ليز تراس رئيسة الوزراء السابقة".
وفي معرض إعلانه خطة بقيمة 55 مليار جنيه استرليني، نصفها تقريبا من الزيادات الضريبية، لإصلاح المالية العامة، قال هانت "إن الاقتصاد بالفعل في حالة ركود، ومن المقرر أن ينكمش العام المقبل، حيث يواجه متاعب مع توقعات بوصول التضخم إلى 9.1 في المائة في المتوسط هذا العام و7.4 في المائة في 2023".
وأوضحت الهيئة المعنية بمراقبة الميزانية البريطانية أن ارتفاع الأسعار سيخفض مستويات المعيشة 7 في المائة بحلول أبريل 2024، وهو العام المتوقع لإجراء انتخابات وطنية، ما سيمحو النمو الذي تحقق على مدى الأعوام الثمانية حتى 2022.
وقال مكتب الميزانية العمومية "إن العبء الضريبي سيصل إلى 37.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى مستوى مستدام منذ الحرب العالمية الثانية، في نهاية فترة التوقعات البالغة خمسة أعوام، ارتفاعا من 33.1 في المائة في العام الضريبي 2019 - 2020".