تراجع مصداقية بنك الاحتياطي الفيدرالي «2 من 2»

لم يساعد التواصل غير المتسق من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي على حل الأمور. فقد وجدت الأبحاث التي أجريت حديثا أن "تقلبات السوق أعلى بثلاثة أضعاف خلال المؤتمرات الصحافية التي عقدها الرئيس الحالي جيروم باول مقارنة بتلك التي عقدها أسلافه، وهي تميل إلى عكس ردود الفعل الأولية للسوق على بيانات اللجنة".
لا عجب أن تكون هناك تحركات متطرفة داخل ذلك الجزء من منحنى العائد الذي يتأثر بشدة ببنك الاحتياطي الفيدرالي، الذي يعمل كأساس لمجموعة من الأنشطة المالية المحلية والدولية. فعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، على سبيل المثال، تم تداول عائد العامين في نطاق غير عادي إلى حد كبير بلغ 1.5 نقطة مئوية، ما أثار جدلا ـ وليس فقط داخل وسائل الإعلام المالية المتخصصة ـ عن "تداول السندات الجنونية".
وتأتي هذه الاختلافات في أعقاب الأخطاء السابقة التي ارتكبها بنك الاحتياطي الفيدرالي. فبعد الإصرار على وصف التضخم بأنه "مؤقت" في معظم 2021، فشل بنك الاحتياطي الفيدرالي بعد ذلك في التصرف على الفور بمجرد "تراجعه" عن هذا التشخيص الخاطئ في وقت متأخر. ونتيجة لذلك، كان عليه في النهاية استعمال الفرامل من خلال تنفيذ سلسلة غير مسبوقة من أربع زيادات متتالية بمقدار 0.75 نقطة أساس.
في هذه المرحلة، لا يمكن إنكار أن أقوى البنوك المركزية على مستوى العالم قد أخطأ في تحليلاته وتوقعاته وصنع سياساته واتصالاته. هذه هي الأخبار السيئة. يتمثل النبأ السار في أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يزال بإمكانه تصحيح الوضع من خلال اعتماد نهج استراتيجي أفضل لتحليلاته وتصرفاته، وذلك من خلال معالجة مشكلتين بنيويتين رئيستين.
تتمثل المشكلة الأولى في تفكير القطيع، حيث يبدو أن صناع القرار في بنك الاحتياطي الفيدرالي يفتقرون إلى تنوع وجهات النظر والخبرات الشاملة التي اكتسبتها البنوك المركزية الكبرى الأخرى. سيكون من الأفضل لهم اتباع نهج بنك إنجلترا وإضافة عضوين مستقلين من أعضاء التصويت الخارجيين إلى لجنة صنع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي.
تتعلق المشكلة الثانية بالمساءلة الأساسية. بينما يمثل رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي أمام الكونجرس مرتين سنويا، فإن جلسات الاستماع هذه لا تساعد على التركيز على ما يهم حقا، تصميم وتنفيذ سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي. تحتاج العملية إلى مستوى آخر من العناية الواجبة، حيث يقدم المتخصصون في هذا المجال تقاريرهم إلى الكونجرس قبل الإدلاء بشهاداتهم المقررة بانتظام.
كان هناك جدل كبير حول ما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي بقيادة باول سيذكر إلى جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي برئاسة بول فولكر لتغلبه على التضخم، أو بنك الاحتياطي الفيدرالي بقيادة آرثر بيرنز لفتحه الباب أمام الركود التضخمي. ما يقلقني هو أنه قد ينتهي به الأمر إلى أن يتم تذكره في فئة خاصة به، مثل بنك الاحتياطي الفيدرالي الذي قوض مصداقيته واستقلاليته السياسية ودور أمريكا الراسخ والحاسم في مركز الاقتصاد العالمي.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي