يوم عاشر من الاحتجاجات في فرنسا وسط ازدياد الصدامات العنيفة
تشهد فرنسا اليوم، يوما عاشرا من التظاهرات ضد إصلاح النظام التقاعدي الذي تقابله معارضة شعبية كبيرة، في جو من التوتر المتنامي وسط ازدياد أعمال العنف التي تعمل الحكومة على تهدئتها، لكن دون جدوى حتى الآن.
تفاقمت الاحتجاجات ضد التعديل الذي طرحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما، مذ تبنت الحكومة النص دون تصويت في الجمعية العامة، فيما لم تؤد اقتراحات بحجب الثقة إلى الإطاحة بالحكومة.
ومذاك الحين، شهدت التظاهرات أعمال عنف متزايدة وأصيب خلالها عناصر في الشرطة والدرك ومثيرو الشغب ومتظاهرون وأحرقت مبان عامة.
أعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان اليوم نشر 13 ألف شرطي بينهم 5500 في باريس، في تعزيزات غير مسبوقة.
وأكد الناطق باسم الحكومة أوليفييه فيران أن الحكومة حصن ضد العنف غير المشروع.
في الموازاة، يستمر قطع الطرق والإضرابات والتظاهرات منذ عدة أيام، ما تسبب باضطرابات في إمدادات الوقود في بعض المناطق الفرنسية وعلى بعض الطرق ومستودعات الخدمات اللوجستية. وقطعت طرقات صباح اليوم حول رين ونانت حيث كانت حركة المرور صعبة جدا.
كما شهدت حركة القطارات اضطرابات كبيرة، وفقا لـ"الفرنسية".
وطلبت المديرية العامة للطيران المدني اليوم من شركات الطيران مجددا إلغاء بعض رحلاتها الخميس والجمعة، لا سيما في مطار باريس-أورلي، بسبب إضراب مراقبي الحركة الجوية.
وتقول ياسمين منيب (19 عاما)، وهي طالبة في مدينة ليل في شمال فرنسا، إنها تتفق مع مطالب المضربين عن العمل بسحب الإصلاح، لكنها ترى أنه يجب على العاملين في قطاع النقل السماح للقطارات الصباحية بالعمل من أجل مصلحة تلاميذ المدارس الثانوية.
وتوضح أن ذلك يكلفها دراستها، فهي استيقظت في الرابعة صباحا لحضور حصة عند الساعة الثامنة ستفوتها على كل الأحوال بسبب عرقلة حركة النقل.
ونفد الوقود أو الديزل في أكثر من 15 في المائة من محطات الوقود في فرنسا الاثنين.
وتخنق آلاف الأطنان من القمامة شوارع العاصمة الفرنسية بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من إضراب جامعي القمامة.
- يراهن على تلاشي الحركة الاجتماعية
في ظل تصميم الحكومة على موقفها بشأن الإصلاح، تشدد هذه الأخيرة على رغبتها في التهدئة.
الاثنين، التقى ماكرون، الذي تراجعت شعبيته بشدة، رئيسة الوزراء إليزابيت بورن ومسؤولين في الغالبية، من رؤساء أحزاب ووزراء ونواب.
وبحسب تصريحات نقلها مشارك في اجتماع الاثنين، شدد ماكرون على ضرورة مواصلة التواصل مع النقابات واتهم حزب فرنسا الأبية اليساري بالسعي إلى إزالة الشرعية عن المؤسسات.
وفي استطلاع أجرته مجموعة أودوكسا، 30 في المائة فقط من المشاركين يعتبرون أن ماكرون رئيس "جيد"، بتراجع من ست نقاط مئوية خلال شهر، فيما ينظر إليه 70 في المائة من المستطلعين بسلبية.
وأوضحت بورن الأحد أنها حددت هدفين بعد تبني النص دون تصويت بموجب إجراء دستوري يتمثلان بتهدئة البلاد في مواجهة هذه التوترات وتسريع الاستجابة لتوقعات الفرنسيين.
واعتبارا من الاثنين، بدأت سلسلة واسعة من المشاورات على مدى ثلاثة أسابيع مع نواب والأحزاب السياسية ومسؤولين محليين وشركاء اجتماعيين إذا أرادوا ذلك.
لكن النقابات، التي حذرت من تحول الاحتجاجات إلى حركة اجتماعية خارجة عن السيطرة، لا تنوي التراجع.
واليوم، طالب الأمين العام لنقابة "سي إف دي تي" الإصلاحية لوران بيرجيه الحكومة بإقامة وساطة من أجل إيجاد مخرج.
وأضاف "ما تطرحه النقابات اليوم هو بادرة تهدئة".
وأعلن الأمين العام لنقابة "سي جي تي" CGT فيليب مارتينيز أن النقابات "سترسل رسالة إلى رئيس الجمهورية" لمطالبته مجددا بتعليق مشروعه، فيما يتهم بعض المعارضين اليساريين، منهم القيادي في الحزب الشيوعي فابيان روسيل، الرئيس الفرنسي بأنه "يراهن على تلاشي" الحركة الاجتماعية.
وقال الناطق باسم الحكومة الفرنسية "نعتمد اقتراح لوران بيرجيه بالتحدث، لكن بشكل مباشر. لا حاجة للوساطة".
وتتوقع الاستخبارات في المناطق الفرنسية أن ما بين 650 ألفا و900 ألفا سيتظاهرون في جميع أنحاء فرنسا الثلاثاء، بمن فيهم 70 ألف إلى مائة ألف في باريس وحدها، حسبما ذكر مصدر في الشرطة.
ويتوقع مصدر آخر في الشرطة "مضاعفة أو حتى زيادة بثلاث مرات" في عدد الشباب المشاركين في التظاهرات، وأغلقت عدة مؤسسات تربوية صباح اليوم.
ويقول لوان (15 عاما) وهو تلميذ في الصف الثانوي الثاني في ثانوية لافوازييه في باريس "الهدف هو تقديم الدعم للمضربين عن العمل والسماح للناس بالمشاركة في التظاهرات".