حق الطريق
هناك أمور في الحياة يشترك فيها كل الناس وليست حكرا على أحد دون أحد ومن تلك الأمور الطريق، وهو الذي لا غنى للناس عنه، ومع ذلك تجد من يتصرف وكأن الطريق ملك له وحده دون سواه. يقف الجميع أمام إشارة المرور باحترام وانتظام فيأتي من لا يراعي حق الطريق ولا حقوق الآخرين، ليتجاوز الجميع ويقف بمركبته بطريقة عنترية معيقا انسيابية الحركة ومعرضا نفسه والآخرين إلى الخطر، ألا يحق أن يقال في مثل هذا إن رصيده من الأخلاق "صفر". ومثله من يندفع بسيارته يمنة ويسرة في الطرق العامة.
إن كمال الأخلاق من كمال الإيمان ونقصها من نقص الإيمان. فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول، "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". إن للطرق حقوقا عظيمة تحفظ على الناس أخلاقهم وعلى المجتمع أمنه وترابطه ووحدة أفراده، وقد ورد ذكرها في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال، "إياكم والجلوس في الطرقات فقالوا يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها فقال -عليه الصلاة والسلام- فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه، قالوا وما حق الطريق يا رسول الله، قال غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". فلو نظرنا إلى مصطلح كف الأذى الوارد في الحديث لهالنا الأمر، فهي جملة جامعة مانعة تشمل كل أذى قد يصدر من الإنسان تجاه الآخرين سواء بالقول أو الفعل أو حتى مجرد النظر التطفلي.
إن ترويع الآمنين في الطرقات أذى كبير ولا شك ومثله من يلقي بالنفايات أو يلوث البيئة إلى غير ذلك من أنواع الأذى المختلفة، لأن للطريق حرمته ومن حرمته أن يعطى حقه. وقد شدد الشارع في حق الطريق وأظهر حجم الجزاء المترتب على ذلك فقد قال عليه -الصلاة والسلام-، "الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون درجة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" الحديث. بل بلغ الحد أن ذكر في الحديث أن رجلا غفر له بسبب إزالته غصن شوك في طريق المارة. إنها قمة البناء الأخلاقي للإنسان الذي لا ينظر إلى مصلحة نفسه فحسب، بل إلى مصلحة الآخرين أيضا.
أعط الطريق الذوق والآدابا
وارعوا حقوق الآخرين رغابا
حق الطريق رسالة لمن امتطى
ظهر الدروب يصونها جوابا