الاقتصاد العالمي بحاجة إلى جميع موارد الطاقة مستقبلا .. نمو مؤكد لاستثمارات النفط

الاقتصاد العالمي بحاجة إلى جميع موارد الطاقة مستقبلا .. نمو مؤكد لاستثمارات النفط
من غير المتوقع أن ينخفض الطلب على النفط والغاز بشكل حاد رغم مخاوف الركود.

واصل إعلان خفض إنتاج "أوبك +" الأخير دوره في دعم ارتفاع أسعار النفط الخام، ودفع عديد من الشركات والبنوك والمؤسسات المالية إلى تعزيز توقعاتها للأسعار، على الرغم من وجود عوامل مضادة تكبح المكاسب السعرية، في مقدمتها الركود الاقتصادي والمخاوف المحيطة بتعافي الطلب العالمي.
في المقابل ترى مجموعة "سيتي جروب" المصرفية الدولية أن وتيرة المكاسب ستواجه ضغوطا واسعة، لأن التعافي الاقتصادي الصيني جاء أبطأ من المتوقع، ما سيضر ببيانات الطلب، كما توقعت المجموعة تعويض النقص في المعروض النفطي العالمي من خلال احتمال ضخ إنتاج نفطي إضافي من فنزويلا والعراق، ما قد يعادل التخفيضات الأخيرة لـ"أوبك +".
وقال لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون "إن جهود تحالف (أوبك +) انصبت في قرارها الأخير على معالجة القلق العالمي من التباطؤ الاقتصادي جراء تداعيات الأزمة المصرفية العالمية وبهدف تعزيز الاستثمار من خلال إنعاش مستوى أسعار النفط"، مشيرين إلى أن التعافي في الصين بعد أزمة الوباء يتقدم ببطء أكثر مما كان متوقعا في بداية إنهاء القيود ما يؤثر كثيرا في بيانات الطلب.
وذكر المحللون أن بنك "مورجان ستانلي" -على سبيل المثال- قدم أيضا توقعات هبوطية للنفط بعد تخفيضات "أوبك +" بعدما فسر قرار خفض الإنتاج الإضافي بأنه يعكس قناعة أكبر المنتجين بأن الطلب قد لا يكون جيدا في الأشهر المقبلة.
بدوره، أكد سيفين شيميل مدير شركة "في جي أندستري" الألمانية، أنه رغم مخاوف التباطؤ المسيطرة على أجواء الاقتصاد العالمي إلا أنه من غير المتوقع أن ينخفض الطلب على النفط والغاز بشكل حاد، لافتا إلى اتفاق مؤسسات الطاقة الدولية الكبرى مثل إدارة معلومات الطاقة ومنظمة أوبك على استمرار الطلب على الوقود السائل في العقود القليلة المقبلة، مبينا أنه لهذا السبب تواصل شركات النفط الكبرى الاستثمار في نمو إنتاج النفط والغاز.
وأوضح أن هناك انتقالا فعليا للطاقة، لكن الاقتصاد العالمي يحتاج إلى جميع موارد الطاقة مستقبلا، لافتا إلى أن الاستثمار في النفط والغاز من المؤكد أنه سيستمر وينمو، مبينا أنه على الرغم من التقلبات المستمرة في السوق التي تحركها الظروف الاقتصادية الخارجية هناك طلب ثابت ومرن ومتزايد على النفط والغاز.
من جانبه، قال روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، "إن قرار خفض الإنتاج لمجموعة (أوبك +) كان مفاجأة قوية للسوق"، حيث تتوقع "أوبك +" تعويض مخاطر الطلب على النفط من الأزمة المصرفية وتثبيط المضاربة الكلية ضد أسواق النفط، مشيرا إلى تصميم المجموعة على الحفاظ على قيمة النفط الخام حتى في حالة الركود.
وأوضح أن انخفاض مرونة سعر إنتاج النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة بشكل حاد جعل عبء إدارة السوق يقع بالكامل على عاتق تحالف "أوبك +" خاصة مهمات دعم الأسعار واستعادة التوازن والاستقرار في السوق النفطية.
من ناحيته، ذكر ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن التخفيضات الطوعية للمنتجين في "أوبك +" ستزيد من تشديد سوق النفط لبقية العام، لافتا إلى تأكيد شركة ريستاد إنرجي أن تخفيضات "أوبك +" المعلنة حديثا ستزيد من تشديد سوق النفط الضيقة بالفعل، ما يدفع برنت نحو 100 دولار للبرميل في وقت أقرب مما كان متوقعا في السابق ودفع السعر إلى نحو 110 دولارات للبرميل هذا الصيف.
وذكر أن تخفيضات "أوبك +" نجحت في استهداف المضاربين الذين كانوا يراهنون على انخفاض أسعار النفط في أعقاب الأزمة المصرفية العالمية خاصة انهيار بنك سيليكون فالي والاستحواذ على بنك كريدي سويس.
بدورها، قالت جولميرا رازيفا كبير محللي المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان، "إن (أوبك +) لديها رؤية ثاقبة وموضوعية لتطورات السوق النفطية وتدرك أن أي زيادة في الأسعار لا تؤدي إلى تعزيز الاستثمار في مشاريع المنبع في مجال النفط الصخري في الولايات المتحدة، حيث من المرجح أن يستمر تضخم التكلفة ونقص العمالة في تقييد مرونة إنتاج النفط الصخري الأمريكي تجاه الزيادات في الأسعار".
وأشارت إلى أن أسعار النفط الخام ارتفعت بنسبة 20 في المائة تقريبا في الأسابيع الثلاثة الماضية بعدما أدى قرار "أوبك +" المفاجئ بخفض الإنتاج بداية من مايو إلى إعادة إشعال الرهانات الصعودية على الأسعار، ومع ذلك فإن بعض مؤشرات الطلب تومض ببوادر ضعف، لافتة إلى ترقب التجار التوقعات الشهرية من "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية إضافة إلى بيانات التضخم الأمريكية ومحضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط أمس مع تقييم المشاركين في السوق لقرار "أوبك +" خفض الإنتاج، الذي من شأنه تقليص الإمدادات في السوق، في مقابل المخاوف بشأن رفع أسعار الفائدة الذي من المرجح أن يضر بالطلب.
ويترقب المستثمرون هذا الأسبوع مجموعة من التقارير حول التضخم والعرض والطلب في سوق النفط، وقد تحدد اتجاه السوق.
وبحسب "رويترز"، ارتفع خام برنت ثمانية سنتات إلى 84.26 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس، بينما زاد خام غرب تكساس الوسيط 11 سنتا إلى 79.85 دولار للبرميل.
وتراجعت أسعار النفط يوم الإثنين عقب ارتفاعها على مدى ثلاثة أسابيع متصلة بعدما أشارت بيانات الوظائف الأمريكية إلى شح العمالة، ما أثار توقعات بزيادة أخرى لأسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي" وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى تراجع الطلب على النفط.
وارتفعت العقود الآجلة للنفط أكثر من 5 في المائة منذ أعلنت مجموعة "أوبك +" التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء لها من بينهم روسيا، الأسبوع الماضي جولة جديدة من تخفيضات الإنتاج بدءا من أيار (مايو) في مفاجأة للأسواق.
ومن المقرر صدور تقرير التضخم في الولايات المتحدة اليوم ومن المتوقع أن يساعد المستثمرين على تحديد مسار أسعار الفائدة في المدى القصير.
ومن المنتظر أيضا صدور تقرير شهري من منظمة أوبك غدا لتحديث توقعات الطلب على النفط والمعروض منه.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 85.5 دولار للبرميل يوم الإثنين مقابل 85.17 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق أول ارتفاع عقب انخفاضات سابقة، وأن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 84.84 دولار للبرميل.

سمات

الأكثر قراءة