دور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية
كيانات الاقتصاد التابعة للقطاع الخاص من شركات ووحدات أعمال صغيرة، جزء لا يتجزأ من نمو اقتصادنا، لأنه يقدم السلع والخدمات للمستهلكين، وفي الوقت نفسه يسهم في الإيرادات الضريبية للميزانية العامة، أي أنه يضمن تدفقا فعالا لرأس المال في تمويل البنية الاجتماعية والاقتصادية الأساسية، ويولد الوظائف، ويعمل بطريقة عكسية أيضا في توفير الموارد اللازمة للإنتاج، كما أنه أساسي في إدخال التكنولوجيا الجديدة إلى الأسواق، وفي رفاهية المجتمع وتحسين ظروفه المعيشية.
نظريا يتعين أن يتلقى القطاع الخاص القليل من التمويل الحكومي ما لم يكن له أهمية ملحة في تقديم خدمات أساسية للمستهلكين ولا يقدمها القطاع الخاص، لأن تمويله يتعين أن يتولد من القطاع الخاص نفسه من خلال البنوك التجارية، ومن المساهمين ومن الأسواق المالية والسندات والصكوك، أو مزيج مما سبق، وعلى الرغم من ذلك لا يمكننا تعميم كثير من المفاهيم النظرية على الاقتصادات النفطية، التي تقودها الحكومة، أي أن الحكومة تسيطر على الاقتصاد، ولا سيما مثل دول الخليج التي لا تمتلك تاريخا تجاريا كبيرا حتى إن كانت هناك أسر تجارية، إلا أنها محدودة من حيث العدد تاريخيا، لذا تولت دول الخليج قيادة الاقتصاد من خلال القطاع العام والشركات الحكومية الكبرى، التي تعمل وفق أسس تجارية إلى حد كبير، وفي الوقت نفسه تعمل الحكومات على نقل ملكية الشركات والكيانات العامة للقطاع الخاص عبر الأسواق المالية أو عبر نماذج أخرى، كطرح مشاريع ينفذها القطاع الخاص في مقابل أن الحكومات تقدم الدعم المالي، وضمان تغطية فجوة التسعير - إن وجدت - كأسلوب تحفيزي للاستثمار مثل الكهرباء والمياه، وتشغيل المطارات والخدمات الأساسية الأخرى، إضافة إلى نموذج الشراكة بين القطاع العام والخاص لبناء البنية التحتية الأساسية، وهي ركيزة للنمو الاقتصادي والتنمية.
على أيه حال، ليس هناك أسلوب لنقل الثروة إلى القطاع العائلي في النموذج الاقتصادي الخليجي إلا من خلال تدرجنا في تطبيق سياسات مالية تستهدف زيادة ممارسة العمل التجاري، وريادة الأعمال، وتحمل الحكومة مخاطر تمويل الأعمال الصغيرة والريادية على وجه التحديد، ويعد ما سبق منهجيات لتنويع قاعدة الاقتصاد، ولتحفيز إنتاجية وتنافسية القطاع الخاص، التي بدورها تساعدنا على التنمية الاقتصادية، وتماشيا مع ما تم ذكره من النموذج الخليجي هناك متلازمة اقتصادية تصيب الاقتصاد الخليجي، مهددات ناشئة من القطاع المالي وفقاعات أسعار للأصول والمساكن، تعرض الاقتصاد لانتشار الصدمات الاقتصادية وتضعف جاذبية الاستثمار للقطاعات الإنتاجية والتجارية والخدمية الأخرى، لذا تأتي أهمية احتواء هذا النوع من الصدمات عبر توزيع التمويل بين القطاعات بالتساوي، ومنح الأولوية الأعلى للقطاعات التي تزيد من السعة الاقتصادية على مستوى التوظيف، وتحقيق ناتج محلي إجمالي متوازن وصحي ومحفز لنمو القطاع الخاص بطريقة شمولية، ومن الجدير بالذكر هنا، أن متابعة تحقيق أهداف التنمية مع قيادات القطاع الخاص في الغرف التجارية يلعب دورا حيويا في التنمية الاقتصادية.