الاقتصاد الصيني ينمو 4.5 % خلال الربع الأول
سجل الاقتصاد الصيني نموا بنسبة 4.5 في المائة في الربع الأول من العام الجاري 2023، في خطوة تعود بشكل أساسي إلى رفع البلاد أواخر العام الماضي، القيود الصحية التي كانت مفروضة على خلفية جائحة كوفيد - 19.
ووفقا لـ"الفرنسية" أمس، يظهر ثاني أكبر اقتصادات العالم للمرة الأولى منذ 2019، بهذه النسبة التي فاقت التوقعات، تعافيه من آثار القيود الصارمة التي فرضتها السلطات، واصطلح على تسميتها سياسة "صفر كوفيد"، وأتاحت السيطرة على تفشي المرض، إلا أنها أثرت بشكل حاد في الأعمال التجارية وسلاسل التوريد.
وجاءت نسبة النمو في الأشهر الثلاثة بدفع أساسي من ارتفاع مبيعات التجزئة، المعيار الرئيس لاستهلاك الأسر، بنسبة سنوية بلغت 10.6 في المائة، وهي الأعلى منذ حزيران (يونيو) 2021.
وقال فو لينج هوي، المتحدث باسم الهيئة، في مؤتمر صحافي "حقق الاقتصاد الوطني الصيني بداية جيدة هذا العام، وشهدت توقعات السوق تحسنا كبيرا".
وأردف "في الربع الأول، ضمنت الصين انتقال أعمال الوقاية والسيطرة على وباء كوفيد - 19 إلى المرحلة الجديدة بسلاسة وفي وقت قصير نسبيا، حيث سجل الإنتاج والطلب انتعاشا مستقرا، وظلت العمالة والأسعار مستقرة بشكل عام، واستمر دخل السكان في الارتفاع".
وأكد أنه من المرجح أن يكون النمو في الربع الثاني أسرع بكثير من النمو المسجل في الربع الأول، مشيرا إلى أن هذه التحسينات تظهر أن الطلب المحلي قد توسع تدريجيا وتحسنت توقعات المستهلكين.
بدوره قال شوي شياوكين، المسؤول في وزارة المالية الصينية "إنه من المتوقع استمرار ارتفاع الإيرادات النقدية في ظل تعافي الاقتصاد".
ونقلت وكالة "بلومبيرج" للأنباء عن المسؤول القول "إن نمو الإيرادات النقدية سيستمر عند مستوى مرتفع خلال الربع الثاني بسبب عوامل مثل قاعدة المقارنة المنخفضة، لكن وتيرة النمو ستتراجع خلال النصف الثاني نتيجة تلاشي هذه العوامل تدريجيا". وأوضح أن سوق العقارات أظهرت تغيرات إيجابية في ظل تطبيق إجراءات الدعم، لكنها ما زالت تتعافى تدريجيا.
ونما قطاع الخدمات في الصين بنسبة 5.4 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول من العام الحالي، مع توسع سريع في مجموعة واسعة من الصناعات القائمة على المواصلات، مثل صناعتي الفنادق والمطاعم.
وزاد الاستثمار في الأصول الثابتة في الربع الأول بنسبة 5.1 في المائة على أساس سنوي، وبلغ معدل البطالة في المناطق الحضرية التي شملها الاستطلاع 5.5 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى، وفقا للهيئة الوطنية للإحصاء.
إلى ذلك، زاد الإنتاج الصناعي 3.9 في المائة الشهر الماضي، في تحسن عن مستويات كانون الثاني (يناير) - (فبراير)، لكنه بقي دون توقعات الخبراء "4.4 في المائة"، وفق الأرقام التي نشرها المكتب الوطني للإحصاءات.
وأشار تقرير المكتب الى أن الصين واجهت خلال الأشهر الثلاثة الأولى "بيئة عالمية حرجة ومعقدة، إضافة إلى المهمات المضنية للتقدم في الإصلاح والتنمية وضمان الاستقرار محليا".
وأدت الإجراءات التي اعتمدتها السلطات لمواجهة كوفيد، وارتكزت على فرض حجز صحي صارم وإجراء فحوص على نطاق واسع وقيود على السفر، إلى تقييد النشاطات الاقتصادية المعتادة، قبل أن يتم رفعها بشكل مفاجئ في كانون الأول (ديسمبر).
كما يواجه الاقتصاد الصيني أعباء أزمات عدة، من قطاع العقارات الغارق في الديون، إلى تراجع ثقة المستهلك، وارتفاع التضخم عالميا، وخطر الركود في اقتصادات أخرى، والتوترات الجيوسياسية مع الولايات المتحدة. ومنذ رفع القيود الصحية، أقبل الصينيون مجددا على ارتياد المطاعم والسفر، ما أعطى قطاع الخدمات دفعا كان في أمس الحاجة إليه.
وقال تييوي ميفيسن المحلل في مصرف رابوبنك، "إن تسجيل الاستهلاك تعافيا في الربع الأول يعود بشكل جزئي الى زيادة الطلب، لكنه لم يستعد بعد مستويات ما قبل الجائحة".
وأشار الى أن "الخسائر في ثروات الأسر جراء أزمة القطاع العقاري، وخسارة الأسر موارد دخلها خلال الجائحة، هي من العوامل التي دفعت المستهلكين إلى الإحجام عن إنفاق مزيد من الأموال".
من جهتها، اعدت آيرين بانج، كبيرة اقتصاديي الصين الكبرى لدى "آي أن جي" للتحليل المالي والاقتصادي، أن السبب الأساسي لتحقيق الصين نموا فاق التوقعات كان زيادة مبيعات التجزئة "التي عززتها بشكل رئيس الخدمات المرتبطة بالطعام".
وتفوق الأرقام الرسمية للنمو بين يناير ومارس، نسبة 3.8 في المائة التي رجحها محللون استطلعت آراؤهم سابقا.
وكان الاقتصاد الصيني حقق نموا بـ3 في المائة على امتداد 2022، وهي من أدنى النسب التي سجلها خلال عقود. وفي العام الماضي، نما الاقتصاد بنسبة 4.8 في المائة في الربع الأول، إلا أنه اكتفى بنسبة 2.9 في المائة في الربع الأخير. وكان نمو 2022 ما دون التقديرات الرسمية التي بلغت 5.5 في المائة.
وأبقت الحكومة الصينية توقعاتها الرسمية للنمو في 2023 متواضعة بحدود 5 في المائة وهو هدف أقر لي كيانج رئيس الوزراء بصعوبة تحقيقه.
ورجح محللون في تصريحات أن يسجل الاقتصاد الصيني نموا بنسبة 5.3 في المائة، وهو ما يناهز توقعات صندوق النقد الدولي "5.2 في المائة".
إلا أن الخبراء يحذرون من أن السياقات الاقتصادية العالمية قد تفرض ثقلها على التعافي الصيني. ورأى كين شونج المحلل في مصرف ميزوهو أن الاستهلاك المحلي أثبت أنه عماد التحسن الاقتصادي، لكن الإنتاج الصناعي كان مخيبا للآمال مقارنة بالتعافي القوي لنمو الصادرات.
ورجح أن يحتاج "تعافي ثقة الأعمال التجارية الى وقت"، وهو ما يتطلب ضخ مزيد من السيولة المالية لتعزيز النشاطات الاقتصادية الفعلية.
وفي سياق متصل، أظهرت بيانات من الهيئة الوطنية للإحصاء أمس، أن نصيب الفرد من الدخل القابل للتصرف في الصين بلغ 10870 يوان "نحو 1579.6 دولار" في الربع الأول من 2023، بزيادة 5.1 في المائة على أساس سنوي بالقيمة الاسمية.
وكشفت البيانات أن نصيب الفرد من الدخل القابل للتصرف ارتفع بنسبة 3.8 في المائة عن العام الماضي، وذلك بعد خصم عوامل السعر.
وأوضحت البيانات أن نصيب الفرد من الدخل القابل للتصرف في الحضر بلغ 14388 يوان، بزيادة 4 في المائة بالقيمة الاسمية، وبزيادة 2.7 في المائة بالقيمة الحقيقية، في حين بلغ نصيب الفرد من الدخل القابل للتصرف في المناطق الريفية 6131 يوان، بزيادة 6.1 في المائة بالقيمة الاسمية، وبزيادة 4.8 في المائة بالقيمة الحقيقية.
ووفقا للبيانات، فإن نصيب الفرد من الإنفاق الاستهلاكي زاد بنسبة 5.4 في المائة على أساس سنوي بالقيمة الاسمية ليصل إلى 6738 يوان في الربع الأول من 2023 ، بينما ارتفع نصيب الفرد من الإنفاق الاستهلاكي بالقيمة الحقيقية بنسبة 4 في المائة. كما أظهرت البيانات أن الناتج المحلي الإجمالي للصين ازداد بنسبة 4.5 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول من 2023.