سوق الأسمدة وأزمة الغذاء «2 من 3»

إن الخطوة الرئيسة الأولى للحلول المطروحة لأزمة الغذاء هي ترك المجال للدول النامية في الأسواق العالمية للغاز الطبيعي والأسمدة. وبمرور الوقت، تعد زيادة الإنتاج أمرا حيويا لتحل محل اعتماد أوروبا على روسيا، لكن على المدى القصير، من المهم للاقتصادات المتقدمة أن تتجنب غلق الإمدادات الحالية من أجل الحماية المفرطة من احتمالات النقص في تلك الإمدادات. ويجري استنزاف أسواق الغاز الطبيعي من أجل التدفئة في فصل الشتاء وإنتاج الكيماويات في المستقبل، ما لا يترك سوى القليل جدا للإنتاج الحالي للأسمدة، وهو ما يؤثر بشكل غير متناسب في صغار منتجي الأسمدة.
وينبغي تجنب التكديس والزيادات في الإنتاج بزيادة الكفاءة وخفض الدعم للاستهلاك. وينطبق ذلك على عديد من أجزاء سلسلة إمدادات الطاقة، وكذلك على الأسمدة التي تشكل فيها معدلات الاستخدام جزءا مهما من الكفاءة. فهي متدنية للغاية في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، ما يؤدي إلى انخفاض غلة المحاصيل، مع استمرار ارتفاع الهدر في أجزاء أخرى من العالم على الرغم من ارتفاع أسعار الأسمدة. ويرجع هذا جزئيا إلى إعانات دعم المحاصيل. ويبلغ متوسط معدل استخدام الأسمدة في إفريقيا جنوب الصحراء 22 كيلوجراما للهكتار مقابل متوسط عالمي أعلى سبع مرات "146 كيلوجراما للهكتار". وتقترب بعض الدول، مثل الصين وشيلي، من 400 كيلوجرام للهكتار الواحد. وفي المتوسط على مستوى العالم، يسهم أقل من نصف الأسمدة النيتروجينية المستخدمة في الزراعة في نمو النباتات، فيما يتسبب الباقي في تلويث مجارينا المائية. وهناك عدة تفسيرات للاستخدام المفرط للأسمدة من جانب المزارعين الأعلى دخلا. الشائعة التي تقول إن استخدام الكثير أفضل هو أحد التفسيرات. ولا تمثل الأسمدة عاملا كبيرا من عوامل التكلفة نظرا إلى وجود مدخلات أخرى مثل العمالة والمعدات، وبالتالي فإن الكمية المستخدمة حاليا أقل تمحيصا. ومن الصعب تغيير الممارسات الزراعية. وثمة عامل آخر هو دعم المحاصيل التي تستهلك كثيرا من الأسمدة. ففي 2020، استخدمت الولايات المتحدة قدرا من النيتروجين فقط للذرة المحروقة لصنع الإيثانول نصف كل النيتروجين المستخدم في مختلف أنحاء إفريقيا لأغراض زراعية.
"قدرة العالم على إعادة تنظيم سلاسل إمداد الطاقة والأسمدة سريعا بطرق تتيح المجال للمزارعين الأكثر فقرا، أحد العوامل المحددة لطول أزمة الغذاء في إفريقيا وشدتها ونزوح سكان المناطق الريفية الذين يتعرضون بالفعل إلى ضغوط جراء تغير المناخ". ويجب على إفريقيا أن تساعد على هذه المواءمة بتحسين تجارتها الداخلية وحواجزها اللوجستية. وتنتج القارة نحو 30 مليون طن متري من الأسمدة سنويا، أي ضعف ما تستهلكه. ومع ذلك، فإن نحو 90 في المائة من الأسمدة المستهلكة في إفريقيا جنوب الصحراء مستوردة، معظمها من خارج القارة. ويعكس ذلك أوجه القصور في تكاليف الشحن والموانئ، وسلاسل التوزيع، وتوافر المعلومات، والاحتكاكات التجارية الأخرى.
ويحتاج كل عامل إلى بذل جهود منسقة من جانب الدول الإفريقية لإصلاح النظام. إن التدابير الأفضل في البنية التحتية للتجارة وفي تيسير التجارة، مثل القواعد المنسقة، لها دور مهم. وعندما يكون الإنتاج المحلي مجديا من الناحيتين الفنية والاقتصادية، يمكن أن يكمل التجارة بتقليص تكاليف النقل والخدمات اللوجستية. وتم أخيرا افتتاح مصنع كبير لسماد اليوريا في نيجيريا لتحويل الغاز الطبيعي إلى سماد، لكن جزءا منه يستخدم لدعم المشترين النيجيريين الذين يفتقرون إلى الكفاءة، ويتم تصدير جزء كبير منه إلى أمريكا اللاتينية، ما يترك المزارعين في إفريقيا يعتمدون على أسواق أخرى... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي