عقبات أمام امتلاك البرازيل أكبر احتياطي للطاقة النظيفة والمتجددة في العالم
تشكل توربينات الرياح عادة مصدرا للطاقة النظيفة يحظى بترحيب الجهات المعنية بالبيئة، لكن إقامة شركة "فولتاليا" حقلا لهذه المولدات في البرازيل أثار مع ذلك اعتراض ناشطين يسعون إلى حماية طيور الببغاء الأزرق.
وبحسب "الفرنسية"، بدأت الشركة الفرنسية عام 2021 تركيب توربينات للرياح في شمال شرق البرازيل الذي يضم أصلا توربينات توفر أكثر من 90 في المائة مما تنتجه طاقة الرياح في هذا البلد من خلال رياح عاتية ومنتظمة.
وأعلن ألكسندر سيلفيرا وزير الطاقة أخيرا عن هدفه الرامي إلى جعل شمال شرق البرازيل الذي يضم 725 حقل رياح من أصل 828 حقلا موجودا في البرازيل، "أكبر احتياطي للطاقة النظيفة والمتجددة في العالم".
وللوصول إلى هذا الهدف، تأمل الحكومة في جذب استثمارات بقيمة 120 مليار ريال (نحو 23.7 مليار دولار). ويضم الحقل الذي كانت أعمال التركيب فيه متقدمة أساسا، 28 توربينة رياح مع قدرة إنتاجية تصل إلى 99.4 ميجاواط، وهو مقام في منطقة شبه قاحلة في كانودوس في ولاية باهيا التي منحت سلطاتها "فولتاليا" التراخيص البيئية اللازمة لهذا المشروع.
لكن موجة من الانتقادات طالت المشروع بعدما أفاد ناشطون من جمعيات تعنى بالبيئة بأن هذه التوربينات البيضاء التي يبلغ ارتفاعها 90 مترا وطول مروحتها 60 مترا، ستبنى في مناطق تشكل موئلا للببغاوات الزرقاوات.
في منتصف القرن الـ19 أطلق عالم الطيور شارل - لوسيان بونابرت، ابن شقيق نابليون بونابرت، تسمية مكاو لير على هذه الطيور الزرقاء تيمنا بالشاعر والرسام والمستكشف البريطاني إدوارد لير الذي أبرزها في أعماله.
ولا تضم الطبيعة راهنا سوى نحو ألفي طائر من هذا النوع.
تخشى مارلين ريس من منظمة "بروجيتو جاردينز دا ارارا دي لير" غير الحكومية من أن تزيد توربينات الرياح في كانودوس "بصورة كبيرة خطر انقراض" هذا الطائر ذي الريش الأزرق الفاتح الذي يبلغ طوله نحو 75 سنتيمترا.
وتعد أن تأثير التوربينات "نهائي" على حيوان يعيش ويتكاثر في هذه المنطقة حصرا، فيما يواجه في مساراته توربينات قد يصطدم بها. ووافقت إحدى المحاكم الفيدرالية على هذه الحجج وأصدرت في نيسان (أبريل) أمرا بتعليق أعمال التركيب من خلال إلغاء التصاريح التي منحتها سلطات ولاية باهيا لشركة "فولتاليا".
وأمرت المحكمة أيضا بإجراء دراسات إضافية فضلا عن استشارة السكان المحليين في هذا الخصوص.
وتقدمت شركة "فولتاليا" التي تضم فروعا في 20 بلدا وأربع ولايات برازيلية باستئناف.
ويؤكد نيكولاس توفريز رئيس الشركة في البرازيل أن "النتائج البيئية والاجتماعية التي يحتمل تسجيلها عولجت بصورة شاملة".
ويشير إلى أن الدراسات التي أجراها مختصون للحصول على تراخيص من السلطات المحلية "أظهرت أن تركيب حقل لتوربينات الرياح لا يهدد بأي شكل من الأشكال مسألة حفظ" الببغاوات الزرقاوات.
وتقترح الشركة أيضا حلولا للحد من تأثير توربينات الرياح في هذه الطيور، من بينها تركيب نظام يوقف حركة المراوح بمجرد كشفه عن وصول أحد هذه الطيور إلى محيط التوربين. ويتمثل اقتراح ثان بتزويد بعض الطيور بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لمراقبة مساراتها بصورة أفضل.
إلا أن الببغاء الأزرق ليس مصدر القلق الوحيد للسكان المحليين.
ففي المناطق المحيطة بحقل "فولتاليا"، يخشى نحو 7500 مزارع من أن تتأثر نشاطاتهم الزراعية سلبا. ويؤكد أديلسون ماتوس، وهو مزارع يبلغ 65 عاما ويتولى تربية ماعز وأغنام وأبقار وزرع أشجار فاكهة في منطقة ألتو ريدوندو المجاورة، أن هذا المشروع يتعارض مع "أي نوع من الانسجام مع الموائل الطبيعية".
ويخشى أن تؤثر توربينات الرياح في دورة الرياح والأمطار في المنطقة. وقبل أن توضع التوربينات في الخدمة حتى، يشكو المزارع من الضجيج الناجم عن دخول المركبات وخروجها "ليلا ونهارا".
والبرازيل هي عضو في مجموعة العشرين التي تضم أكبر 20 اقتصادا في العالم، فيما 89 في المائة من كمية الكهرباء لديها ينتج من مصادر الطاقة المتجددة.
وبينما تمثل المحطات الكهرومائية أكثر من 60 في المائة من هذا الإنتاج، تشهد حصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح زيادة مطردة.
وكان الرئيس لولا الذي عاد في كانون الثاني (يناير) إلى سدة الرئاسة للمرة الثالثة، وعد بأن تكون مكافحة التغير المناخي من أولوياته، وهو ما لم يقدم عليه سلفه جايير بولسونارو (2019-2022).