العقارات التجارية .. التخلف عن السداد يقلق البنوك

العقارات التجارية .. التخلف عن السداد يقلق البنوك
القروض العقارية التجارية المتعثرة لدى ويلز فارجو قفزت 50 في المائة منذ كانون الأول (ديسمبر) إلى 1.5 مليار دولار.

قال مسؤولون تنفيذيون كبار هذا الأسبوع "إن البنوك الأمريكية باتت قلقة بشكل متزايد بشأن انخفاض تقييمات العقارات التجارية وما يشكله ذلك من مخاطر على الميزانيات العمومية للمقرضين".
تراجعت تقييمات المكاتب على وجه الخصوص إثر ارتفاع أسعار الفائدة وتفضيل عديد من الموظفين العمل من المنزل منذ جائحة فيروس كورونا.
مع ذلك، سعى مسؤولون تنفيذيون ماليون إلى طمأنة المستثمرين بأنهم لا يتوقعون مخاطر نظامية كبيرة، لأن الحيازات موزعة على نطاق كبير بين البنوك والمؤسسات الأخرى.
قال رون أوهانلي، وهو مصرفي أمريكي هذا الأسبوع، ما يحدث للعقارات التجارية، ولا سيما المكاتب كان أكبر مخاوف "ستيت ستريت". وأضاف "ما زالت الفئة A صامدة. وقد تكون الإيجارات في انخفاض، لكنها لا تواجه متاعب. الفئتان B وC بالتأكيد تواجهان مأزقا".
وفقا لبرايان ماكدونيل، رئيس أعمال الديون العقارية لشركة بي جي آي إم، المسؤولة عن إدارة 122 مليار دولار "السؤال الذي نواجهه جميعا هو إذا ما كانت العدوى ستنتشر من قطاع المكاتب". وأضاف "إذا واجهت مشكلة تتعلق بالثقة، فقد يقوم الناس فجأة بوضع جميع العقارات التجارية في السلة نفسها".
هناك علامات على ضغوط متزايدة على أرباح البنوك في الربع الأول. ذكر "ويلز فارجو" الأسبوع الماضي أن قروضه العقارية التجارية المتعثرة قفزت نحو 50 في المائة منذ كانون الأول (ديسمبر) لتصل إلى 1.5 مليار دولار.
من جانبه، أشار بنك مورجان ستانلي إلى العقارات التجارية وتدهور التوقعات الاقتصادية باعتبارها من أسباب الارتفاع الحاد في المخصصات مقارنة بالعام الماضي. قال جيمس جورمان الرئيس التنفيذي للمحللين في اتصال هاتفي "من وجهة نظري، نحن لسنا في أزمة مصرفية، لكننا عانينا وربما نعاني أزمة تطول بعض البنوك".
تمثل القروض العقارية التجارية نحو 40 في المائة من إجمالي قروض البنوك الصغيرة، ونحو 13 في المائة من دفاتر أكبر البنوك المقرضة.
بنك أوه زد كيه ـمقره أركنسوـ المنكشف جدا على القطاع، أفاد يوم الجمعة بأنه رفع مخصصات القروض 10 في المائة في الربع الأول. عند 36 مليون دولار، يمثل ذلك زيادة قدرها عشرة أضعاف مستويات العام الماضي.
ما يقارب ثلث الدين العقاري التجاري البالغ 4.5 تريليون دولار يحين أجل استحقاقه قبل نهاية عام 2025، وفقا لمحللي "مورجان ستانلي"، الذي ذكر أن جزءا كبيرا من هذا الدين "مستحق خلال فترة قصيرة وتحديدا قبل نهاية عام 2025".
كريستوفر أيلمان، كبير مسؤولي الاستثمار في نظام تقاعد المعلمين في ولاية كاليفورنيا الذي تبلغ قيمته 306 مليارات دولار، قال لـ"فاينانشيال تايمز" هذا الأسبوع "إن تقديراته تشير إلى أن تقييمات المكاتب انخفضت نحو 20 في المائة"، مضيفا أنه "يستعد لخسائر فادحة في المحفظة العقارية للصندوق التي تبلغ 52 مليار دولار".
تنتشر مخاوف المستثمرين على نطاق واسع، مع تحديد نصف الذين شملهم استطلاع أجراه بانك أوف أمريكا هذا الشهر، أن العقارات التجارية هي المصدر الأكثر احتمالا لوقوع حدث ائتماني شامل.
يثير القطاع مخاوف مشابهة خارج الولايات المتحدة. وصف مسؤول كبير في صندوق النقد الدولي هذا الشهر العقارات التجارية بأنها "نقطة تركيز". وحذر أحدث تقرير عن الاستقرار المالي، صادر عن المقرض متعدد الأطراف، من أن "اجتماعا ساما" بين انخفاض قيمة العقارات وتشديد الأوضاع المالية والأسواق ذات السيولة الشحيحة يمكن أن يؤدي إلى معاناة المقترضين في إعادة تمويل مخزون متزايد باستمرار من القروض المستحقة، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع معدلات التخلف عن السداد بشكل حاد.
انضمت مجموعة بروكفيلد العقارية إلى عدد متزايد من الحالات البارزة للتخلف عن السداد هذا الأسبوع، بتخلفها عن سداد قروض قيمتها 161 مليون دولار مرتبطة بمجموعة من مباني المكاتب في ضواح بالقرب من واشنطن. في شباط (فبراير)، أرجعت المجموعة مفاتيح برجي مكاتب رئيسين في لوس أنجلوس.
كذلك تخلت شركتا بلاكستون وبيمكو في الأشهر الأخيرة عن بعض استثماراتهما في المكاتب، بدلا من الاستمرار في الرهانات الخاسرة.
قال توني ناتسيس، رئيس مجموعة العقارات في شركة ألين ماتكينز للمحاماة "إذا كان لديك دين مستحق، فلن يمكنك تحمل عبء الدين الحالي وأنت لست على استعداد لوضع مزيد من الأموال فيه، بالتالي ستتعرض لحبس الرهن". لكنه أضاف أن المقرضين يفضلون تعديل القروض الحالية "إنهم يسألون أنفسهم: هل أريد حقا استعادة ذلك في سوق سيئة؟".
في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، انخفضت الصفقات المتعلقة بالمكاتب إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من عقد، وفقاً لبيانات "إم إس سي آي ريال أسيتس".
بذل مختصون عقاريون جهودا مضنية للإشارة إلى أن العقارات التجارية هي بطبيعتها سوق بطيئة الحركة وقليلة السيولة، وأن المستثمرين لا ينبغي أن يتوقعوا حلولا سريعة للأوضاع المضطربة.
"ما يعد إيجابيا هنا هو أن أجزاء كبيرة من العقارات التجارية لا تزال تعمل بشكل جيد، مثل الخدمات اللوجستية والفنادق والمساكن المؤجرة ومراكز البيانات"، كما قال هذا الأسبوع جوناثان جراي، رئيس شركة بلاكستون، أكبر شركة استثمار عقاري في العالم بأصول عقارية تبلغ 332 مليار دولار.
صنع جراي اسمه من خلال ذراع الملكية لشركة بلاكستون وأكد مدى اتساع حيازة الاستثمارات العقارية.
قال "العقارات التجارية موزعة على نطاق واسع بين البنوك الكبرى والبنوك الصغيرة وشركات التأمين والهيئات الحكومية وصناديق الاستثمار في التوريق والرهون العقارية. لا أعتقد أن هذا هو نوع المشكلة النظامية التي يشير الناس إليها".

الأكثر قراءة