ظاهرة الاكتناز

يختلف الناس اختلافا كبيرا فيما بينهم في عديد من الظواهر والطباع على ضوء ما أودعه الله فيهم من خصائص، وعلى ضوء طبيعة التنشئة والبيئة التي ترعرعوا فيها. وتأتي ظاهرة الاكتناز التي تتمثل في الحرص الشديد على اقتناء الأشياء والاحتفاظ بها كواحدة من هذه الظواهر التي قد ترقى إلى أن تكون متلازمة مرضية، تعرف بمتلازمة الاكتناز القهريCompulsive Hoarding Syndrome، التي يعرفها علماء الطب النفسي وطب الأعصاب، بأنها الإفراط في تجميع وتكديس الأشياء القديمة والبالية كالجرائد والمجلات والأكياس والأجهزة والأدوات القديمة والعبوات الفارغة، مع صعوبة كبيرة في اتخاذ قرار بشأن التخلص من الأغراض غير الضرورية، ما يؤدي إلى انتشار الفوضى في مساحات المعيشة، مشيرين إلى أن هناك عدة أسباب للإصابة بهذه المتلازمة من أهمها طبيعة الشخص مثل التردد أو الحيرة في اتخاذ القرارات أو بسبب بعض الاضطرابات النفسية.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن ظاهرة الاكتناز تختلف عن هواية التجميع التي تتركز على جمع أشياء محددة ترتبط ببعضها بعضا، ومن ثم الاحتفاظ بها مع ترتيبها وتنظيمها مثل هواية جمع الطوابع أو الاحتفاظ بالسيارات القديمة ونحو ذلك. وتكمن مشكلة الاكتناز في التضييق على من في المنزل من حيث المساحة، وحرية الحركة، وقد تكون بيئة مناسبة لانتشار الحشرات والقوارض، أما لو كانت في مكان العمل، فستؤدي إلى تراكم الأوراق والملفات بشكل فوضوي، يضعف الأداء ويعيق الوصول إلى أي معلومة يرغب في الحصول عليها، علاوة على ما قد يسببه ذلك من خطورة، سواء على المستوى الشخصي أو مستوى سلامة المنشأة.
تشير الدراسات العلمية إلى أن نسبة المصابين بمرض الاكتناز القهري تبلغ بين 2 و6 في المائة من البشر. وتأتي جملة "يمكن أحتاج إليه" لتكون هي السبب الرئيس الذي يدفع البعض إلى الاحتفاظ بأشياء لا مبرر ألبتة لاقتنائها، لأنها في الواقع عديمة القيمة أو الفائدة. ولعلاج هذه الظاهرة يبرز العلاج المعرفي السلوكي كأفضل أسلوب، لذلك يتم الاستفسار ممن يعاني هذه الظاهرة عن السبب الرئيس الذي يجبره على تكديس هذه الأشياء دون توجيه أي انتقاد له، وإنما مناقشته بهدوء، ومساعدته على تعلم أساليب ترتيب وتصنيف الأشياء حتى لا تشغل مساحات كبيرة، ويمكنه التخلص من أكثرها دون أن يجد في نفسه غضاضة من ذلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي