كيف تحول إنقاذ «بيد باث آند بيوند» من الإفلاس إلى الندامة

كيف تحول إنقاذ «بيد باث آند بيوند» من الإفلاس إلى الندامة
تتعرض "بيد باث آند بيوند" لخطر التصفية الذي قد يكلفها آلاف الوظائف ويفرض خسائر فادحة على المساهمين وعديد من الدائنين.

في أواخر الصيف الماضي، أصبح لدى "بيد باث آند بيوند" رئيسة تنفيذية جديدة، واستراتيجية جديدة و375 مليون دولار من الأموال الجديدة من شركة استثمارية جذابة، "سيكسث ستريت بارتنرز". إذ كان يفترض فيهما معا الدفع بشركة بيع التجزئة للبضائع المنزلية في الولايات المتحدة خلال موسم العطلات لـ2022 وعكس الانخفاض الطويل والخطير في المبيعات.
لكن سرعان ما تبخر هذا التفاؤل، حيث برزت توترات بين الشركة ومنقذتها المفترضة تعكس الطبيعة المتشددة للاستثمار في الديون المتعثرة في اقتصاد الولايات المتحدة المتباطئ.
في غضون أسابيع من بدء الاستثمار، كانت شركة سيكسث ستريت تشكك بهدوء في خطة التحول التي طرحتها سو جوف الرئيسة التنفيذية والمخضرمة في مجال التجزئة، بينما كان المطلعون على الشركة يشكون مما عدوه بخلا من قبل المستثمر، كما يقول المطلعون على الأمر. وبعد موسم كارثي خلال الأعياد، مع انخفاض مبيعات على أساس المقارنة بالمثل بنسبة صادمة تراوح بين 40 و50 في المائة في الربع الرابع، تلاشى أي أمل للتعافي في 2023 عندما اختار الدائنون أن يتصرفوا معهم بلا هوادة.
في الأسبوع الماضي، بلغت هذه التوترات ذروتها في الطلب الذي قدمته شركة بيد باث آند بيوند لإعلان إفلاسها بموجب الفصل 11، حيث تتعرض الشركة الآن لخطر التصفية الذي قد يكلفها آلاف الوظائف ويفرض خسائر فادحة على المساهمين وعديد من الدائنين.
أسهمت أعوام حافلة بالأخطاء المالية والتشغيلية بشكل كبير في انهيار الشركة. لكن ملفات المحكمة والمقابلات مع الأطراف المهمة حول ما حدث في الأشهر الثمانية الماضية تكشف عن المفاوضات الحساسة بين الشركات المستميتة على أموال الإنقاذ والأطراف اللاعبة في وول ستريت التي تغامر من أجل الحصول على عوائد كبيرة في ظل أوضاع خطرة ومعقدة.
كان عدد السندات المصنفة على أنها متعثرة في مؤشر السندات ذات العائد المرتفع في شركة مورنينجستار قد ارتفع بأكثر من أربعة أضعاف بين عامي 2021 و2022، كما خصص مديرو الأصول مئات المليارات من الدولارات للمراهنة على الشركات المتعثرة.
لم تكن شركة سيكسث ستريت، التي تدير حاليا مبلغ 65 مليار دولار، جديدة على تجار التجزئة المترنحين. فقد أقرضت الشركة أموالا لشركات مثل تويز آر أس وجيه سي بيني، حيث أفادت بأن هذه القروض لبائعي التجزئة جلبت عائدا سنويا يتجاوز 20 في المائة. كما صممت شركة سيكسث ستريت استثمارها في "بيد باث آند بيوند" لحماية نفسها إذا ما سارت الأمور على نحو خاطئ.
كما كان ضخ مبلغ 375 مليون دولار، بقيادة شركة سيكسث ستريت إلى جانب شركاء أصغر، في 31 آب (أغسطس) على شكل قرض "يكون فيه أول مقرض هو آخر من يسترد أمواله" أو ما يسمى "فيلو". كانت التسهيلات الائتمانية المتجددة الحالية للشركة مع "جيه بي مورجان"، التي كانت مدعومة بالمخزون والأصول الأخرى، مصنفة بدرجة أعلى من "فيلو" في أولوية السداد.
قالت كريستين ماجفورد، المستثمرة السابقة في شركة بين كابيتال التي تعمل حاليا في كلية هارفارد للأعمال "أن تقرض الأموال لشركة وضعها سليم وتتعثر فيما بعد، شيء. والأمر يختلف كليا عندما تخسر المال لأنك تعلم أنك أقرضت المال لشركة متعثرة ولم تقم بعمل جيد لحماية نفسك. لا يوجد مقرض يرغب في أن يكون ذلك الأحمق".
لكن بحلول أواخر 2022، شعرت شركة سيكسث ستريت بالقلق عندما سعت "بيد باث آند بيوند" بصورة موجزة لتبادل السندات التي رأت أنها تشتيت للانتباه عن تقليص عدد المتاجر بصورة جذرية، كما يقول المطلعون على ما كانت تفكر فيه الشركة المستثمرة.
بحلول أوائل 2023، مع تردد البائعين في توفير المخزون بعد موسم العطلات المروع، أخبر كل من بنك جيه بي مورجان وسيكسث ستريت شركة التجزئة أن المخالفات في شروط قروضهما تمثل تخلفا عن السداد.
كانت شركة بيد باث آند بيوند تواجه الإفلاس، لكن في شباط (فبراير)، بدا ما سمته جوف "صفقة تحويلية" أنها توفر طريقا للنجاة. حيث قال صندوق هدسون باي كابيتال للتحوط، "إنه سيشتري ما قيمته مليار دولار من الأسهم"، وإن كان ذلك على مدى عدة أشهر وبشروط معينة.
تضمنت هذه الصفقة غير العادية قيام الصندوق بشراء أسهم مفضلة قابلة للتحويل بسعر مخفض وتحويلها إلى أسهم عادية، سيبيعها سريعا بربح في سوق يعززها اندلاع حالة من الهوس على الأسهم الميمية.
كجزء من الصفقة، تغاضى مقرضو شركة بيد باث آند بيوند عن التخلف المحتمل عن السداد، إذ وضعت شركة سيكسث ستريت مبلغ 100 مليون دولار أخرى كي تحصل على موافقة "جيه بي مورجان". إلا أن الأموال من بيع أسهم هدسون باي وقرض سيكسث ستريت الثاني تم استخدامهما لسداد قرض "جيه بي مورجان" المتجدد عوضا عن الاستثمار في الشركة.
بين القسم الأول من صفقة هدسون باي ومبيعات الأسهم الأخرى هذا العام، جمعت "بيد باث آند بيوند" أكثر من 400 مليون دولار. لكن الشركة رأت "سيكسث ستريت" كعقبة في طريقها لجمع مزيد من الأموال.
وبسبب عدم ارتياحها لاستراتيجية الشركة وخسائرها، لم تكن "سيكسث ستريت" غير مستعدة للموافقة على الميزانية المتوقعة للمدينين، حسبما ذكرت "بيد باث آند بيوند" في أوراق المحكمة. وكان هذا الشرط، إضافة إلى انخفاض سعر السهم، قد منعا الشركة من الاستفادة من مئات الملايين من الدولارات من شركة هدسون باي التي كانت من الممكن أن تبقيها واقفة على قدميها لفترة أطول.
لو كان داعموها في وول ستريت أكثر تفهما لاحتياجات الشركة ومخاوفها، كما أعرب المطلعون في الشركة عن أسفهم، فربما كانت ستنجح في تحقيق التحول. كما قال أحد الأشخاص " كان موتا بألف جرح (...) لقد كان من المستحيل تشغيل الشركة".
من جانبها، أشارت شركة سيكسث ستريت إلى مئات الملايين من الدولارات التي ضختها كدليل على حسن النية. وأشار محاموها في المحكمة الأسبوع الماضي إلى أنها وافقت في خمس مناسبات مختلفة على عدم إنفاذ التخلف عن السداد.
إن عملية الإفلاس ستحدد الآن مدى عمق الخسائر لحملة الأسهم في "بيد باث آند بيوند". قدرت الشركة، التي تبحث أيضا عن مشتر، أن قيمة تصفيتها ستزيد قليلا على 700 مليون دولار. ومن المتوقع ألا يسترد المساهمون شيئا بينما يتم تداول سنداتها التي ليس لها الأولوية، التي تبلغ قيمتها الاسمية مليار دولار، بأقل من خمسة سنتات على الدولار.
قدمت شركة سيكسث ستريت الآن 40 مليون دولار أخرى من خلال قرض "المدين المتملك" الذي سيمول فترة عمل شركة بيد باث آند بيوند تحت حماية محكمة الإفلاس مع تحقيق فائدة بنسبة 12 في المائة سنويا. وفي سبيل تأمين هذا القرض، سمحت الشركة على مضض لشركة سيكسث ستريت بتحويل أو "تجميع" 200 مليون دولار من قرضها الحالي في قرض المدين المتملك، الذي سيتم سداده أولا من أي عائدات بيع أو تصفية. وتصنّف مطالبتها المتبقية البالغة 347 مليون دولار، بما في ذلك الفوائد المتراكمة، في مرتبة أدنى في تسلسل أولويات السداد ويمكن أن تتكبد الخسائر.
فيما قال جاريد إلياس، الأستاذ في كلية الحقوق في جامعة هارفارد، "إن قروض المدين المتملك أصبحت أقل شيوعا منذ الأزمة المالية في 2008 و2009، لذلك قد يشير هذا إلى حدوث تغيير في السوق للتمويل المتعثر أو، على الأرجح، اليأس المطلق لموقف شركة بيد باث آند بيوند".
أشار القاضي المشرف على القضية إلى أن شركة سيكسث ستريت لم تقدم الـ40 مليون دولار الإضافية "بإيثار منها". وقال محامي شركة الاستثمار للمحكمة "إن عملية تجميع الديون كانت دائما الاعتبار الاقتصادي لتوفير جولة أخرى من رأس المال".
وأضافت شركة بيد باث آند بيوند أنها "لم تتمكن من العثور على أي مصدر للتمويل الصغير وأن (سيكسث ستريت) لن توافق على تمويل أولي من طرف آخر من شأنه أن يدفع بها إلى أسفل التسلسل الهرمي للسداد".
مع ذلك، اعترفت شركة بيع التجزئة بأنه لم يكن لديها خيار سوى أخذ ما عرضته عليها شركة سيكسث ستريت. وكتب المصرفي الاستثماري التابع لها إلى المحكمة بأنها "أفضل الصفقات المتاحة قابلية للتنفيذ".

سمات

الأكثر قراءة