أثر الكلمة الطيبة
يطلق البشر يوميا ملايين الكلمات إلا أن كل كلمة تحمل مشاعر مختلفة، فبعض الكلمات روتينية ليس لها وقع على الطرف الآخر، في حين أن بعضها يكون له أثر جميل في النفس، وبعضها له أثر سلبي تختلف حدته حسب طبيعة تلك الكلمات، فمنها ما يمر مرور الكرام، ومنها ما هو شديد الخطورة بالغ التأثير، ولذا فإن اختيار الكلمات يعد أمرا بالغ الأهمية على ضوء ما ثبت شرعا وعقلا من تأثيرها في المتلقي.
الحق سبحانه وتعالى أمر بالكلمة الطيبة، "وقولوا للناس حسنا". وقال سبحانه، "ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة ... الآية". وفي السنة النبوية كثير من الأحاديث تحض على الكلمة الطيبة وحفظ اللسان. يقول صلى الله عليه وسلم: "... والكلمة الطيبة صدقة ... الحديث"، وفي حديث آخر: "اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة".
فوائد القول الحسن والكلمة الطيبة أكثر من أن تحصى، فهي شعار لمن ينطق بها تكشف في الأغلب عن سريرته، فإن كان يحمل بين جنبيه قلبا نقيا محبا للآخرين، فإنه لا ينطق إلا بجميل الكلام الذي ينثر الفرح والأنس لمن حوله والعكس صحيح.
الكلمة الطيبة تحيل العدو إلى صديق، تمسح دموع المحزونين وتصلح بين المتخاصمين. هي غذاء للأرواح المتعبة وشفاء لما في الصدور. وإذا كانت المباني العظام لا تقوم إلا على أساسات متينة، فإن الكلمة الطيبة هي الأساس القوي الذي تبنى عليه علاقات المودة والحب والرحمة بين الناس. هي التي من خلالها يمكن تهيئة الجو المناسب للعلاقة بين الأزواج، بل بين البشر كافة.
إنها شعبة من شعب الإيمان وصدقة لا تكلف دينارا ولا درهما، تصقل النفوس كما يصقل المعدن الثمين. إنك لتعجب حين ترى من يبخل بالكلمة الطيبة مستبدلا إياها بكلمات فظة غليظة غير موزونة، ينتج عنها تبعات كثيرة وقد تورث هما وغما وحزنا على الآخرين ويعقبها التوتر والإحباط والقلق، في حين أن الكلمة الطيبة تظهر آثارها النفسية والجسدية لا على الآخرين فحسب، بل حتى على قائلها أيضا، فهي تزيد من إفراز هرمونات السعادة في الجسم محققة لصاحبها التوازن والاستقرار النفسي.
وإن كان يقال عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، فإنه يمكن أيضا أن يقال، "خاطب الناس كما تحب أن يخاطبوك".