متميزة في عدة مجالات .. كفاح «موديرنا» بعد كوفيد

متميزة في عدة مجالات .. كفاح «موديرنا» بعد كوفيد
انخفضت القيمة السوقية لـ"موديرنا" عن أعلى مستوياتها في حقبة الجائحة، ما يعكس تراجعا أوسع في قطاع التكنولوجيا الحيوية. "جيتي"

أنقذ لقاح كوفيد - 19 من شركة موديرنا ملايين الأرواح، وجعل مجموعة التكنولوجيا الحيوية واحدة من أسرع الشركات نموا في أمريكا. لكن الهبوط في مبيعات اللقاح بسبب انفراج الجائحة يمكن أن يدفع شركة موديرنا مرة أخرى إلى المنطقة الحمراء هذا العام، حيث تسابق لإثبات أنها ليست "متميزة في مجال واحد" بمنتج واحد.
تمول شركة الأدوية الأمريكية توسعا طموحا عبر الأرباح المفاجئة الناتجة عن نجاحها في لقاح كوفيد، سبايك فاكس، الذي يعد، حاليا، منتجها الوحيد المعتمد.
ستعين الشركة ألفي موظف، وتبني مصنعا في إفريقيا، وتستعد لإطلاق ستة منتجات جديدة، من بين مجموعة من المشاريع الطموحة الأخرى المصممة لدفع النمو في المستقبل.
يوضح جامي موك، المدير المالي لشركة موديرنا "تتمحور خطتنا الأساسية، على أمل، ألا نخسر الأموال، لكن هناك فرصة أن ذلك سيحدث. إنه توازن دقيق لمقدار ما يمكن أن تخسره. لكن نتمتع الآن بامتلاك فائض 18 مليار دولار من رأس المال للقيام بهذه الاستثمارات من أجل إيجاد قيمة طويلة الأجل للمرضى وجميع أصحاب المصلحة. ونعتقد أن هذا هو الشيء الصحيح الذي يتعين علينا فعله".
تراهن شركة موديرنا على أن منصة تكنولوجيا الرنا المرسال الخاصة بها ستمنحها ميزة على شركات الأدوية المنافسة في تطوير الأدوية التي تمنع أو تعالج مجموعة واسعة من الأمراض، من الإنفلونزا إلى السرطان. إن استخدام تكنولوجيا الرنا المرسال -مادة وراثية ترشد الخلايا إلى كيفية صنع بروتينات يمكنها محاربة الأمراض- طريقة أسرع وأكثر فاعلية لتطوير الأدوية وإطلاقها، وفقا للشركة.
يقول موك "لا نعتقد أن شركة موديرنا أو منصة تكنولوجيا الرنا المرسال التي نبنيها أمر مميز في مجال واحد. إنها ليست مجرد شركة للقاحات التنفسية. إنها شركة للقاحات الكامنة. وإنها شركة لقاحات سرطان تخصيصية. إنها شركة للأمراض النادرة".
تأسست شركة موديرنا منذ أكثر من عقد في كامبريدج، ماساتشوستس، وأطلقت منتجها الأول -سبايك فاكس- في كانون الثاني (يناير) في 2021، بعد الحصول على إذن من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية. ولديها الآن نحو 50 دواء قيد التطوير، منها 36 في مرحلة التجارب السريرية. وتخطط لإنفاق 4.5 مليار دولار على البحث والتطوير في 2023، أقل بقليل من خمسة مليارات دولار في المبيعات من "سبايك فاكس" حتى الآن هذا العام. وفي العام الماضي، باعت شركة موديرنا لقاحات كوفيد بقيمة 18.4 مليار دولار.
تم عرض كثير من برامج الأدوية المتقدمة في يوم اللقاحات السنوي في وقت سابق من هذا الشهر، بما في ذلك اللقاحات التي تستهدف أمراض الجهاز التنفسي ومن بينها أر إس في "فيروس الجهاز التنفسي المخلوي"، والإنفلونزا وكوفيد. وتهدف الشركة إلى الحصول على موافقة الجهات التنظيمية وإطلاق هذه اللقاحات العام المقبل. وتتوقع أن تولد لقاحات الجهاز التنفسي إيرادات تراوح بين ثمانية و15 مليار دولار في 2027.
لكن بعض المستثمرين لا يزالون حذرين بشأن توقعات المبيعات لـ2027 بسبب الانخفاض الحاد في الطلب على لقاحات كوفيد، على الصعيد العالمي. ويضيفون أن "الشركة تواجه أيضا تحديات تنافسية، وتنظيمية ولوجستية في الوقت الذي تسعى فيه إلى الحصول على الموافقة وإطلاق لقاحات فيروس أر إس في والإنفلونزا".
يقول ماني فروهار، محلل في شركة إس في بي سكيورتيز، وسيط يتمتع بتصنيف بيع لأسهم شركة موديرنا "سيكون لقاح فيروس أر إس في من شركة موديرنا ثالث لقاح يطرح في السوق. كما أن سوق الإنفلونزا أيضا مزدحمة نسبيا، لذا يبقى أن نرى ما إذا كان هذا الأصل الرائد لشركة موديرنا مجدياً تجاريا".
"إن شركة موديرنا تواجه تحديات لوجستية في تكثيف العمليات التجارية للتنافس مع الشركات الأكثر رسوخا. وليس هناك ما يضمن حدوث انتعاش في سوق لقاحات كوفيد في 2024، كما تنبأت شركتا موديرنا وفايزر، اللتان أعلنتا خططا لزيادة الأسعار"، كما يشير فروهار.
انخفضت القيمة السوقية لشركة موديرنا البالغة نحو 50 مليار دولار بالفعل عن أعلى مستوياتها في حقبة الجائحة التي تجاوزت 200 مليار دولار في أيلول (سبتمبر) في 2021، ما يعكس انخفاض مبيعات لقاحات كوفيد وتراجعا أوسع في قطاع التكنولوجيا الحيوية. وقد كان تداول أسهمها ثابت نسبيا على مدار الـ12 شهرا الماضية مع تقييم المستثمرين لما إذا كان بإمكانها تسويق مجموعة الأدوية المرشحة بنجاح.
هذا الانتظار أوشك على الانتهاء، كما يقول ستيفن هوج، رئيس شركة موديرنا. حيث تخطط الشركة للتقدم بطلب للحصول على الموافقة على لقاح فيروس أر إس في الشهر أو الشهرين المقبلين، كما أنها ملتزمة بخطتها لإطلاق لقاح للإنفلونزا في 2024، رغم فشلها في إثبات فعالية اللقاح في تحليل مؤقت صدر في وقت سابق من هذا الشهر. ويضيف هوج أن "هناك مزيدا من الدراسات المخطط لها".
كما يقول "إن شركة موديرنا ستكون قادرة على تمييز لقاحات الجهاز التنفسي الخاصة بها عن المنافسين مثل شركات فايزر، وجي إس كيه وسانوفي عبر تقديم حقنة مشتركة تستهدف فيروس أر إس في والإنفلونزا وكوفيد"، ويضيف "الراحة الناجمة عن حقنة واحدة تغطي كل هؤلاء الثلاثة هي ما نعتقد أن العالم بحاجة إلى التوجه إليه. ونعمل بالفعل على تطوير هذا النوع من العمل المركب".
يقول بعض مستثمري المدى الطويل في شركة موديرنا "إنهم غير قلقين من الانخفاض قصير الأجل في توقعات الأرباح لـ2023 حيث يركزون على الفرصة طويلة الأجل التي توفرها منصة تكنولوجيا الرنا المرسال الخاصة بها".
تقول جوليا أنجيليس، مديرة الاستثمار في صندوق بيلي جيفورد "عندما تستثمر في أفق زمني يراوح بين عشرة إلى 15 عاما، لا يهم ما هي أرباح الشركة الفصلية (...) إننا مهتمون أكثر بما تفعله الإدارة للاستثمار في مستقبل الشركة".
تعد مديرة الصندوق ومقرها إدنبرة أكبر المستثمرين المؤسسيين في شركة موديرنا، حيث تمتلك حصة بنسبة 11 في المائة.
تقول أنجيليس "إن الرنا المرسال سيكون تحويليا للطب الحديث، ولديه القدرة على الحلول محل مجموعات واسعة من العلاجات تماما ومعالجة مجالات الأمراض التي لا توجد علاجات متوافرة لها في الوقت الحالي".
يعد مجال طب الأورام واحدا من أكثر المجالات إثارة التي يحتمل أن تكون مربحة والتي تستهدفها شركة موديرنا. وتجرب الشركة لقاحا شخصيا من الرنا المرسال للسرطان بالاشتراك مع دواء شركة ميرك لعلاج المناعة، كيترودا، الذي يعالج سرطان الجلد في المرضى المعرضين لخطر شديد.
إن نتائج التجارب في المرحلة المتوسطة من العلاج، الذي يستخدم الرنا المرسال لإيصال لقاح يعلم جهاز المناعة في الجسم استهداف الأورام السرطانية، تبدو واعدة.
ففي تجربة شملت 157 شخصا خضعوا لعملية جراحية لعلاج سرطان الجلد، كان 79 في المائة من الأشخاص الذين تلقوا كلا العلاجين خالين من السرطان بعد 18 شهرا، مقارنة بـ62 في المائة من أولئك الذين حصلوا على دواء كيترودا فقط.
يدعي هوج أنه "يمكن أن تكون هذه ثورة في علاج السرطان، وهذا أمر دراماتيكي مثلما تم تحقيقه في مجال علم الأورام المناعي خلال العقد الماضي". ويقول "إن شركة موديرنا ستبدأ دراسة المرحلة الثالثة هذا العام".
يشعر المحللون بالتفاؤل بشأن إمكانات لقاحات السرطان التي تقدمها شركة موديرنا، والتي تلقت تصنيفا علاجيا متقدما من إدارة الغذاء والدواء، عملية تسعى إلى تسريع عملية تطوير الدواء والموافقة عليه. لكن معظمهم يتفقون على أن الأمر سيستغرق عدة أعوام لإثبات إمكانية تكرار هذه النتائج في مرحلة متأخرة من التجارب والحصول على موافقة الجهات التنظيمية على هذا العلاج الجديد.
يقول تيم أندرسون، المحلل في شركة وولف ريسيرش، "إن التوقعات كانت عالية عندما تم تقديم البيانات هذا الشهر في مؤتمر رئيس للسرطان في فلوريدا، لكنه يشير إلى وجود تاريخ طويل من فشل لقاحات السرطان في الماضي. وبناء على ذلك، يظل كثير من أصحاب المصلحة متفائلين بحذر، في أحسن الأحوال، بشأن الفرصة المتاحة هنا، سواء في سرطان الجلد أو أنواع الأورام الأخرى".

سمات

الأكثر قراءة