المدارس العالمية تتحول إلى أسواق جديدة
تستهدف المدارس العالمية طبقة متوسطة متنامية في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط، بعد أن تسببت قيود كوفيد - 19 والقيود المفروضة على التعليم الأجنبي في توقف توسع الانتعاش في الصين.
تقود المؤسسات البريطانية الطريق في تحويل التركيز إلى أسواق جديدة سعيا وراء استقرار تدفقات الإيرادات. في 2019، أوردت شركة كيرنيجل للاستشارات التعليمية أن 80 في المائة من المدارس المقرر افتتاحها من قبل المؤسسات البريطانية موجودة في الصين. وفي كانون الثاني (يناير)، انخفضت تلك النسبة إلى 15 في المائة.
يستفيد هذا التحول من الطلب المتزايد على المدارس الخاصة العالمية، حيث تتوسع السلاسل في الاقتصادات الناشئة مع السكان الشباب وارتفاع مستويات الدخل مثل الهند وفيتنام ونيجيريا وكذلك اليابان والأسواق الأخرى الأكثر رسوخا. والشركات التي تدير الفروع الخارجية للمدارس القديمة والمرموقة تستفيد أيضا من هذا الاتجاه السائد.
قال خورخي أميرولا، الشريك في كيرنيجل "كل هذه المجموعات المختلفة تستفيد من الطلب المتزايد على التعليم الخاص. إن مجموعات المدارس التي تأتي أصولها من المملكة المتحدة تتوسع بسرعة كبيرة وتظهر مجموعات مدرسية أخرى في أجزاء مختلفة من العالم".
وأضاف أن "الجامعات البريطانية المستقلة في الخارج كانت في صدارة سوق المدارس الدولية الراقية المتنامية الهادفة إلى الربح". ومن بين المنافسين الشركات المدعومة من الأسهم الخاصة، مثل إنسبايرد إديوكيشن، التي تدير الواحدة منها أكثر من 90 مدرسة في عشرات البلدان، والعلامات التجارية الأوروبية أو الأمريكية الراسخة كمجموعة إس إي كيه إديوكيشن التي تتخذ من مدريد مقرا لها.
وقال "إنه كالسلم: ففي أسفله لديك آباء طموحون يختارون المدارس الخاصة التي توفر تعليما جيدا، ودرجة ما من تعلم اللغة الإنجليزية، وفي بعض البلدان النامية، بيئة أكثر أمانا". في غضون ذلك، يبحث الآباء الأثرياء عن "الأسماء الكبيرة والمؤسسات رفيعة المستوى".
توسع مقدمو خدمات التعليم العالمي في معظم المناطق في الأعوام الأخيرة. منذ 2017، ازداد عدد مجموعات المدارس العالمية في أمريكا اللاتينية بأكثر من ثلاثة أضعاف، ليصل إلى 82 مجموعة في العام الماضي، وفقاً لكيرنيجل.
قال المحللون "إن مقدمي الخدمات التعليمية سيستمرون في تحويل تركيزهم عن الصين بعد حملة بكين عليهم منذ 2021، عندما أدخلت شروطا تنظيمية جديدة على المدارس العالمية".
قال أميرولا "إن القيود تعني أن عديدا من المدارس علقت خططها تماما في الصين بعد فترة من التوسع المحموم. أدى النمو في الصين إلى زيادة قدرها أربعة أضعاف في مداخيل الرسوم للمدارس الخاصة في المملكة المتحدة في العقد الماضي"، وفقا لشركة آي إس سي ريسيرتش الاستشارية.
رغم أن التحول من الصين يوفر فرصا أقل بشكل عام، قالت شركة آي إس سي ريسيرتش الاستشارية لتزويد بيانات التعليم "إنه من المقرر افتتاح 26 مدرسة عالمية في العام الدراسي المقبل، منها 17 مدرسة بريطانية. وتتضمن أفرعا لكل من برايتون كوليدج وأوبنجهام ورايجيت جرامر في فيتنام، وكينجز سكول كانتربيري في كمبوديا ومدرسة مالفيرن كوليدج في باربادوس".
في الهند، يتم افتتاح مدارس جديدة من قبل مدرسة هارو الدولية في المركز التكنولوجي الجنوبي في بنجالورو ومن قبل كلية ويلينجتون في بيون، بالقرب من مومباي. قال موراي تود، رئيس مدرسة بيون، "إن ويلينجتون انجذبت إلى الاقتصاد الديناميكي في الهند"، وأضاف أن "المدرسة تستهدف السكان المحليين والوافدين الذين يتطلعون إلى تشابك الثقافتين البريطانية والهندية قبل التقدم للالتحاق بالجامعات العالمية".
لن تدار المدرسة مباشرة من قبل ولينجتون بل من قبل مجموعة يونيسون، وهي شريك هندي يدير المدارس والجامعات، إضافة إلى كونها شركة عقارية.
إن هذا النموذج المثالي للمدارس في الخارج التابعة للمدارس البريطانية الخاصة. عادة ما تحصل شركة تابعة لمؤسسة المملكة المتحدة على 2 - 6 في المائة من الإيرادات السنوية من المشغل المحلي المرخص، ثم تتبرع بهذا لمدرسة المملكة المتحدة التي لا يمكن أن تدر أرباحا كمؤسسة خيرية مسجلة. قال تود "إن تمويل المنح لطلاب المملكة المتحدة الفقراء هو دافع حقيقي".
أشارت شركة كيرنيجل إلى أن نحو نصف الشركات التي تدير المدارس البريطانية عبر العالم هي في الأصل شركات تطوير عقارية، وبعضها يدمج المدارس في مشاريع أوسع. قال أميرولا "لقد بدأت الشركات وهي لا تعرف شيئا عن المدارس، لكن العلامات التجارية البريطانية دربتهم على ذلك".
يمكن للمدرسة الأم اتباع نهج العلاقات المستقلة أو ممارسة مزيد من الرقابة. إذ قالت ماريا أختر، مديرة الشراكات العالمية في مدرسة داون هاوس، "إن مجلس إدارة المدرسة كان حمائيا للغاية لعلامتها التجارية. إن مدرسة البنات، التي لديها أيضا حرم في الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، تدرس عروضا لست أو سبع مدارس في الهند"، وأضافت أختر "إن كثيرا من المستثمرين حريصون للغاية".
يختلف هذا النهج عن الشركات التي تقدم الخدمات التعليمية مثل نورد أنجليا وإنترناشونال سكولز بارتنرشيب، اللتين تتوسعان من خلال عمليات الاستحواذ أو تطوير الأراضي الجديدة وتدير المدارس بشكل مباشر. "إن المشغلين التجاريين يعرفون أين توجد الفرص لعمليات الاندماج والاستحواذ". وفقا لما قاله أسومول.
وأضاف أنه "بينما كانتا تلعبان لعبة مختلفة، وتعملان في نطاق أوسع من أسعار المدارس البريطانية، فقد كانت الاثنتان تستهدفان أسواقا متشابهة معظم الأحيان".
إن الرسوم المرتفعة المشابهة لتلك في المدارس البريطانية -التكاليف بما فيها السكن ستكون 12 ألف جنيه استرليني سنويا في ويلينجتون بيون و19 ألف جنيه استرليني سنويا في مدرسة رجبي الجديدة في اليابان- لا تردع الآباء المحتملين.
قال هيروشي سوزوكي، وزير تعليم سابق يشغل الآن منصب عضو مجلس إدارة فرع مدرسة رجبي الياباني، "إن وصول مزيد من المختصين العالميين إلى جانب الآباء اليابانيين الذين يريدون مزيدا من فرص التعليم أدى إلى زيادة الطلب".
سارة فوراتا، التي تبلغ من العمر 11 ربيعا، والتحقت بمدرسة دولية في اليابان منذ سن الرابعة، ستبدأ في مدرسة رجبي في طوكيو في شهر أيلول (سبتمبر). فقد اختارت والدتها إيمي فراتا المدرسة بعد اجتماع مع توني داربي مدير المدرسة، وهو مدرس سابق في فرع المدرسة في المملكة المتحدة. قالت "لقد تحدثنا كثيرا لمساعدتنا في التعرف على المدرسة".
سارة متحمسة لإمكانية الحصول على مزيد من الخيارات في مواضيع كالفنون أو الرياضة، قائلة "يمكنك أن تفعل ما تحب بحرية أكبر مما يتاح لك في المدارس اليابانية".