عاصفة أمريكية تدعم أسعار النفط لليوم الرابع .. المعنويات المتفائلة تعود بقوة
تلقت أسعار النفط الخام دعما جيدا لليوم الرابع على التوالي، مدفوعة ببرودة الطقس الشديدة في الولايات المتحدة مع تحرك عاصفة شتوية باتجاه أمريكا الشمالية، من المحتمل أن تؤثر في الولايات المتحدة كاملة، حيث تتسبب في حدوث عواصف ثلجية.
كما تؤدي زيادة الطلب على الوقود بسبب موسم السفر والإجازات المرتبط بعطلة نهاية العام إلى دعم الأسواق، إضافة إلى بيانات حديثة كشفت سحبا أكبر من المتوقع من مخزونات النفط الخام الأمريكية.
وأسهمت التوقعات في ارتفاع أسعار النفط في العام المقبل في سيطرة المعنويات الصعودية المتفائلة على سوق النفط الخام، خاصة مع إعادة فتح الصين بعد إغلاق مشدد بسبب مكافحة جائحة كوفيد - 19، فيما توقعت بنوك استثمارية دولية ارتفاع أسعار النفط مع انتعاش النشاط الاقتصادي الصيني في العام المقبل.
وفي هذا الإطار، قال مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة "إن المعنويات المتفائلة تعود بقوة إلى سوق النفط الخام وتدعم عودة المكاسب السعرية القوية خاصة إذا تجاوزت الصين أزمة كوفيد بشكل كامل، ما يضيف كثيرا من الطلب إلى السوق".
وأضاف أن "إعادة فتح الصين ستؤدي إلى استمرار الزيادة المطردة المحتملة في الطلب العالمي على وقود الطائرات نحو مستويات ما قبل الجائحة، ما يدفع الأسعار إلى الارتفاع بسبب تقلص المعروض النفطي، خاصة الإصدارات المنسقة من احتياطيات البترول الاستراتيجية من قبل عديد من الحكومات التي لن تكون موجودة في العام المقبل".
من جانبه، يرى أندرو موريس مدير شركة بويري الدولية للاستشارات أن العقوبات المفروضة على النفط والغاز الروسيين من المفترض أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل قوي في العام الجديد، مشيرا إلى توقع بنك أوف أمريكا أن يتخطى سعر خام برنت 90 دولارا للبرميل بشكل سريع، على خلفية حذر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من إضافة زيادات جديدة لأسعار الفائدة، وإعادة فتح اقتصادي ناجح في الصين.
ونوه بأن الأسعار قد تقفز فوق مائة دولار للبرميل في ضوء انخفاض الإمدادات النفطية الروسية بنحو مليون برميل يوميا بالتزامن مع تنفيذ تحالف "أوبك +" خفضا في المعروض بمليوني برميل يوميا لتعزيز التوازن في السوق والتعاطي مع تحديات ومخاوف الركود التي سيطرت على السوق في الفترة الماضية.
بدوره ذكر أندريه جروسي مدير شركة إم إم إيه سي الألمانية أن أغلب التقارير الدولية المعنية بالقطاع تتحدث عن طلب قوي على النفط ونمو في مستوى الأسعار لـ2023 بقيادة نمو الطلب القوي في الصين والهند، في مرحلة التعافي بعدما تخلت العقود الآجلة للنفط الخام عن جميع مكاسبها تقريبا لهذا العام مسجلة أكبر خسائر أسبوعية لها منذ أكثر من ثمانية أشهر، بينما خففت إعادة تشغيل خطوط الأنابيب الرئيسة من مخاوف الإمدادات.
وسلط الضوء على ما ورد في النشرة الدورية لمنظمة أوبك التي تحدثت عن اتخاذ المنظمة قرارات جريئة وسريعة في التعامل مع مستجدات السوق وسهلت التوافق على أكبر وأطول تعديلات في الإنتاج في تاريخ الصناعة، بهدف إعادة الاستقرار إلى سوق النفط الخام التي شهدت كثيرا من التقلبات المتلاحقة.
بدورها، ترى ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة أفريكان إنجنيرينج الدولية، أن السعودية تقوم بإسهامات قوية في مجال دعم انتقال الطاقة الشامل والعادل وتلعب دورا رئيسا في مساندة بقية دول تحالف "أوبك +" على اتباع النهج نفسه، مشيرة إلى أن "أوبك" تعمل الآن مع شركاء بارزين من خلال التحالف، ما أسهم في إنقاذ سوق النفط من الأزمات الحادة السابقة المرتبطة بوباء كوفيد والحرب الأوكرانية التي هيمن تأثيرها على السوق على مدار 2022.
ونوهت بقدرة المنظمة ونجاحها في فترات الأزمات الحرجة التي خاضتها السوق في ضبط الإنتاج وتجنب انهيار السوق، موضحة أن الإجراءات غير المسبوقة من التحالف شهد بنجاحها كثيرون من أطراف الصناعة، مثمنين دورها في توفير منصة للاستقرار والانتعاش التدريجي.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار الخام لليوم الرابع على التوالي مع تزايد شح مخزونات الخام وزيت التدفئة ووقود الطائرات في الولايات المتحدة، في الوقت الذي تجتاح فيه عاصفة شتوية البلاد ويتجه السفر إلى الارتفاع في موسم العطلات.
وبحلول الساعة 04:22 بتوقيت جرينتش، زادت العقود الآجلة لخام برنت 44 سنتا، أو ما يعادل 0.54 في المائة، إلى 82.64 دولار، موسعة مكاسب بلغت نحو 2.7 في المائة، من الجلسة السابقة. وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 49 سنتا، أو 0.63 في المائة، إلى 78.78 دولار.
وقفزت عقود الخامين الأربعاء بعد أن أظهرت بيانات حكومية تراجع مخزونات الخام الأمريكية بمعدل أكبر بكثير مما توقعه المحللون، إذ انخفضت 5.89 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 16 ديسمبر. كما تراجعت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل زيت التدفئة ووقود الطائرات، خلافا لتوقعات ارتفاعها.
ويأتي انخفاض المخزونات مع توقع ارتفاع الطلب على زيت التدفئة في ظل العاصفة الشتوية القوية التي تجتاح الولايات المتحدة. ومن المتوقع أيضا أن يرتفع استهلاك وقود الطائرات مع انتعاش السفر ما بعد جائحة فيروس كورونا مع حلول موسم عطلة نهاية العام.
ومع ذلك، فإن مخاوف الطلب الناتجة عن زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا في الصين والقلق من ركود عالمي قد تكبح العقود الآجلة للنفط.
وقال مسؤول كبير في منظمة الصحة العالمية الأربعاء "إن الصين ربما تواجه صعوبة في الإحصاء الدقيق للإصابات، فيما تشهد البلاد ارتفاعا كبيرا في الحالات".
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 79.36 دولار للبرميل مقابل 78.13 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس، "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني ارتفاع عقب عدة تراجعات سابقة على التوالي، وإن السلة خسرت بضعة سنتات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 79.97 دولار للبرميل".