جيش من الروبوتات والخوارزميات يحاصر قطاع «الفنون» .. غزو يدق ناقوس الخطر

جيش من الروبوتات والخوارزميات يحاصر قطاع «الفنون» .. غزو يدق ناقوس الخطر

يحاصر الذكاء الاصطناعي بجيش من الروبوتات والمعادلات الخوارزمية، قطاع الفنون من تصوير فوتوغرافي ورسم وتأليف، وذلك بعد أن تمكن قبل فترة من الوقت من إكمال السيمفونية العاشرة للموسيقار الراحل بيتهوفن وإعداد نصوص أدبية، ليصبح القطاع معرضا للخطر.
ويعد مثل هذا الذكاء الاصطناعي التوليدي، مخيفا جدا بالنسبة لبعض الأشخاص الذين يخشون من أن يكون الفن محاصرا من جانب الروبوتات.
والذكاء الاصطناعي هو سلاح ذو حدين، له نتائج مختلطة، فمن الممكن أن يمثل الذكاء الاصطناعي " تهديدا، لكنه يمكن أن يمثل أيضا فرصة للفنون، بناء على الطريقة التي يتم استخدامه بها".
ويحدث الذكاء الاصطناعي تغيرات تطول المجالات كلها، ولم يستثن ذلك مجال التصوير، فقد بات يمكن لهذه البرمجيات الحديثة تصحيح الإضاءة، أو تشويش الخلفيات، أو تكثيف النظرات، تماما مثل أي مصور بشري محترف.
في الشهر الماضي، قرر مصور هاو يستخدم لقب "آي بريك فوتوز"، إجراء تجربة على هاتفه الذكي المصنع من شركة سامسونج لاكتشاف طريقة عمل ميزة تسمى "زووم الفضاء"، أطلقت في 2020 وتتيح تكبير الصورة 100 مرة.
واستخدمت الشركة الكورية الجنوبية صورا للقمر بلمعان مذهل للترويج لهذه الميزة. والتقط "آي بريك فوتوز" صوره الخاصة بدا فيها الجرم السماوي غير واضح ومن دون تفاصيل، تاركا لهاتفه خصوصا مهمة إضافة الحفر على القمر.
واستخدم برنامج الذكاء الاصطناعي المدمج بيانات من "تدريبه" على صور كثيرة أخرى للقمر لإضافة تفاصيل إلى النقاط التي تخلو منها، وفقا لـ"الفرنسية".
وخلص المصور الهاوي في منشور عبر منتدى "ريديت" الإلكتروني إلى أن "صور سامسونج للقمر مزيفة"، ما دفع كثيرين إلى التساؤل عما إذا كانت اللقطات التي يلتقطونها هي بالفعل صورهم وما إذا كان يمكن اعتبارها صورا فوتوغرافية.
قال المصور "آي بريك فوتوز" طالبا عدم كشف اسمه الحقيقي "لن أقول إنني راض عن استخدام الذكاء الاصطناعي في الكاميرات، لكني أوافق على ذلك طالما أنه يتم الإبلاغ عما تفعله كل قناة معالجة بشكل واضح".
وقد دافعت سامسونج عن تقنيتها، قائلة إنها لا تجري أي عملية "تراكب" للصور، كما أنه بإمكان المستخدمين تعطيل هذه الميزة.
ليست الشركة وحدها في سباق دمج الذكاء الاصطناعي في كاميرات الهواتف الذكية، فقد قامت أجهزة "بيكسل" من "جوجل"، و"آيفون" من "أبل" بتسويق هذه الميزات منذ 2016.
لكن النقاش حول الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على الهواة في منتديات المناقشة، إذ إن الهيئات المهنية في هذا القطاع تدق ناقوس الخطر.
وبحسب مايكل بريتشارد من الجمعية الملكية البريطانية للتصوير الفوتوغرافي، فإن القطاع يتعرض لغزو من الذكاء الاصطناعي، سواء في الكاميرات أو البرامج مثل "فوتوشوب". وقال للوكالة: إن "هذه الأتمتة تزيل بشكل متزايد الخطوط الفاصلة بين الصورة والعمل الفني".
تختلف طبيعة الذكاء الاصطناعي عن الابتكارات السابقة، لأن التكنولوجيا يمكن أن تتعلم وتسهم بأشياء جديدة تتجاوز تلك المسجلة بواسطة بكرة الفيلم أو جهاز الاستشعار. ويشير بريتشارد إلى أن هذا الأمر يفتح آفاقا، لكنه يطرح أيضا "تحديات أساسية لإعادة تعريف ماهية التصوير الفوتوغرافي وإلى أي مدى يمكن وصف صورة ما بأنها حقيقية".
ومع ذلك، فإن أكثر ما يثير قلق المصورين المحترفين هو ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي التي تولد صورا جديدة تماما بالاعتماد على النص، مثل "دال إي-2" و"ميدجورني" و"ستايبل ديفيوجن".
بدورها تقوم أجهزة الكمبيوتر بالرسم وتأليف الموسيقى، وصارت حاليا تكتب أيضا نصوصا لها معنى واضح. وعادة ما تكون الكتابة من صنع تقنية الذكاء الاصطناعي ذات الشعبية الواسعة، "شات جي بي تي"، وهي عبارة عن روبوت يمكن لمستخدمي الإنترنت أن يطلبوا منه عمل نصوص بشأن كل شيء يمكن تخيله، كما أنها ليست سيئة للغاية.
ولا يمكن للمرء أن يعرف أن تلك الأعمال ليست من صنع الإنسان، أو على الأقل ليس للوهلة الأولى، على أي حال.
وكان الذكاء الاصطناعي تمكن قبل فترة من الوقت، من إكمال السيمفونية العاشرة للموسيقار الراحل، لودفيج فان بيتهوفن، من خلال نموذج "دال -إي"، وهو برنامج يبتكر فنونا طورته شركة "أوبن إيه آي" الأمريكية، تماما مثلما قامت بتطوير "شات جي بي تي".
ومن الممكن الآن لأي شخص لديه اتصال بالإنترنت، استخدام الروبوت لإعداد نص أدبي، مع إمكانية أن تقوم التقنية الأحدث بإرفاق صور مع النص.
ويقوم الأفراد الذين ينتمون للقطاعات الإبداعية أيضا بموازنة المشهد المتغير، ومن بينهم كونراد تسير، وهو أستاذ في التسويق وأبحاث السوق وأبحاث الاتصالات في فورتسهايم بألمانيا.
ويقول: "أعتقد أن الذكاء الاصطناعي له إمكانات هائلة". وقام تسير بتكليف طلابه بصنع عمل فني باستخدام الذكاء الاصطناعي. فطلبوا من "تشات جي بي تي" تأليف قصيدة شعرية بأسلوب الشاعر الألماني، هاينريش هاينه، تصف شخصين يذهبان إلى سوق خاصة ببيع منتجات عيد الميلاد (الكريسماس)، ثم يتعاركان. وكانت النتائج مسلية. وكانت وجهة نظر الطلاب أنفسهم، هو أن "إمكانية رؤية الشاعر العظيم في قصائدنا التي تم صنعها من خلال تقنية الذكاء الاصطناعي، هو أمر مشكوك فيه في هذه المرحلة". وهذه النصوص لا تتسم بإحساس أدبي.

سمات

الأكثر قراءة