سباق الرقائق الإلكترونية العالمي .. أوروبا تجاهد للحاق بالركب

سباق الرقائق الإلكترونية العالمي .. أوروبا تجاهد للحاق بالركب
سباق الرقائق الإلكترونية العالمي .. أوروبا تجاهد للحاق بالركب

على حافة غابة هادئة على بعد ساعة بالسيارة من شتوتجارت، حيث تتلوى مسارات المشي عبر الأشجار والتلال المنحدرة بلطف، يقع أحد الأسلحة الأوروبية السرية في السباق العالمي لتطوير أشباه الموصلات الأكثر تقدما في العالم.
أوبركوشين، بلدة صغيرة يبلغ عدد سكانها 8000 شخص فقط في ولاية بادن فورتمبيرج الجنوبية الغربية، وهي المقر الرئيس لشركة كارل زيس إس إم تي، الشركة المصنعة الوحيدة للمرايا والعدسات المستخدمة في أكثر معدات صناعة الرقائق تقدما في العالم. مراياها وعدساتها فائقة الدقة، دقيقة للغاية لدرجة أنها قادرة على تحقيق دقة تفوق دقة تلسكوب جيمس ويب الفضائي بمائتي مرة.
يقول بيتر وينينك، الرئيس التنفيذي لشركة أيه إس إم إل، التي تتخذ من هولندا مقرا لها ولديها احتكار عالمي في تصنيع آلات الطباعة الضوئية الفائقة فوق البنفسجية "إي يو في" اللازمة لصنع الرقائق المتطورة، وهي من أهم عملائها، إن شركة زايس تتمتع "بكفاءة فريدة".
دون بصريات زايس، يقول إن شركة أيه إس إم إل لا تستطيع صنع آلاتها إي يو في، التي تستخدم الأشعة فوق البنفسجية للمسح الضوئي لتصميمات الرقائق على رقائق السيليكون على نطاق صغير للغاية. ودون آلات أيه إس إم إل، سيكون من المستحيل صنع الرقائق الأكثر تقدما واللازمة للتقنيات المستقبلية كالذكاء الاصطناعي والقيادة الذاتية والحوسبة الكمية.
تعد معدات صناعة الرقائق المتقدمة إحدى نقاط القوة الخفية في أوروبا حيث تحاول الدول في جميع أنحاء العالم الاستحواذ على حصة من الصناعة التي تقع في صلب الاقتصاد الحديث التي أصبحت مرتبطة بشكل متزايد بالمخاطر الجيوسياسية.
يتم توزيع النظام البيئي لأشباه الموصلات في أوروبا عبر الاتحاد الأوروبي. تشمل قصص النجاح عديدا من اللاعبين العالميين. فشركة آرم هي المزود الرائد لمعالجات آي بي للهواتف المحمولة في العالم، وهي موجودة في أكثر من 95 في المائة من الهواتف الذكية العالمية.
لكن نقاط الضعف الاستراتيجية لا تزال في المجالات الرئيسة. إذ تظل القدرة على تصميم الرقائق محدودة في كل من الوجود والنطاق.
رغم عديد من مواقع التصنيع، فإن منشأة واحدة فقط في أيرلندا لديها القدرة على إنتاج رقائق أقل من تقنية 10 نانومتر - ولم يتم تشغيل ذلك بالكامل بعد. كما كان الاستثمار في المواد الكيميائية وموردي المواد اللازمة لإنتاج الرقائق متقطعا ومتخلفا عن نظرائهم الإقليميين.
تجاوزت سوق أشباه الموصلات 500 مليار دولار لأول مرة في 2021 ويقدر أن تصبح صناعة تصل قيمتها إلى تريليون دولار بحلول 2030، وفقا لمكنزي.
إن تايوان هي المركز العالمي لصناعة الرقائق الأكثر تقدما. وفيما يتعلق بأشباه الموصلات التي تقل عن 10 نانومتر، وهي الإصدارات الرائدة من التكنولوجيا تمتلك تايوان حصة تزيد على 90 في المائة من السوق العالمية.
لكن المخاوف المتزايدة بشأن شكل من أشكال التدخل العسكري الصيني في تايوان دفعت الحكومات من الولايات المتحدة واليابان وعديد من الحكومات عبر أوروبا إلى المسارعة لتحفيز التوسع في إنتاج الرقائق في دولها، ما أثار مخاوف من أن كثيرا من الطاقة الإنتاجية ستتدفق في الوقت نفسه.
بالنسبة إلى عديد من الدول، تعد أشباه الموصلات مسألة تتعلق بالأمن القومي حيث تعتمد قطاعات كبيرة من الاقتصاد بشكل متزايد على الوظائف التي تقوم بها. وقد أضر النقص الحاد أثناء الجائحة بالإنتاج في مجموعة واسعة من الصناعات العالمية من الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر الشخصية إلى الخوادم والسيارات.
أوروبا مصممة على عدم التخلف عن الركب مع تسارع هذا السباق.
في وقت سابق من هذا العام، كشفت المفوضية الأوروبية عن خطة لاستثمار 43 مليار يورو في محاولة لإغراء أكبر صانعي الرقائق في العالم لإنشاء مصانع في الاتحاد الأوروبي. وتعهدت شركة إنتل، عملاق الرقائق الأمريكية، باستثمار أولي قدره 33 مليار يورو في الاتحاد الأوروبي، بما فيه 17 مليار يورو لموقع ضخم في ألمانيا. تعمل شركات تصنيع الرقائق الأوروبية مثل إس تي مايكروإلكترونكس وإنفنيون على توسيع منشآتها في أوروبا. يحاول الاتحاد الأوروبي أيضا إغراء شركة تي إس إم سي، وهي أكبر صانع للرقاقات بموجب عقود في العالم، لتأسيس شركات واسعة النطاق فيه.
تأمل بروكسل أن تضاعف الاستثمارات حصة الاتحاد الأوروبي في سوق أشباه الموصلات العالمية من أقل من 10 في المائة في الوقت الراهن إلى 20 في المائة بحلول 2030. لكن الأهم من حصتها في السوق هو تقليل اعتماد الاتحاد الأوروبي على المنتجين في آسيا مثل "تي إس إم سي" و"سامسونج" في وقت يمكن أن تشكل فيه التوترات بين الشرق والغرب تهديدا محتملا للمعروض.
فهناك ما لا يقل عن 81 منشأة رقاقات جديدة سيتم بناؤها بين عامي 2021 و2025، وسيتم بناء عشرة في أوروبا، مقارنة بـ14 في الولايات المتحدة و21 في تايوان، وفقا لأحدث البيانات في شهر سبتمبر من إس إي إم آي، وهي مؤسسة لصناعة أشباه الموصلات مقرها في الولايات المتحدة.
إلى جانب الأسس المتينة للقارة في المواد الكيميائية والمواد، ستكون الشركات مثل كارل زيس إس إم تي وإيه إس إم إل وسلاسل التوريد الخاصة بها أساسية لطموح أوروبا لتصبح واحدة من أهم موردي الرقائق المتطورة في العالم.
لكن لا تزال هناك فجوات مهمة في سعي أوروبا لإنتاج أشباه الموصلات. فرؤوس الأموال المطلوبة هائلة. نبهت الشركات التي تتطلع إلى إمداد مصانع الرقائق من عدم وجود عدد كاف من العمال المهرة للحفاظ على استمرار عمل مصانعهما.
يقول لارس ريجر، كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة إن إكس بي سيميكوندكتورز في هولندا: "ما إذا كان بإمكاننا الوصول إلى حصة سوقية قدرها 20 في المائة بحلول 2030 هو شيء غير معروف، لكن هناك ضغط متزايد لأن عدم القيام بأي شيء سيزيد الوضع سوءا حتى".
قال وينينك من شركة إيه إس إم إل: "إن الأمر كله يتعلق بالصلة. إذ إنه ينبغي عليك أن تظل ذا صلة بالسياق الجيوسياسي".
هل هذا منطقي؟
لم تحظ خطة أوروبا الطموحة لصناعة الرقائق الدقيقة التي وضعت وفقا لقانون الرقائق الأوروبي بقبول عالمي.
أشار بعض المنتقدون، من بينهم المسؤولون التنفيذيون في الصناعة، إلى أن أوروبا كانت تهدر أموال دافعي الضرائب. يقولون إن الأفضل من ذلك بكثير هو إنفاق الأموال على توسيع طاقتها في تكنولوجيا الرقائق المتقدمة التي تستهلكها الصناعات الأوروبية الخاصة مثل تطبيقات السيارات والتطبيقات الصناعية عوضا عن أن تتحمل التكاليف الهائلة المترتبة على محاولات تطوير أحدث أنواع الرقائق. كان التراجع في صناعة الهواتف المحمولة في أوروبا قد أدى إلى ترك القارة دون وضوح لوجود عملاء للرقائق المتطورة.
مع ارتفاع تكلفة إنتاج رقائق أكثر تعقيدا، "أصبحت أعداد أقل من الشركات قادرة على مواكبتها"، كما يقول أحد المسؤولين التنفيذيين في إحدى شركات الرقائق. "إن كثيرا ممن انسحبوا من السباق كانوا في أوروبا".
ترك ذلك سلسلة التوريد في أوروبا تفقد بعض الإمكانات الأساسية اللازمة لتصنيع أشباه الموصلات المتقدمة.
أشار يانج وانج، كبير المحللين في شركة كاونتربوينت ريسيرتش الاستشارية في لندن، إلى أنه لا توجد شركات في أوروبا لتصميم الشرائح تعمل في إصدارات عقد تكنولوجيا 7 نانومتر وأقل.
قال أيضا: "لا يوجد في أوروبا حتى واحدة من أفضل عشر شركات في العالم لتصميم الرقائق، بينما تتصدر الولايات المتحدة العالم في تصميمات أشباه الموصلات".
لدى الاتحاد الأوروبي حاليا مجموعات من سلاسل توريد أشباه الموصلات، مثل لوفين في بلجيكا ودريسدن في ألمانيا وجرينوبل في فرنسا، لكن سيتعين على أوروبا مضاعفة قدراتها في تصميم الرقائق والاستثمار في البيئة الحيوية لصناعة الرقائق المتقدمة إضافة إلى الاستثمار في صنع الرقائق نفسها، حسب قول خبراء الصناعة.
كما يعد التمويل أيضا عاملا حاسما. فكلما زاد تقدم الشريحة المصنوعة، كانت العملية أكثر استهلاكا لرأس المال. مثلا، سيكون الإنفاق الرأسمالي لشركة تي إس إم سي 36 مليار دولار لـ2022، حيث أعلنت الشركة هذا الشهر خططا لمضاعفة استثماراتها في ولاية أريزونا ثلاث مرات من 12 مليار دولار إلى 40 مليار دولار في الأعوام المقبلة، حيث ستجلب أيضا تقنية 3 نانومتر الأكثر تقدما بحلول 2026.
كما أصدرت الولايات المتحدة هذا العام قانون الرقائق والعلوم الخاص بها، وهو حزمة بقيمة 52.7 مليار دولار من الحوافز والإعفاءات الضريبية.
يقول التنفيذيون في الصناعة إن بناء سلسلة توريد معقدة كتلك المطلوبة لتكنولوجيا الرقائق الأكثر تقدما سيستغرق عدة أعوام وسيتطلب مزيدا من الدعم من قبل دافعي الضرائب. كانت دول مثل الصين وتايوان وكوريا الجنوبية قد استثمرت المليارات على مدى عقود لدعم مصنعي الرقائق لديها.
قال جان مارك شيري، الرئيس التنفيذي لشركة إس تي مايكرو إلكترونيكس في جنيف التي تورد الرقائق لأسواق السيارات والأسواق الصناعية بتقنيات متقدمة بشكل أساسي: "يعد قانون الرقائق الأوروبي أداة رائعة، لأنه يضعنا على المستوى نفسه من الحوافز مع بقية العالم. لكن إذا كان علينا بناء تكنولوجيا متقدمة ومصانع ضخمة (...) حينها لن تكون تنافسية جدا".
لكن أوروبا لن تبدأ من الصفر.
سيطرة الاتحاد الأوروبي على معدات الرقائق المتقدمة إحدى الميزات المهمة. وباستخدام آلات إي يو في من شركة أيه إس إم إل، أصبح بإمكان أكبر صانعي الرقائق في العالم مثل "تي سي إم سي" و"سامسونج" و"إنتل" أن تتغلب على قيود الفيزياء، من خلال تعبئة مزيد من ترانزستورات المعالجة على الشرائح الأصغر فالأصغر حجما. حيث كان أحدث ما توصل إليه الإنتاج بكميات كبيرة اليوم هو 3 نانومتر وهو إشارة إلى حجم كل ترانزستور موجود على الشريحة لكن التكنولوجيا تعمل على خفض هذه السماكة إلى 2 نانومتر أو أقل من ذلك.
يقول توماس ستاملر، كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة زايس: "دون آلات إي يو في، لم نكن لنتمكن من الحصول على هذه الكثافات العالية من الترانزستورات على الشرائح. ونظرا لأننا الجهة الوحيدة المزودة لآلات إي يو في، فإننا نعد هذا أيضا التزاما منا للتوسع في صناعة الرقائق ودعمها (...) وقد بدأنا العمل على تطوير الجيل التالي من آلات إي يو في".
إضافة إلى شركتي أيه إس إم إل وزايس، التي تمتلك أيه إس إم إل فيها حصة 25 في المائة، تعد شركة ترامف الألمانية شركة عالمية رائدة في مجال الليزر الذي تستخدمه أجهزة إي يو في. فعند 220 ألف درجة مئوية، تعد البلازما التي تنتجها أشعة ترامف الليزرية المستخدمة لتوليد ضوء الأشعة فوق البنفسجية أكثر سخونة بنحو 40 مرة من حرارة سطح الشمس.
هذه التكنولوجيا المتقدمة تمكن أجهزة إي يو في اليوم من مساعدة شركات مثل أبل كي تضغط ما يصل إلى 16 مليار ترانزستور في وحدة المعالجة المركزية لجهاز ماك بوك، مقارنة بضغط 1000 ترانزستور في الأجهزة الإلكترونية في السبعينيات.
كما تتمتع أوروبا بميزة كبيرة تتمثل في قدرتها على إنتاج المواد الكيميائية والمواد الأخرى شديدة التخصيص والمعقدة المستخدمة في صناعة الرقائق المتقدمة. وتأتي هذه المواد بشكل أساسي من عدد قليل من الشركات الأوروبية مثل ميرك وبي أيه إس إف وسولفاي، ومن شركات يابانية مثل جيه إس آر وشين إتسو كيميكال.
كما أن لديها أحد أهم مراكز الأبحاث في العالم في مركز آي إم إي سي، وهو مركز أبحاث لتكنولوجيا النانو خارج بروكسل يستخدمه أكثر صانعي الرقائق تقدما لبناء نماذج أولية. ومن بين مراكز الأبحاث المشهورة عالميا معاهد فراونهوفر الألمانية ومعهد سي أيه إي - ليتي الفرنسي للأبحاث.
لكن التحديات ما زالت قائمة. إذ تستثمر دول أخرى أكثر بكثير من تلك الموجودة في أوروبا في بناء قدراتها الخاصة لصناعة الرقائق، كما بدأت النظم البيئية فيها تتطور حول المصانع الجديدة.
كان موردو المواد الكيماوية والمواد الأساسية في أوروبا أبطأ في الاستثمار من نظرائهم في الولايات المتحدة وتايوان. يشير بعض المختصين في الصناعة إلى أن السبب في هذا يرجع إلى قانون الرقائق الأوروبي الذي لا يغطي الاستثمار في مرحلة ما بعد صناعة الرقائق بشكل كاف، أو لأن اللوائح البيئية الأوروبية تجعل توسعة المرافق الكيميائية أكثر صعوبة. وبالطبع، أدت أزمة الغاز في أوروبا إلى ارتفاع أسعار الطاقة العالية أصلا، ما أجبر صناعة الكيماويات كثيفة الاستهلاك للطاقة في الاتحاد الأوروبي على إيقاف أو تعليق صنع بعض المنتجات. يقول التنفيذيون في الصناعة إن التوسع في أوروبا في الوقت الحالي ليس جذابا دون وجود حوافز قوية.
صرح رودريجو إليزوندو، رئيس شركة سولفاي تكنولوجي سولوشنز، لـ"فاينانشيال تايمز": "إن توريد المواد الكيميائية لمصانع أشباه الموصلات الجديدة يتطلب استثمارات في الأصول المخصصة. لذلك، فإن الافتقار إلى الدعم من الدولة سيشكل بالتأكيد عقبة أمام موردي المواد الكيميائية. من وجهة نظرنا، فإن عدم وجود إمدادات إقليمية قوية للمواد الكيميائية سيعرض بالتأكيد عمليات مصانع أشباه الموصلات الأوروبية للخطر".
تتوقع كل من "بي أيه إس إف" و"سولفاي" نقصا في المواد الكيميائية والمواد الأخرى في الأعوام المقبلة وذلك عندما تتطور القدرات الجديدة للرقائق، ما لم يتم الاستثمار في هذه المجالات.
يقول لوثار لوبيشلر، نائب الرئيس الأول للمواد الإلكترونية في "بي أيه إس إف": "الجميع يتحدث عن تصنيع أشباه الموصلات، لكنهم لم يولوا اهتماما كافيا للمواد الكيميائية اللازمة لإنتاج هذه الرقائق الدقيقة. يبدو أنه ينظر إلى المواد الكيميائية كالماء أو الكهرباء، عندما تفتح الصنبور سيخرج منه الماء مباشرة، لكن هذا تصور خاطئ".
يضيف كاي بيكمان، عضو المجلس التنفيذي لشركة ميرك والرئيس التنفيذي لقسم الإلكترونيات فيها: "نحن بحاجة إلى النظر في هذا الأمر سوية مع الاتحاد الأوروبي، لأننا نتحدث عن مواد عالية التخصص التي قد لا تتمكن الطموحات الأوروبية من تحقيقها".
البحث عن الموظفين
تواجه أوروبا مشكلة جوهرية أخرى: العثور على عدد كاف من العمال المهرة. وجدت دراسة استقصائية أجرتها هيئة العمل الأوروبية عن أكبر نقص في العمالة في الاتحاد الأوروبي أن العجز في المهندسين والفنيين وهم ركائز صناعة الرقائق، كان من بين أكبر أربعة أوجه قصور في المواهب في عشر دول.
شركات مثل إنفينيو الألمانية، وإدواردز فاكيوم في المملكة المتحدة، التي تعد المكون الأساسي ومزود النظام الفرعي لشركة أيه إس إم إل، وأيه تي آند إس في النمسا، وهي واحدة من الموردين الرئيسين لركائز الرقائق المتطورة التي يتم تركيب أشباه الموصلات عليها، حذرت من أن المواهب الأجنبية ستكون بالغة الأهمية في التطور المستمر واستدامة صناعة أشباه الموصلات في أوروبا.
يقول أندرياس جيرستنماير، الرئيس التنفيذي لشركة أيه تي آند إس، إن شركته تكافح للعثور على 800 عامل مؤهل تحتاج إليهم لمركز البحث والتطوير الجديد في النمسا. قال: "علينا أن نتواصل مع العالم من أجل توظيف الكفاءات، لأن الخبرة والتكنولوجيا في ركائز الرقائق ليست متاحة هنا حتى الآن".
يقول مارتن شتوكل، رئيس الموارد البشرية بشركة إنفينيون، إن سلسلة التوريد بأكملها ستطارد الكفاءات نفسها، الأمر الذي سيزيد الأمور سوءا. قال: "إن مشكلة نقص الكفاءات في أوروبا خطيرة. فإذا أجريت عملية حسابية سريعة، فسنقوم نحن في إنفيرنيو ببناء مصنع جديد، كما أن شركة إس تي مايكرو إلكترونيكس وإنتل تتوسعان كذلك. سنحتاج - نحن الشركات - إلى آلاف المهندسين والفنيين على الأقل في الأعوام المقبلة".
لكن التنفيذيين في الصناعة يقولون إنهم بعيدون كل البعد عن خسارة المعركة.
رغم كل التحديات، فإن التنفيذيين في الصناعة ما زالوا متفائلين بشأن مستقبل أوروبا في هذه الصناعة الحيوية. حيث لا يعد وجود شركات مثل أيه إس إم إل زايس وترامف بداية سيئة.
قال أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة إنتل: "احتفظت أوروبا على مر الأعوام بقوة حقيقية في تصنيع معدات أشباه الموصلات. منحها ذلك بالفعل فرصة للعودة والدخول إلى السوق التي لم تكن لتحصل عليها لولا ذلك. ودون هذه الأساسات، لكان من الصعب جدا على أوروبا أن تعود".

الأكثر قراءة