معاقبة الابتكار .. شركات التكنولوجيا الناشئة أمام معضلة
ناشدت أكثر من عشر شركات ناشئة بارزة في المملكة المتحدة رئيس الوزراء ريشي سوناك لإعادة النظر في التخفيض المقترح للإعفاءات الضريبية على البحث والتطوير، بحجة أن هذه الخطوة "ستعاقب" الشركات المبتكرة وتلحق ضررا بمكانة المملكة المتحدة باعتبارها وجهة رائدة لمجموعات التكنولوجيا.
أعاد المستشار جيريمي هانت صياغة النظام الحكومي للإعفاءات الضريبية على أنشطة البحث والتطوير في بيان الخريف، ما يقلص التخفيضات المتاحة للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم في محاولة لتقليل المطالبات الاحتيالية، مع زيادة الائتمانات للشركات الكبرى.
لكن الإجراءات، التي سيعمل بها في الأول من نيسان (أبريل) 2023، ستقلل فعليا من الدعم المقدم لشركات التكنولوجيا البريطانية في مراحلها المبكرة العاملة في تكنولوجيات "عميقة" مكلفة مثل الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية، وتكنولوجيا المناخ في وقت تكافح فيه الشركات الناشئة لجمع المال بسبب تباطؤ في تمويل رأس المال المغامر.
يشارك مؤسسو شركة وايفي الناشئة للقيادة الذاتية، وشركة إنتاج اللحوم الاصطناعية هوكستون فارمز، ومجموعة الأدوية الجينية أوكري بيو ضمن 13 شركة في الضغط على سوناك وهانت ووزراء آخرين، في محاولة منسقة.
في خطاب أرسل الأسبوع الماضي، اطلعت عليه "فاينانشال تايمز"، احتجت الشركات على التغييرات التي تصل إلى خفض مليار جنيه استرليني من تمويل "الشركات البريطانية الواعدة والمبتكرة".
قال أليكس كيندال، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لـ"وايفي"، الذي نسق الخطاب مع شركة فورم فينتشرز الاستثمارية في التكنولوجيا، "لقد رأينا خطابا قويا جدا من الحكومة بأنها داعمة للابتكار، ما يدفع المملكة المتحدة لتكون واحدة من أفضل البيئات إذا كنت تريد القدوم وإنشاء شركة. يبدو هذا كأنه تراجع عن موقفها في ذلك الخطاب وعن تلك الاستراتيجية، وهو أمر مخيب للآمال أن نشهده".
بصفتها شركة ناشئة خاسرة، قال كيندال إن "وايفي" تلقت تخفيض 33 في المائة على تكاليف البحث والتطوير، وهي نسبة ستتقلص إلى 19 في المائة في إطار خطط وزارة الخزانة الأخيرة. كما أضاف كيندال أن أغلبية مبلغ 260 مليون دولار الذي جمعته الشركة منذ 2017 ينفق على البحث والتطوير، ما يتركها مع "زيادة سريعة وغير متوقعة في الالتزامات الضريبية".
حصلت "أوكري بيو"، شركة تعمل على تطوير علاجات لأمراض الكبد، على إعفاءات ضريبية بقيمة مليون جنيه استرليني العام الماضي، لكنها ضاعفت عملياتها ثلاث مرات منذ ذلك الحين. وفقا لمؤسس الشركة ورئيسها التنفيذي، جاك أوميرا، كان من المتوقع أن تتلقى نحو ثلاثة ملايين جنيه استرليني في 2023 و2024، رقم سيتم "خفضه إلى النصف" بموجب الإجراءات الجديدة.
قال أوميرا، "إذا تم سحب الدعم فجأة، سيجبرنا ذلك على الخروج لجمع الأموال في وقت سابق لأوانه. مع وجود أسواق رأس المال المغامر حيث هي اليوم، الترويج المبكر يشكل مخاطرة كبيرة لشركة ناشئة".
انسحب أصحاب رأس المال المغامر من الاستثمار في شركات التكنولوجيا الخاصة هذا العام بسبب الحذر من التضخم المرتفع، وارتفاع أسعار الفائدة والحرب في أوكرانيا. أدى ذلك إلى تقليص الشركات الناشئة لإنفاقها بخفض التكاليف وتسريح الموظفين في محاولة لجعل التمويل الحالي يستمر لفترة أطول.
طالبت الشركات البريطانية بمبلغ 6.6 مليار جنيه استرليني من دعم الإعفاء الضريبي للبحث والتطوير من 2020 إلى 2021، بانخفاض 6 في المائة عن العام السابق.
وفقا لتوقعات مكتب مسؤولية الميزانية، فإن التغييرات التي أجرتها وزارة الخزانة على إعفاءات البحث والتطوير ستوفر 1.3 مليار جنيه استرليني سنويا بحلول 2027 - 2028.
قالت فيكتوريا أتكينز من وزارة الخزانة لمجلس العموم في تشرين الثاني (نوفمبر)، إن 200 مليون إلى 300 مليون جنيه استرليني من هذا سيكون خفضا في الاحتيال والخطأ، ما يعني أن أكثر من مليار جنيه استرليني سيتم خفضها من المطالبات الحقيقية.
في الأسابيع الأخيرة، التقت شركات التكنولوجيا وزراء كبار، بمن فيهم أتكينز وأوليفر دودن، مستشار دوقية لانكستر، لتوضيح قضيتها.
في خطاب لاحق، اطلعت عليه "فاينانشال تايمز"، قال دودن لأوميرا من "أوكري بيو"، إن الحكومة ستقيم "أفضل السبل لضمان دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة عالية الجودة في مجال البحث والتطوير".
قال أنتوني ووكر، نائب الرئيس التنفيذي لـ"تيك يو كيه"، هيئة تجارية لصناعة التكنولوجيا، "إن هذا الدعم مهم حقا لمجموعة كبيرة من الشركات الصغيرة التي تركز على البحث والتطوير ولديها القدرة على التوسع بسرعة. دعونا نتعامل مع الدعم بمهارة بدلا من مجرد خفضه".
قالت وزارة الخزانة، "إن مراجعتنا المستمرة للإعفاءات الضريبية على أنشطة البحث والتطوير تضمن إنفاق أموال دافعي الضرائب بأكبر قدر ممكن من الفاعلية مع تعزيز الابتكار والإنتاجية في المملكة المتحدة".
"أكد مكتب مسؤولية الميزانية أن التغييرات لن تقلل من استثمار الشركات في البحث والتطوير عموما، وبمبلغ 20 مليار جنيه استرليني، فإن ميزانيتنا للبحث والتطوير عند أعلى مستوى شهدته هذه الدولة على الإطلاق".