صناعة التشفير تنفض الغبار عن نفسها .. بيتكوين عادت للصعود
يعكف معدنو العملات المشفرة على إعادة تشغيل أجهزتهم مع ارتفاع سعر بيتكوين، الذي يمثل طوق نجاة لأعمالهم التي تمر بضائقة مالية.
خرجت قيمة الرمز المميز من حالة الركود لترتفع أكثر من الربع هذا العام مقابل الدولار، ما حفز أصحاب المستودعات الضخمة من خوادم التعدين على تعجيل استخدامها في المعركة للحصول على مزيد من عملات بيتكوين.
ارتفع متوسط معدل الهاش، أو معدل تجزئة بيتكوين، أو قدرة المعالجة الموجهة من أجل تعدين بيتكوين، إلى رقم قياسي بلغ 280 إكساهاش أو كوينتيليون عملية في الثانية في 20 كانون الثاني (يناير)، وفقا لبيانات من "هاشريت إنديكس"، خدمة لعرض معلومات التعدين.
الارتفاع المفاجئ في النشاط يدل على أن القطاع المتضرر ربما يعود إلى الحياة بعد أن طاله ارتفاع تكاليف الطاقة وانخفاض سعر العملة المشفرة. ارتفع مستوى النشاط أكثر من الضعف من نقطة منخفضة في تموز (يوليو)، عندما تعرضت سوق العملات المشفرة لأزمة ائتمانية.
يتسابق المعدنون مع بعضهم بعضا لحل ألغاز التشفير، التي تتحقق من صحة المعاملات وإنشاء كتلة جديدة في البلوكتشين، دفتر الأستاذ للصفقات. هذا يجعلهم الضامنين بأن صفقات بيتكوين جديرة بالثقة في نظام لا يتطلب طرفا ثالثا مثل المصارف والبورصات. يكافأ الفائز بعملات معدنية جديدة.
يتفادى كثيرون استخدام كميات كبيرة من معدات التعدين والقدرات، التي تم شراؤها بأموال رخيصة في 2021 وأوائل 2022 أملا في تحقيق ربح من ارتفاع أسعار العملات المعدنية. لكن أسعار بيتكوين انخفضت 65 في المائة العام الماضي وارتفعت أسعار الطاقة، ما أجبر شركات عديدة على إطفاء الخوادم لتوفير المال. لم تستطع شركات أخرى، مثل "كور ساينتيفك"، تحمل الضغط وقدمت طلبا للإفلاس.
قال جاران ميلرود، المحلل في "هاشريت إنديكس": "المعنويات بين المعدنين أحسن مما كانت منذ وقت طويل. بالنسبة لعديد من الشركات المهددة بالإفلاس الزيادة المفاجئة في سعر بيتكوين تمثل طوق نجاة".
عزز الانتعاش تفاؤل المستثمرين في الشركات المدرجة مثل "ماراثون ديجيتال هولدنجز"، ارتفعت 155 في المائة هذا العام، و"هوت ايت" صعدت 134 في المائة.
لكن لا يزال أمام المعدنين شوط طويل للابتعاد عن شفير الهاوية. تشغيل خوادمهم مكلف. تعمل خوارزمية على ضبط "مستوى الصعوبة" لتعدين بيتكوين عند دخول أجهزة حاسوب جديدة إلى الشبكة أو الخروج منها، للتأكد من تعدين الرمز المميز في فترات منتظمة، كل عشر دقائق تقريبا.
أدى توافد المعدنين الغفير إلى رفع هذا المستوى. وبحسب موقع بي تي سي دوت كوم، أصبح يتطلب من المعدنين 37 تريليون هاش، أو تخمين رقم قياسي قبل التحقق من الكتلة، لذا يستهلك الذين يخفقون كميات أكبر من الطاقة دون مقابل.
كما أنهم يواجهون ضغوطا من السياسيين في جميع أنحاء العالم، الذين يرون أن حواسيب المعدنين تمتص كميات كبيرة من الطاقة أو تستنزف الموارد المحلية أو تضر بالبيئة. يرى آخرون في الأرباح التي يحققونها أصولا يفترض أن تخضع للضريبة.
منعت المقاطعتان الكنديتان، كولومبيا البريطانية ومانيتوبا، إضافة توصيلات جديدة إلى شبكتيهما الكهربائيتين لمدة 18 شهرا، في حين قدمت "هيدرو كيبك"، شركة الكهرباء العامة في كيبك، طلبا لإعادة تخصيص 270 ميجاواط من الطاقة التي خصصتها سابقا لصناعة تعدين العملات المشفرة.
في كانون الأول (ديسمبر)، وافق مجلس النواب في كازاخستان التي تحتضن ثالث أكبر حصة في العالم من نشاط التعدين، على مشروع قانون يفرض ضريبة الشركات على المعدنين ويحد من استخدامهم للطاقة.
قال جو بورنيت، المحلل في شركة استشارات التعدين بلوك وير سولوشنز: "أصبح المعدنون انتقائيين بحذر بشأن مكان تأسيس بنيتهم التحتية. قبل بضعة أعوام كان الناس يركزون فقط على الطاقة الرخيصة، لكن الآن أصبح البحث عن الولاية القضائية السياسية الأكثر ملاءمة، التي لن تغلق عملياتنا، أمرا مهما أكثر".
يقول المعدنون إنهم أصبحوا مستهدفين بطريقة ظالمة. وقدرت "بيتكوين ماينينج كاونسيل"، مجموعة خاصة بالصناعة، في تموز (يوليو) أن ما يقل عن 60 في المائة بقليل من استخدام طاقة التعدين عالميا كان مستداما، على الرغم من أن مركز كامبريدج للتمويل البديل يفيد بأن النسبة تقدر بنحو 37 في المائة.
قال سمير تابر، كبير الاستراتيجيين في "بت ديجيتال"، شركة تعدين لها عمليات في نيويورك وتكساس ونبراسكا وجورجيا: "هناك حجة بيئية مزيفة ضد صناعة التعدين. يبدو أنه مهما يفعل معدنو بيتكوين، حتى لو استخدمنا مصادر طاقة متجددة 100 في المائة، فلا شيء مقبول".
ستطلق "إركوت"، المنظمة التي تدير شبكة الكهرباء في تكساس، برنامج تخفيض طوعي للجهات التي تستهلك كميات هائلة من الطاقة، مثل معدني بيتكوين، يهدف إلى تقليل استخدامهم للطاقة خلال فترات ارتفاع الطلب، حتى تضع نظاما دائما للتعامل مع النقص.
لكن الوقت العصيب هذا ربما يتيح فرصة غير متوقعة. بإمكان المعدنين المرتبطين باتفاقيات شراء الطاقة، التي تثبت السعر الذي يدفعونه، بيع الطاقة مرة أخرى إلى الشبكة. حصلت "رايوت" على 4.9 مليون دولار و"هايف بلوكتشين" على 3.1 مليون دولار في كانون الأول (ديسمبر).
قال بورنيت: "تخفيض الاستهلاك هو مستقبل التعدين. إذا لم يكن ذلك منطقيا من الناحية المالية للمعدنين، فيمكنهم أيضا بيع الطاقة مرة أخرى إلى أحد ما".