«سفر برلك» .. وثيقة بصرية تستنطق آلام أهل المدينة المنورة

«سفر برلك» .. وثيقة بصرية تستنطق آلام أهل المدينة المنورة
ملصق العمل.
«سفر برلك» .. وثيقة بصرية تستنطق آلام أهل المدينة المنورة
مشهد من العمل.
«سفر برلك» .. وثيقة بصرية تستنطق آلام أهل المدينة المنورة
يحكي المسلسل مأساة شهدها أهل المدينة المنورة.
«سفر برلك» .. وثيقة بصرية تستنطق آلام أهل المدينة المنورة
مشهد آخر.

تذكر ولا تعاد .. بهذه المشاعر استعاد مسلسل "سفر برلك" جريمة التهجير الجماعي والقسري في المدينة المنورة، التي تحمل الاسم ذاته، وتستعيد ملحمة عربية أمام الظلم والوحشية.
الإطار العام للعمل هو تسليط الضوء على معان مهمة وآلام شهدتها الذاكرة السعودية، تجمع قصص الحب والحرب، والمأساة والبطولة، والظلم والأمل، والتضحية والاستقلال في قالب تاريخي وسردي أمين، لتواجه روايات لا تمت للواقع والحقيقة بصلة.
فاجعة تاريخية
إخراج بمعايير هوليوودية حظي به مسلسل "سفر برلك"، ليعبر عن تاريخ العرب وحجم الجرائم العثمانية والفاجعة التاريخية التي وقعت في المدينة المنورة، مدينة النبي المصطفى، دون مراعاة لحرمتها وحرمة الأرواح البريئة.
اختتم المسلسل حلقته الأخيرة، وخلال 20 حلقة بين ظروف الملحمة والثورة العربية التي أعادت الجزيرة العربية إلى أهلها، ووثق المجاعة التي شهدتها المدينة، وتناولها المؤرخ السعودي محمد حسين زيدان في لقاءات ومؤتمرات سابقة، وقال إن البدو في المدينة أكلوا القطط والكلاب، وحفروا قبورهم، فالجيش العثماني خزن التمر والطعام وترك أهل المدينة جوعى آنذاك، حتى أن أحدهم باع منزلا بثلاثة طوابق من أجل كيس رز.
وفي الوقت ذاته، وجه فخر الدين باشا بوضع القنابل والرصاص والأسلحة في المسجد النبوي، الذي بات مستودعا للأسلحة، ووفقا لتقارير إعلامية تركية، فقد نقل أكثر من 30 غرضا من الكنوز وآثار حجة الرسول إلى إسطنبول، من بينها نسخة من المصحف الشريف الذي كتب على جلد الغزال في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وخمس مخطوطات قديمة للقرآن الكريم، إضافة إلى أربعة أجزاء منه، وخمسة أغلفة للقرآن مطلية بالذهب ومزينة بالأحجار الكريمة، ولوحة عليها اسم النبي مزينة بإطار فضي ومخمل أخضر وعليه أحجار من الألماس واللؤلؤ، ولوحة من الذهب الخالص عليها ألماس كتبت فيها الشهادتان، وسبع مسابح من المرجان والأحجار، وكرسيين مزينين بالفضة يوضع عليهما المصحف، وثلاثة سيوف ثمينة، ومسابح من المرجان والأحجار الكريمة، وشعار السلطان عبدالعزيز المطرز والمزين بالذهب والألماس، وأعمال ثمينة أخرى، وجميعها موجودة في قصر توب كابي التركي.
لوحات حقيقية
يوصف مسلسل "سفر برلك" بأنه مجموعة من اللوحات الشاعرية الحقيقية، ووظف الموسيقى التصويرية والأغاني لتناسب مشاهده، التي شارك فيها الفنان السعودي إبراهيم الحكمي، والفنانة سناء موسى.
حنجرة الحكمي سجلت بصمتها على العمل، وهو الفنان الشاب الذي لا تقتصر موهبته عند الصوت، بإحساس عبر عن أقسى مشاهد "سفر برلك" ليبدو مسرحية أسطورية، كما يتميز بوضوح الحروف واللفظ السليم الذي لا تخطئه الأذن.
لمسات الراحل حاتم علي حاضرة في مسلسل "سفر برلك"، الذي استعان بأكثر من 14 ألف شخص، ونحو 95 ممثلا رئيسا، و120 ممثلا مساعدا، جسدوا نحو ألف مشهد رئيس داخل المسلسل.
ويروي المسلسل قصة أهالي المدينة المنورة مع الظلم، مع خيوط درامية لقصة أربعة أصدقاء عرب في جامعات إسطنبول يثورون على ظلم السلطنة العثمانية ووحشية ممارساتها بحقهم، ويتناول فترة صدور فرمان الخدمة العسكرية الإلزامية وحالة النفير العام التي أصدرها السلطان العثماني آنذاك (عام 1914) لكل من هم في عمر الخدمة وفي كامل المناطق التي تقع تحت سيطرة العثمانيين، ليشاركوا في الحروب شرقا وغربا.
العمل المهدى إلى روح المخرج الراحل حاتم علي، ومن إنتاج قناة MBC، كان يجري العمل عليه قبل نحو أربعة أعوام، حيث كان حاتم علي يجري التحضيرات الأخيرة للانطلاق بتصويره، وكان يتقاسم دفته مع المخرج الليث حجو، قبل أن يفارق حاتم الحياة، ويتولى الليث إخراج العمل منفردا، وقد مر المسلسل بعدد من التغييرات، فقد حمل اسم "سنوات الحب والحرب"، إلا أنه تقرر تغييره بعد ذلك ليصبح "سفر برلك"، ولا تغيب التفاصيل الرومانسية عن حياة الشبان الأربعة.
مذابح وقتال
المدينة المنورة وأهلها شهدت مذابح وقتلا للمدنيين، لعل من أهمها مذبحة بساتين العوالي، سعى من خلالها فخر الدين باشا إلى تحويل المدينة إلى ثكنة عسكرية، ويروي مؤرخون أن القوات العثمانية آنذاك تجاوزت 23 ألف عسكري، حولوا بساتين العوالي الخضراء إلى رماد، بعد إحراقها وقصفها بالمدفعية، حتى أن الأهالي لم يجدوا جثث أبنائهم لكثرة نيران المدفعية التي لم تراع حرمة شهر رمضان الكريم، وقت اندلاع المذبحة.
وكان المؤرخ السعودي الدكتور طلال الطريفي قد أكد في لقاء تلفزيوني سابق أن المجازر تمت لبث الرعب في قلوب العرب، فقتل كل من استسلم من الثوار العرب، وقتل معهم النساء والرجال العجائز والأطفال، تلتها مجزرة آبار علي.
وكان الكاتب محمد الساعد قد أصدر كتابا بعنوان "سفر برلك"، يتناول محاولة العثمانيين تحويل المدينة المنورة إلى ثكنة عسكرية تمهيدا لتتريكها لاحقا، ومن ثم فصلها عن الحرم المكي الشريف وإلحاقها تماما بالدولة العثمانية، ولتصبح آخر حدود الدولة العثمانية داخل شبه الجزيرة العربية.
وهجرت الدولة العثمانية الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، لتخلف خلال خمسة أعوام مدينة منكوبة يسكنها آلاف العسكر الأتراك، وبضع عشرات من النساء والأطفال، ممن حالفهم الحظ ونجوا من الترحيل الجماعي، حيث لم يبق إلا ما بين 80 و100 شخص، وفقا لرواية الكتاب.
حروب وجبهات
يروي المسلسل حكاية السعودي "عبدالرحمن" ورفاق دراسته الجامعية في إسطنبول، السوري "يحيى"، واللبنانيين "فايز" و"فريد"، حيث يخوض الأصدقاء الأربعة رحلة الوعي السياسي والانتقال من أروقة التحصيل العلمي إلى جبهات القتال مع الجيش العثماني أولا في معارك البلقان على الحدود الروسية، ومن ثم التمرد على ظلم السلطنة العثمانية ووحشية ممارساتها، وملاحقتهم.
ووفقا لبيان صحافي للقناة المنتجة، فإن مشاهد المدينة المنورة بالمسلسل جرى تصويرها في مدينة تم تشييدها خصيصا لتحاكي الأحداث، وذلك على مساحة قدرها 25 ألف متر مربع، أما مشاهد إسطنبول، تم بناء مدينة لها أيضا على مساحة نحو 20 ألف متر مربع، فضلا عن مشاهد الحروب والجبهات في سيبيريا والقوقاز، إلى جانب مشاهد أخرى جرى تصويرها في دمشق وبيروت.
"سفر برلك" من بطولة عبدالرحمن اليماني، وسام فارس، أنس طيارة، بيو شيحان، والنجم عابد فهد (في دور جمال باشا)، والفنان فادي صبيح (في دور فخر الدين باشا)، كما يشارك فيه نجوم سعوديون، منهم خالد يسلم، الدكتور مؤيد الثقفي، ميلا الزهراني، محمد بخش، هند محمد، حنين تركستاني، ندى توحيد، عزام النمري، عزيز غرباوي وآخرون.
إضافة إلى نجوم سوريين ولبنانيين مثل عبدالهادي الصباغ، ونانسي خوري، شادي الصفدي، وسام فارس، كميل سلامة، وجورج خباز، في قصة وسيناريو وحوار كانت ثمرة ورشة كتابة لأربعة مؤلفين هم تيسير عسكري، وائل حمدي، إياد أبو الشامات، محمد أبو لبن، بمشاركة عمرو حاتم علي.

سمات

الأكثر قراءة