فرنسا .. اتهام 5 بنوك باحتيال بدد 100 مليار يورو
أفاد مكتب المدعي المالي في فرنسا بأن محققين فرنسيين داهموا خمسة بنوك أمس في إطار تحقيق في احتيال ضريبي واسع.
وبحسب "الفرنسية"، قال المكتب في بيان "إن نحو 150 محققا من وزارة المال الفرنسية و16 قاضيا فرنسيا وستة مدعين ألمان أجروا عمليات تفتيش في باريس وحولها، في قضية يشتبه في أنها حرمت السلطات من عائدات ضريبية تزيد على مائة مليار يورو".
وجاء في البيان أن المداهمات تأتي في أعقاب خمسة تحقيقات أولية فتحت في كانون الأول (ديسمبر) 2021 بشأن تبييض الأموال والاحتيال الضريبي المشدد في توزيع الأرباح.
وقال البيان "إن العملية تطلبت عدة أشهر من التحضير".
وذكرت صحيفة "لوموند" أن المصارف المستهدفة هي سوسيتيه جنرال وبي إن بي باريبا وإكسان "تابع لـ BNP" وناتيكسيس وإتش إس بي سي.
ونشرت مجموعة من المواقع الإخبارية الأوروبية تحقيقا في الاحتيال الضريبي أطلق عليه اسم CumEx-Files في عام 2018.
وقالت المجموعة الإعلامية في عام 2021 "إنه يشتبه في أن قيمة المبالغ وصلت إلى 140 مليار يورو (151 مليار دولار) على مدى 20 عاما".
وذكر البيان، أن التحقيقات تتعلق ببنوك موجودة في باريس وحي لا ديفينس.
على صعيد متصل، قال بنك سوسيتيه جنرال "إن مقره الفرنسي يخضع لعمليات تفتيش في إطار التحقيقات".
يأتي ذلك في وقت شهدت فيه فرنسا أمس يوما عاشرا من التظاهرات ضد إصلاح النظام التقاعدي الذي تقابله معارضة شعبية كبيرة، في جو من التوتر المتنامي وسط ازدياد أعمال العنف التي تعمل الحكومة على تهدئتها، لكن دون جدوى حتى الآن.
تفاقمت الاحتجاجات ضد التعديل الذي طرحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما، مذ تبنت الحكومة النص دون تصويت في الجمعية العامة، فيما لم تؤد اقتراحات بحجب الثقة إلى الإطاحة بالحكومة.
ومذاك الحين، شهدت التظاهرات أعمال عنف متزايدة وأصيب خلالها عناصر في الشرطة والدرك ومثيرو الشغب ومتظاهرون وأحرقت مبان عامة.
أعلن جيرالد دارمانان وزير الداخلية أمس نشر "13 ألف شرطي بينهم 5500 في باريس"، في تعزيزات "غير مسبوقة".
وأكد أوليفييه فيران الناطق باسم الحكومة أن الحكومة "حصن ضد العنف غير المشروع".
في الموازاة، يستمر قطع الطرق والإضرابات والتظاهرات منذ عدة أيام، ما تسبب في اضطرابات في إمدادات الوقود في بعض المناطق الفرنسية وعلى بعض الطرق ومستودعات الخدمات اللوجستية. وقطعت طرقات صباح الثلاثاء حول رين ونانت "غرب" حيث كانت حركة المرور صعبة جدا.
وشهدت حركة القطارات اضطرابات كبيرة صباح أمس.
وطلبت المديرية العامة للطيران المدني من شركات الطيران مجددا إلغاء بعض رحلاتها الخميس والجمعة، ولا سيما في مطار باريس-أورلي، بسبب إضراب مراقبي الحركة الجوية.
وتقول ياسمين منيب "19 عاما"، وهي طالبة في مدينة ليل في شمال فرنسا، "إنها تتفق مع مطالب المضربين عن العمل بسحب الإصلاح"، لكنها ترى أنه يجب على العاملين في قطاع النقل "السماح للقطارات الصباحية بالعمل من أجل مصلحة تلاميذ المدارس الثانوية".
وتوضح أن ذلك "يكلفها دراستها"، فهي استيقظت في الرابعة صباحا لحضور حصة عند الساعة الثامنة ستفوتها على كل الأحوال بسبب عرقلة حركة النقل.
ونفد الوقود أو الديزل في أكثر من 15 في المائة من محطات الوقود في فرنسا يوم الإثنين.
وتخنق آلاف الأطنان من القمامة شوارع العاصمة الفرنسية بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من إضراب جامعي القمامة.
في ظل تصميم الحكومة على موقفها بشأن الإصلاح، تشدد هذه الأخيرة على رغبتها في التهدئة.
الإثنين، التقى ماكرون، الذي تراجعت شعبيته بشدة، إليزابيت بورن رئيسة الوزراء ومسؤولين في الأغلبية، من رؤساء أحزاب ووزراء ونواب.
وبحسب تصريحات نقلها مشارك في اجتماع الإثنين، شدد ماكرون على ضرورة "مواصلة التواصل" مع النقابات واتهم حزب "فرنسا الأبية" اليساري الراديكالي بالسعي إلى "إزالة الشرعية" عن المؤسسات.
وفي استطلاع أجرته مجموعة أودوكسا، 30 في المائة فقط من المشاركين يعدون ماكرون رئيسا "جيدا"، بتراجع من ست نقاط مئوية خلال شهر، فيما ينظر إليه 70 في المائة من المستطلعين بسلبية.
وأوضحت بورن يوم الأحد أنها حددت هدفين بعد تبني النص دون تصويت بموجب إجراء دستوري يتمثلان في "تهدئة البلاد في مواجهة هذه التوترات وتسريع الاستجابة لتوقعات الفرنسيين".
ومن الإثنين، بدأت سلسلة واسعة من المشاورات على مدى ثلاثة أسابيع مع نواب والأحزاب السياسية ومسؤولين محليين وشركاء اجتماعيين، إذا أرادوا ذلك.
لكن النقابات، التي حذرت من تحول الاحتجاجات إلى حركة اجتماعية خارجة عن السيطرة، لا تنوي التراجع.
وأمس، طالب لوران بيرجيه الأمين العام لنقابة "سي إف دي تي" الإصلاحية الحكومة بإقامة "وساطة" من أجل "إيجاد مخرج".
وأضاف "ما تطرحه النقابات اليوم هو بادرة تهدئة".
وأعلن فيليب مارتينيز الأمين العام لنقابة "سي جي تي" CGT أن النقابات "سترسل رسالة إلى رئيس الجمهورية" لمطالبته مجددا بـ"تعليق مشروعه"، فيما يتهم بعض المعارضين اليساريين، منهم فابيان روسيل القيادي في الحزب الشيوعي، الرئيس الفرنسي بأنه "يراهن على تلاشي" الحركة الاجتماعية.
وقال الناطق باسم الحكومة الفرنسية "نعتمد اقتراح لوران بيرجيه بالتحدث، لكن بشكل مباشر. لا حاجة إلى الوساطة".
وطالبت نقابات عمالية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس "بوقف" خططه الرامية إلى رفع سن التقاعد مع اندلاع موجة جديدة من الاحتجاجات والإضرابات ونشر السلطات آلافا من رجال الشرطة.
لكن حالة الاستياء الشعبي تحولت إلى موجة مناهضة أوسع نطاقا لماكرون.
وتفاقمت حدة الاحتجاجات بعد أن استخدمت الحكومة سلطات دستورية خاصة لتمرر مشروع قانون المعاشات التقاعدية دون عرضه للتصويت النهائي من جانب البرلمان قبل نحو أسبوعين، ما أثار موجة من الفوضى تشبه احتجاجات حركة السترات الصفراء خلال الفترة الأولى من حكم ماكرون.
وقال جيرالد دارمانان وزير الداخلية الإثنين "إن السلطات شهدت اتجاها نحو مزيد من العنف الموجه ضد الدولة"، وحذر من "مخاطر حقيقية للغاية تهدد النظام العام" في المظاهرات التي يمكن أن تشهدها مدن باريس وليون ونانت وبوردو.
وقال الاتحاد الفرنسي للصناعات البترولية، نقلا عن بيانات لوزارة الطاقة، "إن نحو 17 في المائة من محطات الوقود في فرنسا كان ينقصها منتج واحد على الأقل حتى البارحة الأولى".
وأفاد الاتحاد الوطني للطلاب الفرنسيين بأن نحو 20 جامعة في باريس، إلى جانب مؤسسات تعليمية في ليون ونيس وتولوز أغلقت أبوابها أمام الطلاب.
وحث لوران بيرجيه، رئيس الاتحاد الديمقراطي الفرنسي للعمل، وهو أكبر نقابة عمالية في فرنسا، ماكرون على إبداء "لفتة طيبة" لتهدئة الأمور.
وقال بيرجيه "من الضروري وقف هذا الإجراء".
وأضاف أنه "كانت هناك بعض المحاولات لإجراء محادثات بين قادة النقابات والحكومة في الأيام الأخيرة لكنها باءت بالفشل".
ويقول ماكرون "إن مشروع قانون سن التقاعد ضروري حتى لا تفلس البلاد"، فيما ترى النقابات وأحزاب المعارضة أن هناك سبلا أخرى لتحقيق هذا الهدف.
من جهة أخرى، أكدت الحكومة الفرنسية مستهدفاتها طويلة المدى لخفض عجز الميزانية، في الوقت الذي أظهرت فيه بيانات مكتب الإحصاء الفرنسي "آنسي" تراجع عجز الميزانية خلال العام الماضي بأكثر من التقديرات الأولية.
وقال برونو لومير وزير المالية الفرنسي في بيان "إن أرقام 2022 تؤكد قوة النمو وبالتالي زيادة حصيلة الضرائب وبخاصة ضرائب الشركات"، مضيفا "إصرارنا على إصلاح أوضاع المالية العامة ما زال شاملا".
وتراجع عجز الميزانية الفرنسية خلال العام الماضي إلى 4.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي مقابل 6.5 في المائة خلال 2021، في حين كانت الحكومة تستهدف خفض العجز إلى أقل من 5 في المائة فقط.
وتراجع معدل الدين العام لفرنسا خلال العام الماضي إلى 111.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي مقابل 112.9 في المائة خلال 2021.
كما زادت إيرادات فرنسا خلال العام الماضي إلى 53.4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي مقابل 52.6 في المائة خلال العام السابق.
وتراجع الإنفاق العام إلى 58.1 في المائة من إجمالي الناتج المحلي مقابل 59.1 في المائة خلال الفترة نفسها.
وقال لومير "إن الحكومة ستواصل العمل لخفض عجز الميزانية إلى 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2027، وأن تعكس ميزانية 2024 هذا الهدف الطموح".
وأضاف لومير "استراتيجيتنا لم تتغير، وهي العمل على تحسين نمو الاقتصاد من أجل خفض عجز الميزانية ومعدل الدين العام".