هل سيفلت الحرس القديم من قبضة الذكاء الاصطناعي الوافد؟
ظل دان روزنسفايج في أرجاء صناعة التكنولوجيا فترة كافية ليكون قادرا على تمييز تحول مهم في المنصات. بصفته الرئيس التنفيذي للعمليات في "ياهو"، شغل أحد المناصب العليا في خدمات الإنترنت الاستهلاكي عندما بدأ آيفون ثورة الحوسبة المحمولة.
وجد روزنسفايج الأسبوع الماضي نفسه وسط ثورة تكنولوجية أخرى. تميزت شركة تشيج التعليمية الإلكترونية، التي يشغل فيها منصب الرئيس التنفيذي، بكونها أول شركة تبلغ عن ضرر في أعمالها بسبب الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث لجأ بعض الطلاب إلى روبوتات الدردشة الذكية للبحث عن إجابات بدلا من الاشتراك في خدماتها.
في إشارة إلى الخبرة المكتسبة من التحولات التكنولوجية الكبيرة السابقة، سارع رئيس "ياهو" السابق إلى الادعاء بأن الشركات القائمة، مثل "تشيج"، ستكون من كبار الرابحين المستفيدين من التكنولوجيات الجديدة التحويلية مثل هذه - بشرط أن تعمل بسرعة كافية على تكييفها لتتناسب مع احتياجاتها.
ارتأت وول ستريت أن هذا بمنزلة أمنية بعيدة المنال، وخسرت أسهم "تشيج" 50 في المائة من قيمتها في يوم واحد. لكن هل ما قاله روزنسفايج صائب؟
ستحظى الإجابة باهتمام كبير من المديرين التنفيذيين في عدة صناعات أخرى. يبدو أن سوق التعليم عبر الإنترنت هي أول من سيهزها الذكاء الاصطناعي التوليدي. ولن تكون الأخيرة قطعا.
يحب ذو المناصب مثل روزنسفايج الإشارة إلى عملائهم وعلاماتهم التجارية بصفتهم أصولا يمكن أن تساعدهم على الصمود أمام الوافدين الجدد الثوريين، الذين في الأغلب ما يستخدمون تكنولوجيا جديدة لإطلاق خدمات مجانية لكن غير متميزة. كما يمكن للتدفق النقدي من الشركات القائمة أن يضعها في وضع مالي أقوى من الوافدين الثوريين، على الأقل عندما ينضب رأس المال الاستثماري الذي يصب في صيحات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي.
يتم تقديم هذا في الأغلب على أنه خيار استثماري مباشر بين دعم شركات الحرس القديم أو الثورية الجديدة، غير أن النتيجة نادرا ما تحتمل كلا الخيارين. في الأغلب ما يؤدي قدوم خدمات مجانية مدعومة بتكنولوجيا جديدة إلى القضاء على الشركات التي لا تقدم قيمة مقنعة، ولن تنمي عدة شركات أخرى المهارات والعمليات الجديدة المطلوبة. لكن شركات ثورية كثيرة، التي تستغل في الأغلب الخدمات المجانية لجذب الناس، لن تجد نموذج أعمال مستدام قبل نفاد سيولتها.
الشركات الإخبارية هي خير مثال على ذلك. تواجه الموجة الأخيرة من الشركات الناشئة صعوبات، حيث أغلقت "بازفيد" قسم الأخبار الحائز جوائز، ويكافح مالكو "فايس ميديا" للعثور على مشتر للشركة لأكثر من عام.
أيا كان الرابحون المستفيدون من الذكاء الاصطناعي التوليدي على المدى الطويل، فإن الشركات التي يعتقد أنها في مرمى النيران ستواجه عواقب فورية. مع قولها الأسبوع الماضي إن الذكاء الاصطناعي لم يؤثر إلا "في هامش ربح" أعمالها، فإن وول ستريت ترى أن "تشيج" لا تساوي إلا ثلث قيمتها حين تم إطلاق تشات جي بي تي أواخر العام الماضي.
حتى الشركات التي تستجيب سريعا للتهديد من غير المرجح أن تحظى بتقدير إلا بعد أن تصبح القوى المحركة التنافسية للسوق الجديدة معروفة أكثر. لم يكن روزنسفايج نائما في العسل. باتخاذها مسارا قد تتبعه عدة شركات أخرى، أقامت "تشيج" شراكتها الخاصة مع "أوبن إيه آي" وتستعد لدمج الذكاء الاصطناعي في خدماتها الخاصة.
يجب أن يكون بوسع الشركات التي تملك بيانات عملاء وخبرة صناعية إضافة سياق إلى خدماتها المدعومة بالذكاء الاصطناعي الذي تفتقر إليه روبوتات المحادثة المعممة. في حالة "تشيج"، هذا يتضمن معرفة تاريخ الطلاب ومستويات تحصيلهم، ما يجعل من الممكن تزويدهم بالمعلومات لسد فجوات معرفتهم. كما تتمتع بأعوام من الخبرة في تدريس الدورات نفسها والتعلم من الأسئلة التي يطرحها الطلاب الآخرون.
هل سيكون هذا النوع من البيانات ومجال المعرفة كافيا للشركات القائمة للحيلولة دون لجوء العملاء إلى روبوتات محادثة أقل فاعلية لكنها مجانية؟ ببساطة لا توجد طريقة لمعرفة ذلك. لكن بعد رؤية تأثير خدمات الإنترنت المجانية في مجموعة من الصناعات، الأرجح أن يختار كثير من المستثمرين الرحيل.
في نهاية المطاف، حسبما قال روزنسفايج الأسبوع الماضي، فإن الأمل من تحول في المنصات بهذه الأهمية هو أنه سيوسع حجم الأسواق الرقمية إلى حد كبير - مع أن المسار سيكون "وعرا جدا وشاقا جدا وغامضا جدا". سيجد المسؤولون التنفيذيون في عدة صناعات أخرى أنفسهم قريبا يشرحون لمستثمريهم كيف يستحقون حصة كبيرة من هذا المستقبل الجديد المدعوم بالذكاء الاصطناعي.
استنادا إلى أعوام من الخبرة، حاول الرئيس التنفيذي لشركة تشيج مواجهة استجابة حركة سوق الأسهم غير المحسوبة، "هذا ليس شيئا يبدو كما لو أن السماء تقع، إنه تحول تكنولوجي". لكن عندما يكون الكثير على المحك، تجد وول ستريت صعوبة في رؤية الفرق.