الجمعة, 2 مايو 2025 | 4 ذو القَعْدةِ 1446


خاتم في إصبعها

بعض القصص الإنسانية التي تصلني تجعلني في حيرة من أمري، هل أتعاطف مع أصحابها أم أخبرهم بحقيقة الأمر أم أكتفي بالقراءة دون إبداء أي ردة فعل؟ "لخبطة" المشاعر أمر طبيعي قد ينتاب الكاتب لوهلة من الوقت، لكن بعد التفكير العميق تتضح له الرؤية. وصلتني رسالة تقول صاحبتها،" تزوجت زوجي من غير رغبة والدته وأخواته، فقد كن يرغبن في تزويجه من ابنة خالته، لكن بحكم علاقة الصداقة بين والدي ووالده، فقد رغب الأخير في أن يتوجها بعلاقة نسب وأحفاد. وافقت ومن النظرة الأولى أحببت زوجي وكذلك هو. في عقد قراني كانت والدته وشقيقاته كأنهن في عزاء. كان الحقد والغيرة مرتسمين على وجوههن. سكنت في شقة مستقلة في منزلهن، وطوال خمسة أعوام لم أسلم من مكايد الأم وألاعيب الأخوات وتدخلهن في خصوصياتي. كل ما تتخيلينه من الخطط الشيطانية والأكاذيب فعلنه، حتى يفرقن بيني وبينه، وكنت طوال الوقت أكتفي بالدعاء والكتمان ولم أخبر أهلي، فقد أردت أن أحافظ على متانة وقوة الصداقة بين عمي ووالدي، ما سبب لي الاكتئاب الذي أعالج منه إلى الآن. كان زوجي يعيش صراعا عنيفا بين إرضاء والدته والوقوف بجانبي، لأنه يدرك جيدا أنني أتحمل فوق طاقتي من ظلمهن وعداوتهن. بعد أن أنجبت طفلي الأول زادت مشاعر الكراهية نحوي، فطوال هذا الوقت كانت ابنة خالتهن تنتظر على أحر من الجمر خبر انفصالي حتى تتزوج زوجي. حين بلغت قمة الصبر والتحمل وقبل الوصول إلى مرحلة الانفجار التي يتم فيها تدمير كل شيء، وضعت زوجي بين خيارين لا ثالث لهما، إما الاستقلال التام في منزل بعيد عن أهله وإما الطلاق، وبدعم من والده الذي كان يعلم تفاصيل الحرب الخفية التي تمارسها زوجته وبناته، فقد خرجت أخيرا إلى منزل خاص بي، لأبدأ فيه الحياة الزوجية الحقيقية التي لم أعشها مسبقا. قطعت علاقتي مع أهله إلا في مناسبات الأعياد، لكن زوجي وأطفالي يزورونهم بشكل شبه يومي.
اليوم أعيش السعادة المطلقة مع زوجي وأطفالي وأحرص على تصوير سفرياتي ونزهاتي في المطاعم والكافيهات والهدايا التي يشتريها لي زوجي ومشاويري بسيارتي الخاصة، وزيارات أهلي ورفيقاتي وتفاصيل منزلي الفاخر، لأني أعلم أنهن يتفرجن عليها، فأشعر بلذة الانتقام. هن يعتقدن أني قد سحرته وجعلت منه خاتما في إصبعي. هذا الإحساس بالقهر والغبن الذي يشعرن به، يزيدني سعادة وإحساسا بالتشفي.. فهل أنا مخطئة؟
وخزة:
يقول دوجلاس هورتون، "عندما تبدأ في الانتقام عليك أن تحفر قبرين أحدهما لنفسك". هوس الانغماس في فكرة الانتقام سيحرمك من الاستمتاع الحقيقي بمباهج حياتك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي