البنوك الأمريكية تشدد معايير الإقراض .. الانهيارات المصرفية تثير مخاوف هروب الودائع
شددت البنوك الأمريكية معايير الإقراض في الأشهر الأولى من هذا العام، في نهج تتوقع مواصلته على مدى 2023، وفق ما جاء في استطلاع نشره "الاحتياطي الفيدرالي".
وبحسب "الفرنسية"، يأتي التقرير الذي تتابعه بورصة وول ستريت من كثب فيما يشهد القطاع المالي مخاوف مرتبطة بهروب الودائع على خلفية الاضطرابات التي أثارها انهيار بنك سيليكون فالي وسيجنتشر بنك في آذار (مارس).
وفي الأسابيع الأخيرة، سجلت أسهم المصارف متوسطة الحجم تراجعات كبيرة وسط قلق المستثمرين من تكرار سيناريوهات سابقة عندما عجل هروب الودائع انهيار مصارف أو لعب دور كبير في ذلك.
وأفاد "الاحتياطي الفيدرالي"، الإثنين، بأنه لدى سؤالها عن توقعاتها لمعايير الإقراض لبقية عام 2023، "ذكرت المصارف أنها تتوقع تشديد المعايير على جميع فئات القروض".
وتشمل المبررات التي ذكرت بشكل أكثر تكرارا التدهور المتوقع في الجودة الائتمانية لحافظات القروض وقيم الضمانات، إلى جانب تراجع التساهل مع المخاطر، بحسب الاستطلاع المرتبط بممارسات الإقراض المصرفية.
وأضاف الاستطلاع أنه من بين الأسباب الأخرى "المخاوف حيال تكاليف التمويل المصرفي ووضع السيولة في المصارف وتدفق الودائع إلى الخارج".
وتابع أن "المستطلعين لفتوا إلى تشديد المعايير وتراجع الطلب في الربع الأول من العام على مختلف أنواع القروض الممنوحة للأعمال التجارية والعائلات".
وأوضح أنه "في المجمل، تم التطرق إلى تشديد المعايير بالنسبة إلى قروض الأعمال التجارية بشكل أكثر تكرارا في المصارف متوسطة الحجم".
وفيما يتعلق بالإقراض التجاري والصناعي، أشارت المصارف متوسطة الحجم وغيرها بشكل أكبر إلى وضع السيولة لديها ومسائل تشمل المخاوف المتزايدة حيال تداعيات التغييرات التشريعية.
وشملت مخاوف المصارف أيضا التوقعات الاقتصادية الضبابية.
وفي تقرير منفصل عن الاستقرار المالي نشر يوم الإثنين، وكان الأول منذ انهارت أربعة مصارف إقليمية أخيرا، شدد البنك المركزي على المخاوف المرتبطة بتشديد ظروف الائتمان.
وذكر تقرير "الاحتياطي الفيدرالي" أن "المخاوف حيال التطلعات الاقتصادية والجودة الائتمانية والسيولة يمكن أن تدفع المصارف وغيرها من المؤسسات المالية إلى تقليص المعروض من الائتمان في الاقتصاد". وتابع أن "انكماشا حادا في توافر الائتمان سيرفع تكلفة التمويل للأعمال التجارية والعائلات، ما من شأنه أن يؤدي إلى تباطؤ في النشاط الاقتصادي".
وحذر محللون أخيرا من أن التأثير الكامل لصدمة مارس المصرفية لم يتجسد بعد.
وقال مجلس الاحتياطي "إن القطاع المصرفي الأمريكي في وضع جيد بشكل عام لتجاوز الاضطرابات التي شهدها في الآونة الأخيرة غير أن التجربة ربما تلقي بظلالها على الظروف الائتمانية في المستقبل".
وأضاف في تقريره نصف السنوي عن الاستقرار المالي أن "مخاطر التمويل الإجمالية التي تواجهها البنوك لا تزال منخفضة وأن الشركات لا تزال لديها سيولة وفيرة".
وقال "إن الجهود الإضافية التي بذلتها الجهات التنظيمية المصرفية في الولايات المتحدة في أعقاب الانهيارات المفاجئة لبنكي سيليكون فالي وسيجنتشر في مارس ينبغي أن تدعم النظام إذا استجدت ضغوط أخرى".
وأضاف "مجلس الاحتياطي الاتحادي مستعد لمواجهة أي ضغوط سيولة قد تنشأ، وهو ملتزم بضمان استمرار النظام المصرفي الأمريكي في أداء أدواره الحيوية".
وذكر البنك المركزي الأمريكي في تقريره أن أكثر من 45 في المائة من الأصول المصرفية يحين موعد إعادة تسعيرها أو استحقاقها في غضون عام، ما يشير إلى عدم وجود انكشاف كبير للأوراق المالية الأقل قيمة لفترات طويلة من الزمن. وأضاف أنه "على الرغم من أن حجم الودائع غير المؤمن عليها في البنوك آخذ في الانخفاض فإنها لا تزال أعلى من المتوسطات التاريخية بعد تدفق الودائع بسبب جائحة كوفيد - 19".
وأصدر البنك هذا التقرير بعد فترة وجيزة من نشره دراسة استقصائية توصلت إلى أن البنوك تشدد معايير الائتمان في ظل ضعف الطلب على القروض.
من جهته، حذر رئيس هيئة الرقابة المالية الألمانية "بافين" أمس من أن الأزمة المصرفية التي بدأت في مارس مع إفلاس بنوك في الولايات المتحدة قد تشهد موجات جديدة.
وقال مارك برانسون رئيس الهيئة "منذ مارس، يخضع النظام المالي العالمي لنوع من اختبار الجهد"، في إشارة إلى انهيار بنوك إقليمية أمريكية واستحواذ بنك "يو بي إس" تحت ضغط رسمي على منافسه "كريدي سويس".
ورغم أن المرحلة الحادة من الأزمة تبدو قد مرت، حذر المسؤول من أن "فترات التوتر تحدث عادة بشكل متقطع".
مع استمرار الزيادات في أسعار الفائدة في منطقة اليورو، تستفيد البنوك من ارتفاع الفائدة، لكن يمكن أن يفقد تقييم السندات التي تحملها قيمته بسرعة عند ارتفاع معدلات الفائدة. وقد تسببت هذه الظاهرة في الانهيار المفاجئ لبنك سيليكون فالي الذي كان يتخذ مقرا في كاليفورنيا.
لذلك فإن "اليقظة" مطلوبة لأن "التدفقات المصرفية وأزمات السيولة تحدث اليوم بشكل أسرع من قبل"، وفق برانسون.
غير أن المسؤول شدد على أنه "لا أسباب منطقية لحدوث أزمة سيولة في المؤسسات الألمانية".
لكن "من المهم استخلاص العبر من الأشهر القليلة الماضية"، وأن يتم بحث "كيف يجب علينا تعزيز التنظيم والإشراف إذا لزم الأمر" في الاتحاد الأوروبي.
وشدد رئيس هيئة الرقابة المالية الألمانية على أن "عمليات الإنقاذ الحكومية المكلفة وغير المقيدة لا يمكن أن تكون السبيل للمضي قدما".
واعتبر مارك برانسون أنه يجب أن يكون ممكنا إخراج المؤسسات الصغيرة من السوق بشكل أسرع في حال انهيارها.
وكذلك فيما يتعلق بالمؤسسات الكبيرة ذات الأهمية النظامية، إذ "لا ينبغي أن يكون أي منها أكبر من أن يفشل".