انخفاض المخزونات الأمريكية يمهد الطريق لأسعار نفط أقوى مع قرب الصيف

انخفاض المخزونات الأمريكية يمهد الطريق لأسعار نفط أقوى مع قرب الصيف

تواصل أسعار النفط الخام تقلباتها مع ميل إلى الارتفاع نتيجة تباطؤ التدفقات من روسيا وتخفيضات إنتاج تحالف "أوبك +" وتراجع المخزونات النفطية الأمريكية للأسبوع السادس لتحوم قرب أدنى مستوى لها منذ كانون الثاني (يناير)، ما أدى إلى تضييق السوق وتسجيل ارتفاعات هي الأكبر على مدار العام الجاري.
ويقول لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون: إن انخفاض المخزونات النفطية الأمريكية يمهد الطريق لأسعار أقوى مع اقتراب فصل الصيف، لافتين إلى انتعاش النفط الخام من أدنى مستوى في 15 شهرا الذي سجله في آذار (مارس) الماضي بعد أن أعلنت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" وحلفاؤها عن خطط لخفض الإنتاج.
وأوضح المختصون أن تجار النفط يتمسكون أيضا بوجهة النظر القائلة إن الطلب الصيني سيرتفع، بينما تستمر المخاطر الجيوسياسية في إلقاء ظلال واسعة على الأسواق في الشرق الأوسط، حيث لا تزال تدفقات خطوط الأنابيب من إقليم كردستان العراق شبه المستقل متوقفة.
وفي هذا الإطار، قال مفيد ماندرا نائب رئيس شركة إل إم إف النمساوية للطاقة: إن المكاسب السعرية للنفط الخام مرشحة للاستمرار بعد تعافي معنويات السوق وتجدد آمال انتعاش الطلب بقيادة الصين، حيث سجلت واردات الصين من الخام أعلى مستوياتها في ما يقرب من ثلاثة أعوام في مارس الماضي مرتفعة بنسبة 22.5 في المائة على أساس سنوي، مشيرا إلى أن إحصائيات وتقارير دولية أفادت بأن الصين استوردت 12.3 مليون برميل يوميا في مارس مقارنة بـ10.1 مليون برميل يوميا قبل عام.
وأضاف أن اقتراب موسم القيادة الصيفي يبشر بتسارع وتيرة تعافي الطلب خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، كما عززت المصافي في الصين عمليات تشغيل مصافي التكرير في الأسابيع الأخيرة استعدادا لزيادة الاستهلاك مع تعافي اقتصاد البلاد.
من جانبه، يرى أندرو موريس مدير شركة بويري الدولية للاستشارات، أن تشديد المعروض النفطي تسبب في صعود أسعار النفط الخام على نحو قياسي، إذ ارتفع سعر خام الأورال بقوة، ما يهدد سقف الأسعار الذي اتفقت مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي على فرضه على موسكو العام الماضي في محاولة للإضرار بإيراداتها النفطية.
وأشار إلى أنه ثبت عمليا مرونة الإنتاج الروسي وضعف تأثير العقوبات الغربية فيه، خاصة بعد تمدده في الأسواق الآسيوية كبديل عن الأسواق الأوروبية، مشيرا إلى خام الأورال يجري تداوله حاليا عند ما يقرب من 60 دولارا للبرميل، ما يعني أن عائدات النفط لهذا العام قد تكون أعلى من المتوقع.
أما أندريه جروسي مدير شركة إم إم أيه سي الألمانية فيشير إلى تقارير دولية ترى أن روسيا تصدر النفط إلى الخارج بالمعدل نفسه الذي كانت عليه قبل الحرب في أوكرانيا وما تبعه من سلسلة عقوبات الاتحاد الأوروبي، منوها إلى تأكيد وكالة الطاقة الدولية أن تشديد سوق النفط قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط في النصف الثاني من العام الجاري.
وأشار إلى تباين وجهة نظر وكالة الطاقة الدولية الأخيرة مع حالة قلق رصدتها بنوك عالمية مثل "سيتي بنك" و"مورجان ستانلي" بشأن الطلب العالمي، كما رجحت الوكالة أن أوروبا قد تكافح لتأمين إمدادات الطاقة في الشتاء المقبل، رغم أنها يجب أن تكون قادرة على الاستغناء عن إمدادات الطاقة الروسية.
بدورها، ذكرت ويني إكيللو المحللة الأمريكية في شركة أفريكان إنجنيرينج الدولية، أن استمرار وتيرة صعود أسعار النفط الخام مرجحة بقوة في الأسابيع المقبلة، حيث لا يزال المضاربون على الارتفاع متفائلين بأن تخفيضات إنتاج "أوبك +" ستشدد السوق.
ورجحت أن تستمر أسواق الطاقة في التركيز على الأساسيات العامة بدلا من القلق الشديد بشأن أسواق السلع الأساسية في الصين، لافتة إلى أهمية البيانات الشهرية لكل من "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية في التأثير في الأسعار، حيث من المرجح أن تقدم دعما إضافيا.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط في التعاملات المبكرة، بعد ارتفاعها في الجلستين السابقتين، إذ ظل المستثمرون حذرين بسبب المخاوف المستمرة بشأن ركود محتمل في الولايات المتحدة وضعف الطلب على النفط.
وانخفض خام برنت 19 سنتا، أو 0.2 في المائة، إلى 87.14 دولار للبرميل، في حين تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 16 سنتا، أو 0.2 في المائة، إلى 83.10 دولار.
وارتفع الخامان القياسيان 2 في المائة، الأربعاء إلى أعلى مستوياتهما في أكثر من شهر، إذ حفزت بيانات أظهرت ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة بوتيرة أقل، الآمال في أن يتوقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن رفع أسعار الفائدة.
ومع ذلك، فإن التشديد النقدي السابق، الذي شهد رفع الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ 2007، يزيد المخاوف من أن يؤدي تركيز "الفيدرالي" على وقف التضخم إلى كبح النمو الاقتصادي والطلب في المستقبل على النفط في البلد الأكثر استخداما له في العالم.
وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة 0.1 في المائة الشهر الماضي، وهو ما يقل عن توقعات خبراء الاقتصاد زيادة بنسبة 0.2 في المائة ويقل عن ارتفاع 0.4 في المائة في فبراير، ما عزز التوقعات بأن يوقف مجلس الاحتياطي رفع الفائدة بعد زيادة محتملة في مايو.
وتجاهلت الأسواق الأربعاء زيادة طفيفة في مخزونات الخام الأمريكية، وعزتها جزئيا إلى سحب للنفط من احتياطي الطوارئ الأمريكي بتكليف من الكونجرس وانخفاض الصادرات في بداية الشهر.
وقالت إدارة معلومات الطاقة: إن مخزونات الخام ارتفعت 597 ألف برميل في الأسبوع الماضي مقارنة بتوقعات المحللين في استطلاع لـ "رويترز" بانخفاض 600 ألف برميل. وسجلت مخزونات البنزين ونواتج التقطير تراجعا أقل من المتوقع. وصعدت سوق النفط قبل أسبوعين بعد أن اتفقت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" وحلفاء مثل روسيا على تقليص الإنتاج.
وقال فاتح بيرول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية الأربعاء، إنه نتيجة لذلك قد تشهد سوق النفط العالمية شحا في النصف الثاني من عام 2023، ما قد يدفع الأسعار إلى الارتفاع.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 86.64 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 85.41 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" الخميس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق، وإن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 85.49 دولار للبرميل.

سمات

الأكثر قراءة