أسعار النفط ترتفع 20 % من قاع مارس
لا تزال أصداء القرار المفاجئ الذي اتخذته "أوبك +" بزيادة تخفيضات الإنتاج تؤثر في السوق وتحفز على مزيد من ارتفاع أسعار النفط الذي سجل 20 في المائة من أدنى مستوى في منتصف مارس الماضي، وهو ما سيكون له تأثير عميق بشكل خاص في نفط الشرق الأوسط.
ولم تؤد التخفيضات المفاجئة لـ"أوبك +" إلى رفع أسعار النفط العالمية فحسب، بل عززت أيضا هيكل العقود الآجلة الصعودية للمعايير الرئيسة في الشرق الأوسط، التي يقوم المنتجون الخليجيون الرئيسون بتسعير خامهم المتجه إلى آسيا.
ويقول لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون "إن أسعار النفط تتلقى أيضا دعما قويا من إعادة الفتح الصيني والزيادة المتوقعة في الواردات في أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، في وقت أثرت فيه تخفيضات الإنتاج الجديدة التي يبلغ إجماليها 1.16 مليون برميل يوميا في دعم استقرار أسواق النفط".
ولفت المحللون إلى أن الصين وروسيا تتجهان إلى محاولة تهميش الدولار في صفقات النفط الخام، موضحين أن العملة الأمريكية كانت مفضلة في تجارة النفط منذ السبعينيات وما زالت هي المهيمنة في السوق، بينما حققت العملة الصينية تقدما في التجارة العالمية، لكن اليوان يمثل 2.7 في المائة فقط من السوق.
وفي هذا الإطار، يقول هيرويوكي كينوشيتا المحلل الياباني ومختص شؤون المصارف والطاقة "إن المكاسب السعرية للنفط تعود إلى عدة عوامل متضافرة وليس فقط خفض إنتاج أوبك +"، مشيرا إلى أن النفط عزز المكاسب رغم تقرير أفاد بأن فرص العمل في الولايات المتحدة تراجعت إلى أدنى مستوى منذ 2021، ما أثار المخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي العالمي.
وأشار إلى أن أسعار خام غرب تكساس الوسيط استقرت نسبيا بعد تقليص مكاسب سابقة على خلفية بيانات العمالة المخيبة للآمال، موضحا أنه قبل التقرير الاقتصادي الأمريكي مددت الأسعار أكبر ارتفاع لها في عام نتيجة للقرار المفاجئ من قبل منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها بخفض إنتاج النفط الخام بأكثر من مليون برميل يوميا.
من جانبه، يرى أندريه يانييف المحلل البلغاري ومختص شؤون الطاقة أن معنويات السوق النفطية تتعافى سريعا، حيث ارتفع النفط الخام بنحو 20 في المائة من أدنى مستوى له في منتصف مارس الماضي، موضحا أن الانتعاش كان مدفوعا في البداية بالتوقعات بأن الطلب الصيني سيرتفع بعد نهاية سياسات كوفيد التقييدية.
وعد قرار "أوبك +" المفاجئ للأسواق بث الثقة في إدارة "أوبك +" للسوق وحرصها على إنعاش الأسعار لدعم الاستثمارات الجديدة، لافتا إلى أن الارتفاع الجديد جاء بأكبر قدر خلال عام.
بدوره، أوضح مارتن جراف مدير شركة " إنرجي شتايرمارك " النمساوية للطاقة أن حالة عدم اليقين بشأن السوق عامة والطلب الصيني خاصة ما زالت مستمرة ومؤثرة بقوة في أسعار النفط الخام، مشيرا إلى أن نمو الطلب في الصين قد تخلف عن التوقعات.
ولفت إلى تجاهل السوق إلى حد كبير أنباء استئناف صادرات النفط من إقليم كردستان العراق شبه المستقل في ضوء اتفاقية قد تمهد الطريق لإعادة الشحن عبر ميناء جيهان التركي إضافة إلى تقارير عن عودة مجمع النفط بالقرب من لوهافر في فرنسا بعد توقف بسبب الاحتجاجات التي عطلت الإمدادات.
من ناحيتها، ذكرت تشير ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام أنه يمكن اعتبار زيادة التقلبات وارتفاع الأسعار وتوتر العلاقات الجيوسياسية بمنزلة بعض الآثار الجانبية لتخفيضات إنتاج "أوبك +" الأخيرة، مع وجود حالة من عدم اليقين في مختلف درجات النفط.
وعدت التأثير الفوري لإعلان "أوبك +" ارتفاعات قياسية في الأسعار، لافتة إلى أن قرار البائعين الروس بتغيير طريقة تسعيرهم للبرميل يفاقم التهديدات المحتملة لإمدادات النفط العالمية الهشة بالفعل.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار ارتفعت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية المبكرة أمس، بفعل انخفاض مخزونات الخام الأمريكية وأحدث خفض في أهداف الإنتاج الخاصة بتحالف "أوبك +".
وزادت العقود الآجلة لخام برنت 38 سنتا إلى 85.32 دولار للبرميل، وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 33 سنتا إلى 81.04 دولار للبرميل.
وتلقت الأسعار دعما مما نقلته مصادر عن بيانات معهد البترول الأمريكي الثلاثاء، التي أظهرت انخفاض مخزونات الخام الأمريكية بنحو 4.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 31 مارس.
وتراجعت مخزونات البنزين بنحو أربعة ملايين برميل، فيما انخفضت مخزونات نواتج التقطير بنحو 3.7 مليون برميل، بحسب المصادر التي تحدثت، شريطة عدم الكشف عن هويتها، لأنها غير مخولة بالحديث لوسائل الإعلام.
كما ساعدت الأهداف الأخيرة التي حددتها منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفاء من بينهم روسيا، وهي مجموعة تعرف باسم "أوبك +"، على رفع أسعار النفط.
وستزيد خطة "أوبك +" الحجم الإجمالي للتخفيضات إلى 3.66 مليون برميل يوميا، بما في ذلك خفض مليوني برميل في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بما يعادل 3.7 في المائة تقريبا من الطلب العالمي.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 85.50 دولار للبرميل الإثنين مقابل 84.84 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس، "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثالث ارتفاع قوي، وإن السلة كسبت نحو ثمانية دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجل 77.63 دولار للبرميل.