هروب الودائع يهدد بأزمة ثقة في القطاع المصرفي الأمريكي .. جهود لتفادي عدوى الإفلاس
طلب ائتلاف يضم بنوكا أمريكية متوسطة الحجم من الهيئة الناظمة الفيدرالية للمصارف ضمان جميع ودائع عملائهم لمدة عامين، حتى المبالغ التي تفوق الحد البالغ 250 ألف دولار، لتفادي انتقال عدوى إفلاس بنك سيليكون فالي، بحسب ما أوردته وكالة "بلومبيرج" للأنباء.
وقال ائتلاف البنوك المتوسطة الحجم في أمريكا MBCA في رسالة إلى السلطات، وفق تقرير الوكالة الذي نشر أمس، "إن ذلك الإجراء من شأنه أن يوقف على الفور هروب الودائع من بنوك أصغر حجما، ويؤدي إلى استقرار القطاع المصرفي ويقلل بشكل كبير من احتمالات انهيار مزيد من البنوك".
تسبب إفلاس مصرفي سيليكون فالي بنك SVB وسيجنتشر بنك Signature Bank في أزمة ثقة في هذا القطاع، وقام عديد من زبائن البنوك ذات الأحجام المماثلة بسحب أموالهم وإيداعها في مؤسسات أكبر مثل جي بي مورجان أو بنك أوف أمريكا، التي تعد أكبر من أن تتجاهل الحكومة إنقاذها في حال مواجهة انهيار.
وهذا الأسبوع تدهورت القيمة السوقية لمصرف فيرست ريبابليك بنك، الذي يخدم العملاء ذوي الملاءة المالية العالية بشكل أساسي، بنسبة 80 في المائة، وسط مخاوف من عدوى الانهيار. ويحتل البنك المرتبة الـ14 بين أكبر البنوك الأمريكية من حيث الأصول.
حاليا في الولايات المتحدة، تتم حماية الودائع من قبل الهيئة الناظمة للمصارف، المؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع FDIC، حتى مبلغ 250 ألف دولار. ونقلت "بلومبيرج" عن ائتلاف المصارف أنه "على الرغم من صحة وسلامة القطاع المصرفي بشكل عام، فقد تآكلت الثقة بجميع البنوك، باستثناء أكبرها".
ودعا الائتلاف على وجه الخصوص مؤسسة التأمين FDIC ومجلس الاحتياطي الفيدرالي وجانيت يلين وزيرة الخزانة، للعمل على "استعادة الثقة على الفور".
وتقترح مجموعة البنوك تمويل هذا الإجراء بنفسها عن طريق زيادة مبلغ المساهمات التي تدفعها المصارف لمؤسسة FDIC.
وتعهد 11 مصرفا أمريكيا رئيسا الخميس بإيداع ما مجموعه 30 مليار دولار في حسابات "فيرست ريبابليك". وتأمل مصارف بنك أوف أمريكا وسيتي جروب وجيه بي مورجان تشيس وثماني مؤسسات أخرى، إظهار ثقتها بالنظام المصرفي للبلاد، وفقا لبيان مشترك.
ونقلت "بلومبيرج" عن مصادر مطلعة أن شركة فيرست سيتيزنز بانكشيرز تعكف على تقييم عرض للاستحواذ على بنك سيليكون فالي. وقال التقرير "إن مؤسسة أخرى على الأقل تدرس الاستحواذ على البنك المنهار".
وطلبت المؤسسة الاتحادية لتأمين الودائع من البنوك المهتمة بالاستحواذ على بنكي سيليكون فالي وسيجنتشر تقديم عروض بحلول 17 مارس.
وتأتي العطاءات في أعقاب سيطرة المؤسسة على "سيليكون فالي" في العاشر من الشهر الجاري وعلى "سيجنتشر" الأحد الماضي، إذ تسبب انهيار البنكين متوسطي الحجم في الولايات المتحدة في إثارة قلق الأسواق المالية العالمية بسبب مخاوف من تسرب تداعيات الأزمة.
وستكون هذه ثاني محاولة من المؤسسة لبيع سيليكون فالي بعد محاولة لم تنجح قبل أسبوع. وقالت المصادر لـ"رويترز"، "إن المؤسسة وكلت بنك الاستثمار بيبر ساندلر لإدارة عطاء جديد".
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن "إن على الكونجرس العمل على فرض عقوبات أكثر شدة على مديري المصارف، الذين أسهم سوء إدارتهم في فشل مؤسساتهم"، وفقا لبيان نشر الجمعة.
وفيما يواجه القطاع المصرفي الأمريكي عديدا من الإخفاقات، أشار بايدن إلى أنه "لا أحد فوق القانون"، وأن "تشديد المسؤولية له تأثير رادع مهم في منع حالات سوء الإدارة في المستقبل".
ونظرا إلى أن القانون اليوم يحد من قدرة السلطات الإدارية على التصرف، رأى الرئيس الأمريكي أنه يجب أن يكون "أسهل على الهيئات الناظمة" فرض عقوبات مالية على المصرفيين.
لذلك، طالب بايدن البرلمانيين الأمريكيين بمنح مزيد من الصلاحيات للسلطات التنظيمية، خصوصا المؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع FDIC وهي الهيئة التي تتدخل في حال حدوث انهيار مصرفي.
ويريد الرئيس خصوصا أن تكون هذه المنظمة قادرة على "المطالبة" بالأجور المدفوعة للمصرفيين المخالفين وفرض غرامات عليهم ومنعهم من ممارسة العمل في هذا القطاع في المستقبل.
في هذا السياق، طالبت الأحد نقابة موظفي البنوك في سويسرا بضم الشركاء الاجتماعيين إلى النقاشات المتعلقة بمستقبل البنك، بالنظر إلى المخاطر الهائلة على التوظيف.
ومر "كريدي سويس" بعامين شهدا عددا من الفضائح، كشفت "نقاط ضعف جوهرية في الرقابة الداخلية"، بناء على اعتراف الإدارة نفسها.
من جهتها، اتهمته هيئة الرقابة على الأسواق "فينما" بـ"الإخلال الجسيم بالتزاماته التحوطية" عبر إفلاس شركة جريسيل التي كانت مؤشرا على بداية انتكاساته.
في المقابل، بدأ بنك يو بي إس في جني ثمار جهوده بعد أن أمضى عدة أعوام في التعافي من صدمة الأزمة المالية لعام 2008 وخطة الإنقاذ الحكومية الضخمة.
وفي تشرين الأول (أكتوبر)، كشف "كريدي سويس" عن خطة إعادة هيكلة واسعة النطاق تنص على إلغاء تسعة آلاف وظيفة بحلول 2025، أي أكثر من 17 في المائة من قوته العاملة.
ويخطط البنك، الذي كان يوظف 52 ألف شخص في نهاية أكتوبر، لفصل الخدمات المصرفية الاستثمارية عن بقية أنشطته، لإعادة التركيز على الخدمات الأكثر استقرارا، بما في ذلك إدارة الثروات.