مزيد من الحروب يعني مزيدا من التضخم «2 من 2»

ستتعرض الحكومات لعديد من الضغوط لمساعدة أولئك الذين تم التخلي عنهم، سواء من خلال خطط الدخل الأساسي، أو التحويلات المالية الضخمة، أو الخدمات العامة الموسعة إلى حد كبير. وستظل هذه التكاليف هائلة حتى لو أدى التشغيل الآلي إلى زيادة في النمو الاقتصادي. على سبيل المثال، سيكلف دعم الدخل الأساسي الشامل الضئيل البالغ ألف دولار شهريا الولايات المتحدة نحو 20 في المائة في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي.
وأخيرا، علينا أيضا خوض حرب عاجلة وحاسمة ذات صلة ضد اتساع فجوة التفاوت في الدخل والثروة. خلاف ذلك، فإن القلق الذي يشعر به الشباب وعديد من أسر الطبقة المتوسطة والعاملة سيستمر في إثارة رد فعل عنيف ضد الديمقراطية الليبرالية ورأسمالية السوق الحرة. لمنع الأنظمة الشعبوية من الوصول إلى السلطة واتباع سياسات اقتصادية متهورة وغير مستدامة، ستحتاج الديمقراطيات الليبرالية إلى إنفاق ثروة هائلة لتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي لديها -كما تفعل عديد من الديمقراطيات بالفعل.
إن خوض هذه الحروب الخمس سيكون مكلفا، وستعمل العوامل الاقتصادية والسياسية على تقييد قدرة الحكومات على تمويلها بفرض ضرائب أعلى، وتعد نسب الضرائب على الناتج المحلي الإجمالي مرتفعة بالفعل في معظم الاقتصادات المتقدمة خاصة أوروبا، وسيؤدي التهرب الضريبي والموازنة إلى زيادة تعقيد الجهود المبذولة لزيادة الضرائب على الدخل المرتفع ورأس المال "بافتراض أن مثل هذه التدابير قد تتجاوز جماعات الضغط أو تضمن تأييد أحزاب يمين الوسط".
وبالتالي، فإن شن هذه الحروب الحاسمة من شأنه أن يزيد من الإنفاق الحكومي والتحويلات المالية كحصة من الناتج المحلي الإجمالي، ودون زيادة متناسبة في الإيرادات الضريبية. سينمو العجز الهيكلي في الميزانية بما يتجاوز حجمه الحالي بالفعل، ما قد يؤدي إلى نسب ديون غير مستدامة من شأنها زيادة تكاليف الاقتراض وتبلغ ذروتها في أزمات الديون، مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية واضحة في النمو الاقتصادي.
وبالنسبة إلى الدول التي تقترض بعملاتها الخاصة، سيتمثل الخيار المناسب في السماح بمعدل التضخم المرتفع بخفض القيمة الحقيقية للديون الاسمية طويلة الأجل بسعر فائدة محدد. يعمل هذا النهج بمنزلة ضريبة على رأس المال تفرض على المدخرين والدائنين لمصلحة المقترضين والمدينين، ويمكن دمجها مع تدابير تكميلية صارمة مثل القمع المالي، والضرائب على رأس المال، والتخلف التام عن سداد الديون "بالنسبة إلى الدول التي تقترض بعملات أجنبية أو التي تكون ديونها قصيرة الأجل إلى حد كبير أو مرتبطة بمؤشر التضخم". ونظرا لأن "ضريبة التضخم" تشكل شكلا دقيقا ومتخفيا من أشكال الضرائب ولا تتطلب موافقة تشريعية أو تنفيذية، فإنها تعد المسار الافتراضي الأقل مقاومة عندما يصبح العجز والديون غير مستقرين على نحو متزايد.
لقد ركزت بشكل أساسي على عوامل الطلب التي ستؤدي إلى زيادة الإنفاق والعجز وتسييل الديون والتضخم. لكن هناك أيضا عديدا من صدمات العرض الكلي السلبية متوسطة الأجل التي يمكن أن تزيد من الركود التضخمي الحالي، وهو ما من شأنه أن يزيد من خطر الركود وأزمات الديون المتتالية. لقد ولى الاعتدال العظيم، وأصبحت أزمة الديون التضخمية الكبرى تلوح في الأفق.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي