الحماس المتزايد للسفر يدعم الطلب على النفط .. شركات الطيران تخرج من كآبة الوباء

الحماس المتزايد للسفر يدعم الطلب على النفط .. شركات الطيران تخرج من كآبة الوباء
تذبذبات أسعار النفط تعود بالأساس إلى مخاوف تشديد شروط الائتمان الأمريكية.

واصلت أسعار النفط الخام تراجعها وسط ترقب المتعاملين في السوق النفطية أثر السياسة النقدية الأمريكية المستقبلية والرفع الجديد للفائدة الأمريكية على الطلب.
وهبط الخام الأمريكي 5 في المائة خلال الجلسة أمس عند 68.06 دولار للبرميل، في الوقت الذي أظهرت بيانات انخفاض مخزون احتياطي البترول الاستراتيجي الأمريكي للأسبوع الخامس على التوالي حيث فقد مليوني برميل في الأسبوع الماضي ليصل إلى 364.9 مليون برميل، وهو أقل كمية من النفط الخام في احتياطي البترول الاستراتيجي منذ أكتوبر 1983.
وخفض بنك مورجان ستانلي توقعاته لأسعار خام برنت في الربع الثالث بمقدار 12.50 دولار إلى 77.50 دولار للبرميل، موضحا أن الإمدادات النفطية الروسية لا تزال مرتفعة بما يكفي وأن كثيرا من زيادة الطلب الناتج عن إعادة فتح الصين قد تم بالفعل.
ويقول لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون إن الطلب المتزايد في أكثر اقتصادات العالم تقدما في جميع أنحاء أوروبا وأمريكا الشمالية من شأنه أن يؤدي إلى ازدهار استهلاك الوقود الذي قد يكون بمنزلة رياح داعمة رئيسة لأسعار النفط، لافتين إلى أن شركات الطيران بدأت أخيرا في الخروج من كآبة الوباء العالمي حيث تتطلع الصناعة إلى زيادة الطلب كما تتوقع شركات الطيران الكبرى أرباحا وفيرة لـ2023.
وأوضح المحللون أن الحماس المتزايد للسفر الجوي يدعم أسعار النفط في فصل الربيع رغم ضغوط مخاوف الركود العالمي وتأثير العدوى للأزمة المصرفية العالمية ويضاف إلى ذلك تزايد التوقعات برفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة الذي كبح المكاسب التي تحققت بعد التخفيضات الكبيرة التي أجرتها "أوبك+" لإنتاج النفط في الشهر الماضي.
وفي هذا الإطار يقول مارتن جراف مدير شركة "إنرجي شتايرمارك" النمساوية للطاقة إن التقلبات السعرية تعود إلى تذبذب التفوق بين العوامل الداعمة للأسعار تارة والكابحة تارة أخرى واستمرار حالة عدم اليقين في السوق، مشيرا إلى أن التساؤلات في السوق تدور حول الطلب الآسيوي وتميل التوقعات إلى أن الطلب الآسيوي على النفط الخام سيزداد في النصف الثاني من العام وأن وقود الطائرات سيكون مكونا مهما في ذلك.
وأشار إلى أنه قد لا تكون عودة السياحة الدولية كافية للتسبب في ارتفاع أسعار النفط أكثر هذا الصيف لكنها قد توضح رؤية أكثر تفاؤلا لوضع النمو في الاقتصاد العالمي خاصة أنه يتأرجح على شفا ركود بسبب الرفع المتكرر لأسعار الفائدة الأمريكية للسيطرة على التضخم، مشيرا إلى أن تعافي الطلب العالمي في موسم القيادة الصيفي قد يكون له فوائد تتجاوز أسواق النفط.
من جانبه، يرى سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون المصارف والطاقة أن تذبذبات أسعار النفط الخام تعود في الأساس إلى أن السوق محاطة بمخاوف الركود مع تشديد شروط الائتمان في الولايات المتحدة وعديد من الاقتصادات الأخرى كما يلوح عدم اليقين بشأن وتيرة تعافي الطلب الصيني. ونقل عن بيانات صادرة عن شركة ريستاد إنرجي الدولية تشير إلى أن ارتفاع تكاليف الاقتراض وصعود الأسعار قد يعرقلان النمو الاقتصادي، ويضاف إلى ذلك أن الصين تسعى إلى هدف نمو نحو 5 في المائة لناتجها المحلي الإجمالي وذلك في سلسلة من المراجعات التنازلية المستمرة وهو ما يطرح أيضا تساؤلات حول مدى قدرة الصين على تحقيق النمو الاقتصادي والاستمرار في دعم الطلب ومن ثم أسعار النفط.
أما أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة فيؤكد أن تخفيضات "أوبك+" تهدف إلى تحجيم المعروض وتحقيق توازنه مع الطلب المحاط بمخاوف رفع الفائدة والركود، مشيرا إلى أن الشهر الجاري بمنزلة اختبار للإجراءات الجديدة من المنتجين حيث تتطلع السوق إلى فهم تأثيرات خفض قدره 1.1 مليون برميل يوميا من التخفيضات الطوعية لـ"أوبك+" وكذلك مقدار النفط والديزل الروسي الذي يستمر في إغراق السوق ويملأ المخزونات. وتوقع أن تخفيضات "أوبك+" المعلنة حديثا ستزيد من تشديد سوق النفط الضيق بالفعل، ما يدفع برنت نحو 100 دولار للبرميل في وقت أقرب مما كان متوقعا في السابق لكن عموما يمكن القول إن حالة الضبابية التي تحيط بالأسواق النفطية مستمرة حيث إن المعلومات الأساسية التي تولد حركة سعرية يمكن التنبؤ بها غير موجودة. بدورها، تقول ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام إن أسعار النفط الخام انخفضت أخيرا بأكبر قدر في أربعة أشهر تقريبا، حيث أدى ضعف أحجام التداول إلى تفاقم تداعيات التقارير القاتمة حول صحة الاقتصاد العالمي، مشيرة إلى صدور بيانات سلبية عن سوق الوظائف الأمريكية والتصنيع الصيني.
ونوهت إلى تأثيرات كبيرة لبيانات الوظائف الأمريكية الضعيفة عموما في الاقتصاد الأمريكي والعالمي، حيث انخفضت الوظائف الشاغرة في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوى لها منذ عامين تقريبا في مارس الماضي وهي علامة جديدة على ضعف سوق العمل كما جاء النشاط في قطاع التصنيع المائل للصادرات في الصين أقل من التقديرات السابقة في أبريل الماضي وهي إشارة محتملة إلى الركود.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، واصلت أسعار النفط الخام الانخفاض خلال تعاملات أمس، حيث تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 2.99 دولار أي بنسبة 3.97 في المائة لتصل إلى 72.33 دولار للبرميل عند التسوية، فيما هبط الخام الأمريكي 5 في المائة، مسجلا أدنى مستوى خلال الجلسة عند 68.06 دولار للبرميل.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 78.55 دولار للبرميل يوم الثلاثاء مقابل 80.03 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما إنتاج الدول الأعضاء حقق أول انخفاض عقب ارتفاعات سابقة وإن السلة خسرت نحو أربعة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 82.95 دولار للبرميل.

سمات

الأكثر قراءة