«مورجان» يتفوق على «جولدمان» بحيلة بيبسي
حين تسوء الأمور يكون الوضع سيئا بما فيه الكفاية، لكنه أسوأ حتى حين يبلي منافسك القديم بلاء أفضل. هذا كان حال "جولدمان ساكس" الأسبوع الماضي، عندما أعلن مصرف الاستثمار الشهير في وول ستريت نتائج مالية سيئة، وهبط سعر سهمه هبوطا حادا، في حين قفز سعر سهم "مورجان ستانلي".
لم يستطع جيمس جورمان الرئيس التنفيذي لـ"مورجان ستانلي"، مقاومة الاحتفال بالنصر، حيث أدرج بطاقات الائتمان والقروض الشخصية في آخر تحديث لاستراتيجيته من بين الأعمال التي "لا يحب امتلاكها"، التي كبدت "جولدمان" خسارة ثلاثة مليارات دولار في محاولة غير مجدية للتنويع. ديفيد سولومون نظيره في "جولدمان"، رد مدافعا "لسنا في عقد زواج مع الأشياء. نحن على استعداد للتغيير".
نجح الزواج من أساليب وول ستريت لمصلحة "جولدمان" لفترة طويلة. كان يتمتع برؤية تتسم بالوضوح والتصميم ولم تحظ بالقبول دائما، لكنها حققت أرباحا عالية. مثل "أبل" و"كوكاكولا" و"تسلا"، لا يخفى على أحد ما قدمه "جولدمان"، وقد قدمه بكفاءة عالية، بصرف النظر عن الأزمة المالية العرضية. سواء أحببته أم كرهته، كان مجموعة تدب الرعب.
لكن "مورجان ستانلي" طبق حيلة شركة بيبسي، "بيبسيكو"، على "جولدمان": كوكاكولا تتفوق على بيبسي في بيع المشروبات الغازية لكن "بيبسيكو" تملك أعمالا تجارية كبيرة أيضا في الوجبات الخفيفة المالحة، بعد أن اندمجت مع شركة فريتو لاي في 1965 وتوسعت منذ ذلك الحين. ما يمثل المقابل للوجبات الخفيفة في "مورجان ستانلي" هو إدارة الثروة والاستثمار، التي يقدرها المستثمرون لأنها أكثر ثباتا من التداول المالي.
يوجد تاريخ يذكر هنا. شق "جولدمان" طريقه من كونه تاجر أوراق تجارية متواضعا إلى منافسة "مورجان ستانلي"، أرقى ضامن سندات في وول ستريت. كما بزغت مصارف أخرى مثل "جيه بي مورجان"، الذي انفصل عنه "مورجان ستانلي" في 1935. لكن اطلب من الناس ذكر مصرف استثماري وسيأتيك الجواب من أغلبيتهم: "جولدمان ساكس".
وضوح الرؤية جذاب، وحينما كان "جولدمان" شراكة خاصة، كان بوسعه تحديد مصيره بنفسه. لكن لأن شركاءه فضلوا تقلبات الخدمات المصرفية الاستثمارية على وساطة التجزئة، كان هذا هو الوضع: لم يعودوا بحاجة إلى اللعب بأمان، مثل "مورجان ستانلي". لكن عندما طرح "جولدمان" أسهمه للاكتتاب العام في 1999، وضع نفسه في أيدي المساهمين، غير الراضين الآن.
من الصعب تغيير الأعمال تغييرا جذريا. كان هناك صدام ثقافي رهيب بين القديم والجديد في مجال التمويل بعد اندماج "مورجان ستانلي" مع "دين ويتر ديسكفر"، مجموعة وساطة التجزئة وبطاقات الائتمان، في 1997. كتب جون ماك، الرئيس التنفيذي السابق لـ"مورجان ستانلي"، عن تلك الفترة المضطربة في سيرته الذاتية، "لم أنس أبدا مدى الاستياء الذي شعرت به آنذاك".
هذه الضربات شائعة، كما أشار سولومون الأسبوع الماضي. عليه أن يعرف ذلك، فقد اعتاد أن يعمل مصرفيا في عمليات الاندماج والاستحواذ، وتلقى "جولدمان" 58 مليون دولار مقابل تقديم المشورة لشركة تونتي فرست سينتشوري فوكس بشأن بيع أصولها البالغة 71 مليار دولار لـ"ديزني" في 2019. حصل "جولدمان" على مبلغ باهظ لدرجة أن نيلسون بيلتز، المستثمر الناشط، هاجم "ديزني" لأنها تركت نفسها مع "ميزانية عمومية رديئة".
لكن المجازفة تستحق العناء أحيانا، خاصة إذا كان البديل غير مقبول. استغرق الأمر وقتا طويلا ومنعطفات عديدة لاستقرار "مورجان ستانلي" -استقالة ماك وعودته، وإفلاس المصرف الوشيك في الأزمة المالية 2008 - 2009، وعمليات الاستحواذ الأخرى لإدارة الثروات- لكنه التف على تمسك "جولدمان" بالتقاليد.
من المفيد ألا يكون باطن الشخص المسؤول متمسكا بأساليب وول ستريت القديمة. بخلاف الرؤساء التنفيذيين في "جولدمان" مثل لويد بلانكفين سلف سولومون، لم يظهر رئيس "مورجان" التنفيذي جورمان في القطاع المصرفي بصفته تاجر سندات أو مصرفي اندماج واستحواذ. فقد أدار أعمال وساطة التجزئة في شركة ميريل لينش لفترة، وقبلها عمل مستشارا استراتيجيا في شركة ماكنزي وشركاه.
ساتيا ناديلا، رئيس "مايكروسوفت" التنفيذي، لا يأبه أيضا بالتكيف مع ما يفضله المستثمرون. بدلا من التنافس المباشر مع "أبل" و"جوجل" الذي امتازت به فترة "مايكروسوفت" تحت إدارة بيل جيتس مؤسسها المشارك وخليفته ستيف بالمر، اتجه ناديلا نحو أعمال الحوسبة السحابية الأكثر استقرارا.
يبدو هذا كأنه النظام الطبيعي: عند وجود خصمين، غالبا ما يتنافس أحدهما تقليديا والآخر بتكييف نفسه. يمكن أن ينجح كلا النهجين، إذ تظل "كوكا كولا" و"بيبسيكو" منافستين متقاربتين، وتعد "أبل" و"مايكروسوفت" من بين أكثر الشركات قيمة في العالم. هناك مجال للتنوع في استراتيجية الأعمال المتبناة.
يجب أن يبعث هذا الطمأنينة لـ"جولدمان"، الذي ليس في ورطة في النهاية. فقد حقق أرباحا قوية من صافي إيرادات بلغت 47 مليار دولار العام الماضي، وهو، إلى جانب "جيه بي مورجان"، على رأس قائمة أعلى المصارف الاستثمارية، التي تشغل بال المصرفيين، كما أصلحت بعض الأضرار التي لحقت بسمعته في الأزمة المالية.
لكن الأزمة أظهرت أيضا أن المصارف الاستثمارية كانت هشة وتحتاج إلى أن تصبح أكثر استقرارا، ببلوغ ما هو أبعد من وول ستريت. أجرى "مورجان ستانلي" إعادة للهيكلة بسرعة، في حين ظل "جولدمان" حذرا، وأطلق تدريجيا حسابات التوفير "ماركوس"، وبطاقات ائتمان "أبل" و"جنرال موتور"، والقروض الأمريكية عبر الإنترنت، بنتائج سيئة. لقد سار بحذر، لكنه نجح في إفساد الأمور.
ربما تظن أن مصرفا استثماريا يوظف آلافا من مصرفيي الاندماج والاستحواذ والمتخصصين في تمويل الشركات سيعرف الإجابة، لكن يبدو أن "جولدمان" يحسن تقديم المشورة إلى الآخرين بدلا من مساعدة نفسه.