متاجر «كل شيء بدولار» تجدد نفسها لعصر التضخم
متاجر "كل شيء بدولار"، أو متاجر الدولار، التي تبيع بأسعار مخفضة، المعروفة بتموين المتسوقين الذين يعانون ضائقة مالية في أمريكا، تشهد تغييرا، في وقت يدفع فيه التضخم مزيدا من المستهلكين إلى أبوابها.
أعلنت أكبر سلسلتين في الصناعة خططا لتجديد نحو ضعف المتاجر التي ستفتتحانها هذا العام. ستزيد "دولار جنرال" و"دولار تري" عدد المتاجر المجددة 11.4 في المائة و25.6 في المائة عن العام الماضي، على التوالي.
كلتاهما تنفق مبالغ ضخمة على المجمدات والمبردات لتلبية الطلب المتزايد على البقالة من العملاء المتضررين من التضخم، الذين حولوا قدرا كبيرا من إنفاقهم على العناصر التقديرية إلى العناصر الأساسية مثل الطعام.
ستكون تكلفة التجديد وفتح متاجر جديدة ضخمة، الأمر الذي يميز السلسلتين عن تجار التجزئة الآخرين الذين يخفضون التكاليف ويغلقون منافذ البيع. توقع محللو بنك يو بي إس الأسبوع الماضي أن 50 ألف متجر أمريكي، أو 5 في المائة من الإجمالي الحالي، قد تغلق بحلول نهاية 2027.
ستزيد "دولار جنرال" الإنفاق الرأسمالي نحو 22 في المائة هذا العام المالي، إلى 1.9 مليار دولار، أي أعلى 142 في المائة مما أنفقته في العام المالي الذي سبق الجائحة حتى كانون الثاني (يناير) 2020. من جانبها، تعمل "دولار تري" على زيادة الإنفاق الرأسمالي في العام المالي الحالي نحو 60 في المائة، إلى ملياري دولار، أي نحو ضعف ما أنفقته في العام حتى شباط (فبراير) 2020.
على النقيض، تتوقع "وول مارت" التي تفوقهما حجما بكثير أن تبقى نفقاتها الرأسمالية ثابتة أو ترتفع قليلا فقط عن مستوى العام الماضي البالغ 16.8 مليار دولار.
قال كوري تارلو، المحلل في "جيفريز"، "إنهما تنموان. إذا كانتا تنموان، فعليهما أن تنفقا".
يقدر "يو بي إس" أن متاجر الدولار فتحت بالفعل 12 ألف منفذ بيع في العقد الماضي، مقارنة بـ1100 منفذ فقط للمتاجر الشاملة مثل "وول مارت" و"تارجت" و"كوستكو".
يوجد الآن أكثر من 19 ألف متجر لـ"دولار جنرال" وأكثر من 16 ألف منفذ لـ"دولار تري" و"فاميلي دولار" في الولايات المتحدة وكندا. "وول مارت"، التي قد تسع مراكزها الكبرى عشرة أضعاف منافذ متاجر "كل شيء بدولار"، لديها ما يزيد قليلا على 5700 متجر في الدولتين.
بدأت "دولار جنرال" و"دولار تري" التنويع في محال البقالة حتى قبل أن يبدأ التضخم في الارتفاع. تراجع تضخم أسعار المواد الغذائية لكن أسعار البقالة في الولايات المتحدة لا تزال مرتفعة 8.5 في المائة عن مستواها في آذار (مارس) 2022. هذا الضغط على ميزانيات الأسر جعل المتسوقين الذين تجنبوا ذات مرة متاجر الدولار يأخذونها في الحسبان.
قال ريتشارد دريلينج، رئيس "دولار تري" التنفيذي للمحللين الشهر الماضي "الجو الاقتصادي الحالي يدفع مزيدا من المستهلكين ذوي الدخل المرتفع إلى متاجر التجزئة ذات الأسعار المخفضة"، مشيرا إلى أن المستهلكين أصحاب الدخل المتوسط، الذين يكسبون نحو 80 ألف دولار سنويا "يشترون المخفض".
مع أن معظم عملاء متاجر كل شيء بدولار لا يزالون يعودون إلى فئات الدخل المنخفض، إلا أن المستهلكين من أصحاب الدخل المتوسط يلعبون دورا مهما في نمو مبيعات البقالة، وفقا لتقرير صادر عن "كورسايت ريسيرش".
قال نيل سوندرز، المحلل في "جلوبال داتا"، "أناس أكثر يتجهون إلى متاجر كل شيء بدولار لتوفير المال، ولا سيما الضروريات اليومية"، وأضاف "مع بدء مزيد من ذوي الدخل المتوسط الشعور بضغط التمويل، تصبح تلك المتاجر جذابة أيضا".
هذه ليست المرة الأولى التي تجلب فيها الضغوط الاقتصادية عملاء جددا إلى متاجر الدولار. لقد شهدت تدفقا للعملاء خلال الكساد الكبير في الفترة من أواخر 2007 إلى 2009، واحتفظت بمعظمهم عندما استقر الاقتصاد.
قال مارك كوهين، أستاذ في كلية كولومبيا للأعمال "إنهم يحققون ربحا مثلما استفادوا عرضيا من حالات التراجع في الاقتصاد، وهذه الحالة مدفوعة بالتضخم".
لتلبية هذا التحول في الإنفاق، تخطط "دولار جنرال" للتوسيع من 3200 متجر إلى أكثر من ثمانية آلاف في العام المالي الحالي. وستضيف نحو 66 ألف ثلاجة، بعد أن أضافت عددا مماثلا العام الماضي.
قال روبيش باريك، المحلل في "أوبنهايمر"، "لقد حققت (دولار جنرال) نجاحا كبيرا (...) على جانب المستهلك وتوسيع أعمالها إلى مزيد من البقالة. أعتقد أن (فاميلي دولار) تسير على خطاها".
باعت "دولار تري" منذ فترة طويلة ما تسميه الصناعة المواد الاستهلاكية في سلسلة "فاميلي دولار" التابعة لها، لكنها وسعت أخيرا معروض البقالة في منافذ "دولار تري" أيضا. بدأت في بيع الخبز والثلج العام الماضي إلى جانب الأطعمة المجمدة والمبردة بسعر ثلاثة، وأربعة، وخمسة دولارات، وهي أعلى بكثير من السعر القياسي البالغ 1.25 دولار الذي وصلت إليه في 2021 حين كشر التضخم عن أنيابه.
قال دريلينج في أحدث مكالمة أرباح "المواد الاستهلاكية تحرك المعاملات. ما يجدر بنا اكتشافه هو كيفية جمع سلعة استهلاكية وسلعة غير استهلاكية في السلة معا وزيادة السلة".
هوامش الربح أقل في البقالة من السلع غير الضرورية، لذا لا تملك متاجر "كل شيء بدولار" حافزا كبيرا لتدخل عميقا في نطاق محال السوبر ماركت. أشار "يو بي إس" إلى أن هوامش تشغيل متاجر الدولار كانت أكثر من ضعف هوامش سلاسل البقالة في العام الماضي.
قال سوندرز "إنها لا تريد التنافس وجها لوجه مع وول مارت"، "إنها خيار مختلف (...)هويتها الحقيقية هي أنها وجهة مريحة تتيح للناس شراء الضروريات، إضافة إلى مجموعة أشياء أخرى".
عوضا عن ذلك، يمكنها استخدام أعمالها الغذائية للاستحواذ على حصة في السوق من محال البقالة العائلية المستقلة الأصغر حجما والصيدليات والتموينات الصغيرة، حسب تارلو.
حتى مع استثمارها مبالغ أكثر في المنافذ الحالية، لا يزال من المتوقع أن تتفوق سلاسل الخصومات على بقية متاجر البيع بالتجزئة في افتتاح المتاجر. تخطط "دولار تري" لفتح 650 متجرا جديدا هذا العام، بينما تخطط "دولار جنرال" لفتح ألف متجر. يقول محللون "إن هذا يظهر ميزة فريدة أخرى في نموذج أعمالها".
قالت ماري دريسكول، العضو المنتدب للرفاهية والتجزئة في "كورسايت ريسيرش"، "متاجر الدولار كبيرة لأنها لا تفعل هذا عبر الإنترنت. كي تنمو، الأمر محصور إلى حد كبير في تغطية فروعها المادية".