الحرب الأوكرانية تلقي بظلالها على قطاع تصنيع الفراء في اليونان

الحرب الأوكرانية تلقي بظلالها على قطاع تصنيع الفراء في اليونان
بلغت حصة اليونان في سوق الفراء الروسي 25 في المائة عام 2008

بعد عام على فرض عقوبات أوروبية على موسكو بسبب حرب أوكرانيا، تبدو صالة لعرض المعاطف المصنوعة من الفراء في كاستوريا في شمال غرب اليونان، مقفرة. فقد تبخر الزبائن الروس الأثرياء المولعون بالمعاطف المصنوعة من فراء المنك التي يندد بها المدافعون عن الحيوانات.
ويبرز داخل الصالة حيث تعرض معاطف صممها حرفيون من كاستوريا، كرسي مذهب بذراعين أشبه بعرش موضوع أمام مرآة. ويقول أحد الموظفين لـ"الفرنسية"، "كانت الزبونات الروسيات يجلسن عليه وهن يرتدين معاطفهن الجديدة، ويشعرن كأنهن زوجات القياصرة". ويضيف الرجل، آسفا "لم يعد أحد يرتاد المكان حاليا".
واضطرت مدينتا كاستوريا وسياتيستا في مقاطعة مقدونيا الغربية اللتان تشتهران منذ القرن الخامس عشر بإنتاج الفراء، لتعليق أنشطتهما التجارية مع روسيا. وبما أن الفراء يعد منتجا فاخرا، يحظر تصديره إلى روسيا حاليا.
وفي 2019، أي قبل جائحة كوفيد-19، وصلت قيمة صادرات الفراء إلى 108 ملايين يورو (115.40 مليون دولار)، بينها 44.7 مليون يورو (47.76 مليون دولار) متأتية من صادرات إلى روسيا وحدها، على ما يوضح رئيس اتحاد الفراء في اليونان أكيس تسوكاس.
وأشارت دراسة أجرتها "أرنست إند يونغ"، أن حصة اليونان في سوق الفراء الروسي بلغت 25 في المائة عام 2008، لكنها كانت قد انخفضت إلى 2 في المائة عام 2017. وساهمت الحرب في أوكرانيا التي اندلعت في 24 فبراير 2022، في تراجع مطرد لمبيعات الفراء في المنطقة الواقعة في شمال اليونان والمتاخمة لألبانيا ومقدونيا الشمالية.
ويقول تسوكاس الذي اضطر للاستغناء عن 52 موظفا في شركته، وهو ما يعادل 80 في المائة من إجمالي موظفيه، إن الصادرات لامست الصفر خلال العام الفائت. وتواجه صناعة معاطف الفراء في كاستوريا صعوبات منذ أعوام، فيما يعد حظر استخدام فراء الحيوانات مطلبا يرفعه المستهلكون في أوروبا تحديدا، مدعومين من جمعيات الرفق بالحيوان.

"معاطف من فراء المنك"

يعتاش نحو 80 في المائة من سكان سياتيستا والقرى المجاورة من هذه الصناعة، على ما يؤكد رئيس بلدية فويو كريستوس زيفكليس.
أما أبوستوليس غرافاس (47 عاما)، وهو مدير شركة عائلية في سياتيستا، فيقول إن والدي كان يعمل في مجال تصنيع الفراء، وتعلمت هذه المهنة في سن مبكرة، إلا أن الجائحة والحرب تسببتا في تدمير عملنا.
ويراوح سعر المعطف المصنوع من فراء المنك بين ألف يورو (1068 دولارا) ومئتي ألف يورو (213.71 ألف دولار) في حال كانت القطعة نادرة.
قبل بضعة أعوام، كان يربى في المنطقة 1.8 مليون حيوان منك، بينما تشير التوقعات لـ 2023 إلى تربية مليون حيوان فقط، بحسب الناطق باسم رابطة مربي المنك ميلتوس كاراكولاكيس. ومن بين 92 مزرعة لتربية المنك في المنطقة، لم يبق سوى 60 مزرعة حاليا.
واضطر نصف مصنعي الفراء البالغ عددهم أربعة آلاف في المنطقة على تغيير طبيعة عملهم، إلا أن التحول نحو نموذج اقتصادي جديد ثبت أنه مكلف جدا، بحسب كريستوس زيفكليس. ويشدد البعض على ضرورة التوجه نحو أسواق أخرى غير السوق الروسية، كتلك الأمريكية والصينية واليابانية والكورية.

"العمل في روسيا"

قرر عدد من الحرفيين المحليين نقل مهاراتهم إلى روسيا حيث انتقلوا للعمل لفترات معينة.
ويقول أبوستوليس غرافاس "نعيش حالة من اليأس، لذلك قررت التوجه إلى روسيا للعمل فيها، على غرار عدد كبير من زملائي". وتؤكد ماريا فوتيس التي تعمل في مجال تصنيع منتجات الفراء منذ عام 1979، أن الروس يبحثون عن مصنعين ذوي خبرة.    
وتقول المرأة الأربعينية التي تعمل حاليا في مشغل في تشيليابينسك يضم ثمانية موظفين بينهم ستة يونانيين "بما أن مبيعاتهم انخفضت كثيرا في اليونان، باتوا ينتجون الفراء ويبيعونه هناك".
ولا يمكن لهؤلاء الإقامة لفترة طويلة في تشيليابينسك لأن تأشيراتهم لا تتعدى الثلاثة أشهر. ويسعى بعض المتخصصين في هذا المجال إلى الاستمرار من خلال تنويع إنتاجهم في وقت يندد فيه المدافعون عن الحيوانات باستغلال المنك.
ويشير ستيليوس بوربوريس، وهو مدير تسويق في شركة بات عدد الموظفين فيها 70 شخصا في مقابل 500 شخص في السابق، إلى حل يتمثل في تصنيع منتجات من جلود الخراف الذي يعد ممارسة تحظى بموافقة أكبر من الناحية الأخلاقية.

سمات

الأكثر قراءة