ضحايا الاقتصاد
في كتاب جديد بعنوان، "فاجعة علم الاقتصاد، كيف يتسبب الاقتصاديون في أذى على الرغم من محاولتهم لأعمال طيبة؟" ?The Tragic Science: How Economists Cause Harm Even as they aspire to do good لأستاذ الاقتصاد George DeMartino في جامعة دنفر.
جاء في بالي مراجعة سريعة للكتاب على أثر تساؤل من أحدهم حول معقولية توجه "الفيدرالي" في أمريكا لرفع الفائدة بسبب أن مستوى البطالة منخفض وبالتالي أحد الأهداف المرحلية على الأقل ارتفاع البطالة، خاصة لأناس عادة في أدنى السلم المعيشي أو حتى تخفيض الفائدة الذي أفاد ملاك الأصول مثل الأسهم والعقارات، ما أسهم في الفجوة بين الفقراء والأغنياء. يبدأ الكتاب باتهام الاقتصاديين بجهل يصعب إصلاح نتائجه، كما تعاملت السياسات العامة مع إفرازات الأزمة المالية العالمية أو تحدي التضخم حاليا. الخيار الصعب دائما بين الفني والأخلاقي.
الإشكالية المعرفية أن النتائج الحقيقية للسياسات تعتمد على رد فعل تصرفات الأفراد والتي يصعب توقعها سلفا. لإيضاح الفكرة يذكر الفرق بين "المخاطرة" و"عدم اليقين" فممكن تقدير احتمال ركود اقتصادي في العام المقبل بنسبة 50 في المائة، ولكن لا يمكن تقدير نسبة الاحتمال لحرب في أوروبا بعد 80 عاما. يقول الكاتب، إن الاقتصاديين يأخذون بالاحتمالات على الرغم من عدم معرفتهم بالحقائق. يوظف الاقتصاديون آلية التكلفة - الفائدة للتحليل والمفاضلة بين خيارات السياسة العامة، فمثلا يسن نظام للحد من الوقود للسيارات الذي ينتج عنه توفير للمستهلكين، إضافة إلى فائدة تقليص العوادم، ما يجعل القرار صائبا. نقد الكاتب لهذه الآلية يعود إلى نقطتين، الأولى: معرفية، بمعنى كيف للاقتصادي تقدير التأثير المالي لأفراد مختلفين في استعدادهم وحالتهم؟ فالتقنية عامل يصعب تحديد تأثيره، فلم يتوقع أحد تأثير فتح التجارة على اقتصادات بعض الأقاليم والمدن والعمال فيها. الثانية: أخلاقية، فأحيانا تكون الحسابات غير مربحة، فمثلا ممكن تنفيذ مشروع توسع في نقل الكهرباء يكون مربحا ماليا، ولكنه يجر تكاليف صحية أو بيئية غير منظورة على السكان في المراحل الأولى. لا يعتقد الكاتب أن لديه آلية سحرية للتعامل مع هذه التعقيدات، ولكن يدعو الاقتصاديين لتوخي الحذر، بل يذكر حلولا مقترحة على طريقة رفع كفاءة أفراد المجتمع من خلال توفير حد أدنى من الضروريات في المأوى والغذاء والصحة حتى الترفيه لتكامل الحياة الكريمة. ولكن أيضا في نظر الكاتب هذه الطريقة تساعد، ولكن ينبه إلى أن النمو الاقتصادي لا يكفي. فمثلا يقول، إن الاقتصاديين غالبا لا يعطون أهمية كافية للتفريق بين الأذى المترتب على بعض السياسات وعدم مساعدة المتضرر.
كحل للكثير من هذه العيوب يقترح ما يسميه: "صنع القرار في ظل حالة عدم يقين مستمرة، وعي بمدى الصعوبات في ضعف توظيف الماضي للتنبؤ بالمستقبل، خاصة أن كثيرا من التوقعات لا يمكن أن يكون خطأ ويصعب معرفة نقاط الانعطاف والتحول". المهم أن يستطيع الاقتصاد توفير مزيد من المرونة، لكي يتعامل مع مدى أوسع لكثير من الاحتمالات. الكاتب واع بمدى صعوبة التوصل إلى بديل عن التحليل الاقتصادي التقليدي، ولكن يقول، إن بإمكاننا توفير حلول أمثل للجميع، يريد التركيز على مصالح الناس وليس الرفاهية العامة. مع تكاثر التحديات الكونية مثل المناخ، حتى التضخم من المهم فرز من المستفيد ومن المتضرر وتعويض مجز للمتضرر؟. كتاب جيد لإعادة التركيز ومراجعة التفريق بين النواحي المعرفية والأخلاقية، ولكن النقد والمقترحات العملية في غالبها ليست جديدة.