كيف نجعل الأسر مستعدة للدفع دائما؟ «1 من 2»

يعد القطاع العائلي من أهم مكونات حساب الناتج المحلي، وله تأثير واسع في أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة، لأنه المحرك الأول للنمو الاقتصادي نظريا في كثير من الدول من خلال إنفاقه واستهلاكه للمنتجات والخدمات، ويمكن معرفة ذلك بالتدفق النقدي للشركات في التجارة الداخلية، وفي الوقت نفسه يمثل حجر الزاوية، أي قطاع الأسرة، في الادخار والاستثمار، ولهذا أهميته البالغة في توليد قروض المصارف، لأن معدل إقراض المصارف يعتمد بنسبة تفوق 80 في المائة على أموال المودعين، بمعنى آخر، كلما كانت الإيداعات ومدخرات الأسر أكبر وأكثر، كانت المصارف أكثر قدرة على الإقراض للأفراد والشركات.
السؤال الذي يتعين أن نجيب عنه في مقال اليوم، كيف نحمي القطاع العائلي من أي اختلالات تنظيمية أو اقتصادية أو تحديات تتعلق بمحدودية عدد المتنافسين أو الاحتكار، التي قد تخفض قوة إنفاق واستهلاك أو عدالة التوزيع الاستهلاكي بين القطاعات، وألفت الانتباه إلى أن زيادة الأسعار لأسباب غير اقتصادية تعني إضعاف قوة العملة الشرائية، وتجعل قوتها التعادلية مع الاقتصادات الأخرى لشراء المنتجات نفسها أضعف.
تراقب الحكومات من خلال صناع السياسات الاقتصادية مستويات الدخل المتبقي للأسرة أو ما يعرف بالدخل التقديري، ويمثل الأموال المتبقية بعد دفع الضرائب والرهن العقاري وتكاليف الطعام والملابس وجميع المصروفات الضرورية، وتكمن أهمية هذا الرقم في أنه يستخدم في الإنفاق على الترفيه والسياحة والسفر والكماليات والإنفاق على المطاعم للأكل خارج المنزل، إضافة إلى أن الأموال المتبقية تستخدم استراتيجيا لأي سياسات تقشفية تفرضها الحكومات في الأزمات -لا سمح الله- بما فيها الضرائب والرسوم وخدمات التأمين الإلزامية أو أي تكاليف غير قابلة للتفاوض مع القطاع العائلي.
وكلما كان القطاع العائلي يمتلك أموالا متبقية أكثر بعد تأمين الضروريات كان لديه قدرة أفضل على الادخار والاستثمار، وسينعكس أثرها على قدرة المصارف في تمويل الاقتصاد وعلى الأسواق المالية في طرح مزيد من الاكتتابات وتمويل الشركات، كما ستزيد جاذبية استثمارات الأجانب في القطاع الخدمي.
بصورة أكثر بساطة، يستخدم الدخل المتاح لحساب المصروفات الضرورية للأسرة والدخل المتبقي، أو ما يعرف بالدخل التقديري، لمعرفة القدرة على الإنفاق على الكماليات والاستثمار والادخار، ونؤكد أن هذا الرقم يمثل مستوى الرفاهية للأسرة وطنيا، إضافة إلى أنه هامش استراتيجي مهم للاقتصاديين في الحكومة أثناء الأزمات الاقتصادية.
أخيرا، بعد معرفتنا لأهمية مؤشري الدخل المتاح والتقديري أرى أهمية أن نضع نسبا مئوية وطنية يمنع تخطيها سواء من المنظمين غير الاقتصاديين أو التنفيذيين الحكوميين على مختلف مستوياتهم عند معالجتهم أي مشكلة تنموية أو اجتماعية أو عند فرض حلول لها تكلفة مالية على الأسرة، وبالتالي عند وضع عتبات مئوية لهذين المؤشرين ومراقبتهما بدقة ومن كثب، سنجعل قطاع الأسرة مستعدا للدفع دائما للأسواق بطريقة ديناميكية ودون الخوض في مدى جودة قرارات التنفيذيين أو نضج أسواقنا التي لا تزال تنمو... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي