هيئة للتجارة الداخلية

تسير السعودية على مسار صحيح للتنوع والانتقال نحو عصر ما بعد النفط من خلال أكبر خطة تحول اقتصادية في العالم، حيث تدفع بوحداتها الاقتصادية من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد مخطط من أجل الوصول في نهاية المطاف إلى اقتصاد موجه نحو السوق، لذا يظهر نمط الإدارة الاقتصادية والتنظيمية في المملكة أن هيئاتها المنظمة والمشرفة على الأعمال والقطاعات الاقتصادية يتمحور دورها في تحقيق أربع وظائف رئيسة، أولا: تطبيق تنظيمات ولوائح القطاع بما فيها المخالفات. ثانيا: حماية مصالح المستهلكين والمستثمرين العادلة والمتكافئة. ثالثا: زيادة جاذبية القطاع استثماريا عبر تعزيز المنافسة والتنافسية. رابعا: تحسين مؤشرات النمو الكلي للقطاع.
هيئة الاتصالات على سبيل المثال تقود قطاع الاتصالات وتطبق تنظيمات ولوائح القطاع وتحمي مصالح المستهلكين والمستثمرين، وتزيد جاذبية الاتصالات استثماريا وتحسن مؤشرات النمو الاقتصادي في القطاع، والأمر ينطبق على الهيئات التي تشرف على القطاعات الاقتصادية المختلفة، استشهدت بهيئة الاتصالات بهدف توضيح وتقريب صورة الدور الاقتصادي والتنظيمي للهيئات وهي جزء من مقالة كتبتها في يوم السبت الخامس من كانون الثاني (يناير) 2019 بعنوان "الهيئات في إدارة الاقتصاد"، وألفت النظر إلى أن هيئة الاتصالات أصبحت معنية أيضا بالفضاء تحت مسمى "هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية"، وبهذا المسمى الجديد يمكن الاستدلال على أن استراتيجية الفضاء ستتمحور حول الاتصالات والتقنية.
وفي السياق نفسه: يعزى نجاح الاتصالات إلى نموذجها الذي يتكون من وزارة ثم هيئة منظمة للقطاع وهي من التجارب الناجحة في تاريخنا الاقتصادي والتنظيمي للوحدات الاقتصادية، لذا يمكننا استنساخ النموذج وتطبيقه على التجارة الداخلية من خلال تأسيس هيئة بمسمى "هيئة التجارة الداخلية" تتولى تحقيق وظائف الهيئات وفق المنظور الاقتصادي آنف الذكر بما فيها تحقيق النتيجة النهائية.
ومن التجارب الناجحة قطاع الأسواق المالية كنموذج متفوق من حيث النتائج الاقتصادية والتنظيم وجودة الوظائف للمواطنين وهذان القطاعان، أي: الأسواق المالية والاتصالات من أكثر وأسرع القطاعات استجابة لجميع التجديدات التي قادها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بسبب وجودهما كجهات تنظيمية مختصة تحت وزارتي المالية والاتصالات.
خلاصة القول: من المؤكد أن تشكل سلسلة من الهيئات وفق القطاعات الاقتصادية يسهم في صناعة سياسات قطاعية متسقة ومنسجمة وذات رشاقة تنفيذية عالية إضافة إلى سهولة مراقبة الأداء القطاعي للمنظومة الاقتصادية عبر مؤشرات القطاعات وتأسيس هيئة تجارة داخلية مستقلة، سيكمل تلك السلسلة وسيدفع بتجارتنا الداخلية للتطور سريعا وستتضح تدريجيا مواطن تحسين جديدة تحتاج إليها أسواقنا وستتشكل لدى وزارة التجارية الحالية ذراع موازية للهيئة العامة للتجارة الخارجية، أي: عند تأسيس هيئة للتجارة الداخلية وتتفرغ الوزارة للقيام بالمهام الأخرى بما في ذلك إدارة الاستراتيجية العليا Grand Strategy - إن صح التعبير - والمتعلقة بإدارة المخاطر الاستراتيجية في التجارة الداخلية والخارجية والقضايا الكبرى للقطاع الخاص بصفتها وزارة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي