الذكاء الاصطناعي في قبضة عمالقة التكنولوجيا .. مجال المنافسة ضئيل

الذكاء الاصطناعي في قبضة عمالقة التكنولوجيا .. مجال المنافسة ضئيل

إلى أي مدى ستختفي سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي المزدهرة في أعماق أكبر شركات التكنولوجيا؟ وما الذي سيتبقى للشركات الأخرى الكثيرة التي تأمل الاستفادة من أحدث ظواهر عالم التكنولوجيا؟
لم يمر إلا أقل من خمسة أشهر منذ إطلاق "تشات جي بي تي"، لكن تلك الأسئلة تلوح في الأفق بالفعل مع تسابق شركات التكنولوجيا الكبرى للاستحواذ على أجزاء كبيرة من المجال لأنفسهم.
كانت "أمازون" آخر الشركات التي حددت موقفها من الذكاء الاصطناعي التوليدي عن طريق ذراعها للحوسبة السحابية أمازون ويب سيرفسز "إيه دبليو إس". إلى جانب نماذجها الكبيرة للذكاء الاصطناعي، قالت "إيه دبليو إس" الأسبوعين الماضيين "إنها ستتيح وصولا إلى نماذج أخرى على منصتها، بما فيها نموذج لغوي كبير من شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة أنثروبيك ونظام ستيبل ديفيوجن مفتوح المصدر لتوليد الصور".
تعد استضافة خدمات ذكاء اصطناعي مستقلة كهذه وتقديمها جزءا من محاولة "إيه دبليو إس" لوضع سحابتها في وسط سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي. كما توفر "إيه دبليو إس" جميع الأدوات التي يحتاج إليها المطورون لبناء نماذجهم الخاصة للذكاء الاصطناعي التوليدي وتدريبها واستخدامها، إضافة إلى تصميم رقائقها المتخصصة لتدريب أنظمة تعلم الآلة الكبيرة وتشغيلها.
وهي ليست الوحيدة في ذلك. تباهت "جوجل" الشهر الماضي بتحقيق الحواسيب فائقة الأداء التي بنيت باستخدام آخر جيل من رقائقها، التي تسمى وحدات معالجة الموتر، مستويات أداء خارقة في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة. كما انضمت "مايكروسوفت" إلى الاندفاع الجماعي مع أكبر شركات التكنولوجيا لتطوير رقائقها المتخصصة للذكاء الاصطناعي، وفقا لأحد كبار الشخصيات "نشرت مجلة (ذي إنفورميشن) الخطط لأول مرة".
تظهر خطوات مثل هذه القدر الذي تبذله شركات التكنولوجيا الكبرى في محاولاتها للتحكم في جميع أجزاء حزمة الحوسبة الجديدة للذكاء الاصطناعي، أي مستويات التكنولوجيا المطلوبة لدعم أعباء العمل الجديدة والشاقة في الحوسبة وتحويلها إلى خدمات نافعة للعملاء.
في أسفل هذه الحزمة توجد رقائق مصممة لمعالجة الكميات الهائلة من البيانات اللازمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة. تشمل المستويات الأخرى الخوارزميات والبرمجيات الأخرى المطلوبة لتدريب الأنظمة واستخدامها، ونماذج اللغة والرؤية واسعة النطاق نفسها المعروفة باسم "نماذج الأساس" لأنها تعمل كمستوى أساسي من الذكاء، وأخيرا، كثير من التطبيقات والخدمات التي تعمل على رأس هذه النماذج لتشكل التكنولوجيا لأسواق واستخدامات محددة.
تزعم أمازون ومايكروسوفت وجوجل بالفعل ملكيتها معظم المستويات الأدنى من هذا التسلسل الهرمي للتكنولوجيا، ما يجعل من الصعب على الآخرين اقتحام سوق سيكون فيها العمل على نطاق واسع بأقل التكاليف للوحدات أمرا ضروريا.
حتى إيلون ماسك، الذي يدعي أن شركته الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي ستكون "القوة الثالثة" في الذكاء الاصطناعي أمام جوجل والشراكة بين مايكروسوفت وأوبن إيه آي، يواجه مهمة صعبة. بنت "تسلا"، شركته للسيارات الكهربائية، حاسوبا يعمل بالذكاء الاصطناعي للتعامل مع التعرف عن طريق الرؤية. ادعى ماسك الذي لا يمكن كبحه أن بيع هذه التكنولوجيا للآخرين قد يقدر في يوم من الأيام بمئات المليارات. لكن مواكبة عمالقة التكنولوجيا الذين أمضوا أعواما بالفعل في صقل تكنولوجياتهم لأكبر نماذج اللغات والصور في العالم لن تكون أمرا سهلا.
السؤال الآن هو إلى أي مدى تحاول الشركات السحابية المضي قدما في "الحزمة"، في عملية المطالبة بمزيد من القيمة من التكنولوجيا الجديدة لنفسها؟
بالنسبة إلى الذين لا يمتلكونها بالفعل، فإن التحكم في نماذجهم الكبيرة للذكاء الاصطناعي "أو، في حالة مايكروسوفت، التحالف الوثيق مع أوبن إيه آي" يبدو هدفا مرجحا. تكلف نماذج الأساس مبلغا ضخما لتطويرها ويمكن تشغيلها على مجموعة واسعة من التطبيقات، ما يجعلها خطوة أولى طبيعية لأي شركة تكنولوجية كبيرة لديها طموحات في مجال الذكاء الاصطناعي.
إن مركزية هذه النماذج الكبيرة لأهدافها الاستراتيجية الأوسع تعني أن الشركات من غير المرجح أن تنظر إليها على أنها مراكز ربح في حد ذاتها. هكذا يرى عماد موستاك، رئيس "ستيبيليتي إيه آي"، الأمر بالتأكيد. يحذر موستاك من "سباق نحو القاع" في التسعير حيث تكافح شركات التكنولوجيا الكبرى لإنشاء أنظمة ذكاء اصطناعي رئيسة خاصة بها، ما يترك مجالا ضئيلا للآخرين.
بدلا من ذلك، يعتمد موستاك على شيئين. أحدهما هو أن أمازون ستسعد دائما بجني الأموال من استضافة نماذج الذكاء الاصطناعي المنافسة في السحابة الخاصة بها وعدم محاولة استبدالها بنماذجها الخاصة. الثاني هو أنه سيبقى هناك مجال للتمييز بين نماذج الذكاء الاصطناعي، كما لن يرغب جميع العملاء في الاعتماد على أنظمة عملاقة ومبهمة تديرها مجموعة من شركات التكنولوجيا المهيمنة. إذا كان مخطئا، فقد تكون المرحلة التنافسية المبكرة للذكاء الاصطناعي التوليدي قصيرة جدا.

الأكثر قراءة