مواجهة «الإكراه الاقتصادي» بجبهة موحدة .. «السبع» تتصدى لموسكو وبكين من هيروشيما
يبدأ قادة دول مجموعة السبع اجتماعاتهم اليوم في مدينة هيروشيما، التي قصفت بقنبلة ذرية في 1945 وباتت رمزا للسلام، وذلك للاتفاق حول تشديد العقوبات على روسيا والتصدي لـ"الإكراه الاقتصادي" الذي قد تمارسه الصين.
واستقبل فوميو كيشيدا، رئيس الوزراء الياباني قادة القوى الاقتصادية الكبرى الستة الآخرين في مجموعة السبع أمس، وتستمر القمة حتى الأحد في المدينة التي دمرتها قنبلة ذرية وتنتشر فيها اليوم نصب من أجل السلام.
ويسعى قادة الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وكندا إلى إظهار جبهة موحدة بمواجهة روسيا والصين، وكذلك مسائل استراتيجية أخرى لا تعتمد دولهم حيالها على الدوام مواقف متشابهة.
ووصل جو بايدن إلى اليابان بعد ظهر أمس، ليصبح ثاني رئيس أمريكي يزور هيروشيما أثناء توليه منصبه، بعد باراك أوباما في 2016، وفقا لـ"الفرنسية".
وتهيمن الحرب في أوكرانيا منذ بدء الحرب الروسية قبل نحو 15 شهرا على جدول أعمال القمة، مع "مناقشات حول الوضع في ساحة المعركة"، على ما أوضح جايك ساليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي.
وتسعى الدول السبع لتخصيص قسم كبير من مناقشاتها لموضوع الصين، ولا سيما سبل التصدي لابتزاز اقتصادي قد تمارسه بكين من خلال تنويع الإنتاج وشبكات الإمداد، في وقت أبدت الحكومة الصينية استعدادها لفرض قيود على التجارة.
ومن المتوقع بحسب ساليفان أن يندد قادة الدول السبع بهذا "الإكراه الاقتصادي"، وأن يسعوا إلى تخطي الخلافات بين ضفتي الأطلسي بشأن الموقف الواجب اعتماده حيال الصين.
لكن الدول الأوروبية، خصوصا فرنسا وألمانيا مصرة على التثبت من أن التصدي لمخاطر "الإكراه الاقتصادي" لا يعني قطع العلاقات مع الصين، أحد أكبر الأسواق في العالم.
وشدد قصر الإليزيه قبل القمة على أنها ليست "معادية للصين" داعيا إلى توجيه "رسالة إيجابية" بالتعاون "شرط أن نتفاوض معا".
ودعت اليابان إلى هيروشيما ثماني دول بينها قوى اقتصادية ناشئة مثل الهند والبرازيل في محاولة لضم بعض القادة المتحفظين على التصدي للحرب الروسية على أوكرانيا ولطموحات بكين العسكرية المتصاعدة في المنطقة.
وعلى هامش لقاء مع كيشيدا، أعلن بايدن أن مجموعة السبع تدافع عن قيم مشتركة خصوصا دعم الشعب الأوكراني الذي يدافع عن أرضه التي تتمتع بالسيادة ومسؤولية روسيا عن حربها في أوكرانيا.
وتتركز المناقشات حول تشديد العقوبات على روسيا، التي أدت حتى الآن إلى انكماش الاقتصاد الروسي في الفصل الأول من 2023، بحسب ساليفان.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس أمام الصحافيين إن المحادثات تشمل أيضا "معرفة كيف يمكننا منع الالتفاف على العقوبات" مضيفا "أعتقد أن هذه المسألة ستحل بشكل جيد جدا وبطريقة براجماتية جدا".
وبحسب مسؤول في الاتحاد الأوروبي، فإن رؤساء الدول والحكومات يبحثون أيضا فرض عقوبات على تجارة الألماس الروسية.
وقال هذا المسؤول "نعتقد أنه يجب أن نحد من الصادرات الروسية في هذا القطاع، رافضا تحديد جدول زمني. وأضاف أنه من غير المرجح أن تتوصل مجموعة السبع إلى اتفاق نهائي في اليابان".
ونددت الدول السبع بشدة بتهديدات بوتين المتكررة باستخدام السلاح النووي في الحرب في أوكرانيا، التي عدها بعض المراقبين بمنزلة محاولة لإضعاف تصميم الأوروبيين والأمريكيين.
وستسلط الأضواء على هذه المخاطر عند قيام القادة السبع بزيارة حديقة هيروشيما التذكارية للسلام، التي أقيمت في موقع إلقاء القنبلة الذرية الأمريكية في 6 أغسطس 1945، تكريما لذكرى الضحايا الـ140 ألفا الذين سقطوا.
ويأمل كيشيدا، الذي تتحدر عائلته من هيروشيما، وهو نفسه منتخب عن المدينة، في اغتنام القمة لحض قادة الدول الست الأخرى، ولا سيما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا التي تملك معا آلاف الرؤوس النووية، على التعهد بلزوم الشفافية بشأن مخزونها وبالحد من ترساناتها.
وفي سياق متصل، دعت منظمات تنموية مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى للقيام بمزيد من المساعي لأجل مكافحة الفقر والجوع.
وقال شتفان إكسو-كرايشر، مدير فرع منظمة "وان" في ألمانيا، وهي منظمة دولية معنية بالمجتمع المدني، قبل بدء قمة مجموعة السبع "على صعيد وباء كورونا وأزمات الجوع وعواقب أزمة المناخ، كان الدعم المقدم من مجموعة السبع للدول الأكثر فقرا فاترا على أفضل تقدير".
وأضاف إكسو-كرايشر "اليوم أيضا يتم ترك إفريقيا بصفة خاصة بمفردها مجددا في الأزمات العالمية المتعددة.. لا عجب أن يزداد دائما عدد الدول الإفريقية، التي تبتعد عن الغرب". وأكد أنه يتعين على مجموعة السبع استعادة الثقة المفقودة، ودعا على وجه التحديد إلى تخفيف عبء الديون، لافتا إلى أن هناك أكثر من 20 دولة إفريقية على شفا الإفلاس.
وشدد إكسو-كرايشر أيضا على ضرورة أن تستغل دول مجموعة السبع ثقلها لأجل إصلاح البنك الدولي كي يمكنه الوفاء بتفويضه الأساسي، وهو مكافحة الفقر.
وأشار إلى أن هناك مقترحات جيدة مقدمة حاليا، وأوضح أنه إذا تم تنفيذ هذه المقترحات جميعا، سيتوفر لدى البنك الدولي مزيد من الأموال بشكل واضح يمكنه استثمارها في حماية المناخ ومكافحة الفقر وتوفير فرص عمل.