بعد غيبوبة دامت 33 عاما .. العافية تعود أخيرا إلى أسهم اليابان
استغرق الأمر 33 عاما، وقت أطول من فترة عمل جميع مديري الصناديق تقريبا، وأطول حتى من الفترة التي قضاها بعضهم على قيد الحياة. لكن أخيرا، عادت سوق الأسهم اليابانية إلى العمل.
السؤال بالطبع هو ما إذا كان هذا سيؤدي مرة أخرى إلى خيبة أمل المستثمرين الدوليين التعساء. في هذا الصدد، الشيء الرئيس الوحيد الذي تجب مراقبته هو الين.
حافظ مؤشر الأسهم اليابانية، توبيكس، الأسبوع الماضي على صعوده البطيء والثابت، ووصل إلى أعلى نقطة له منذ آب (أغسطس) عام 1990. لكنه لا يزال بعيدا عن الارتفاعات المذهلة التي وصل إليها خلال فقاعة الأصول اليابانية الهائلة في أواخر الثمانينيات، لا يزال أمامه نحو 25 في المائة، أو نحو ذلك، للوصول إلى تلك الذروة.
مع ذلك، لم ترتفع السوق إلى هذا المستوى منذ أن احتلت أغنية ترتل باور "قوة السلحفاة" صدارة قوائم أغاني البوب البريطانية.
يعد مؤشرا اليابان من بين أفضل المؤشرات أداء في العالم هذا العام، بمكاسب بلغت 14 في المائة تقريبا لمؤشر توبيكس و18 في المائة لمؤشر نيكاي 225. هذا أعلى من مكاسب بلغت 10 في المائة تقريبا لمؤشر إس آند بي 500 الأمريكي. كذلك يحتفظ المؤشران اليابانيان بقدرتهما على المنافسة مقارنة حتى بأداء أوروبا المتفوق، ارتفع مؤشر يورو ستوكس 600 بنسبة 10 في المائة، لكن لا يزال بإمكان مؤشري فرنسا وألمانيا التغلب على ذلك، بإضافتهما 16 و17 في المائة على التوالي.
ولإضفاء مزيد من المتانة والرسوخ، ينبع هذا الأداء من مجموعة من المصادر، بما في ذلك التجديد المتسارع في حوكمة الشركات، والجهود الحثيثة لتنظيف الحيازات المشتركة المحيرة بين الشركات، إضافة إلى مجموعة من الأمور الأخرى. إن اليابان حساسة اقتصاديا لما يحدث في الصين ما بعد الإغلاق. لكنها ليست الصين، لذا لا تشهد الظلال الجيوسياسية أو التنظيمية نفسها.
كما أنها ليست الولايات المتحدة التي تهيمن عليها إلى درجة مثيرة للقلق بسبب مجموعة كبيرة من الأسهم التكنولوجية ذات التقييمات العالية بشكل مذهل. حقيقة ممتعة: تبلغ قيمة شركة أبل الآن أكثر من مؤشر رسل 2000 بأكمله للشركات الأمريكية الصغيرة. ويشعر بعض المستثمرين بالفزع من هذه الدرجة من التركيز وينجذبون إلى التقييمات اليابانية المنخفضة نسبيا.
بالنسبة إلى المتخصصين في السوق اليابانية، الذين طالت معاناتهم والذين ظلوا ينتظرون العودة أعواما، هذه أخبار رائعة. نعم، لقد أضاف مؤشر إس آند بي 500 نحو 1000 في المائة في الوقت الذي استغرقه مؤشر توبيكس للعودة أخيرا إلى مستويات عام 1990. لكن كثيرا من المستثمرين متحمسون لأسباب مفهومة، وبعضهم يجرؤ على القول "هذه المرة مختلفة".
إدي تشنج، من شركة أول سبرينج جلوبال إنفستمنت الأمريكية لإدارة الأصول، مقره لندن، على استعداد لمواجهة الارتفاع الكبير في الأسهم اليابانية. إنه يحب التقييمات التي لا تزال رخيصة ومخصصات الأسهم المنخفضة نسبة إلى مؤشرات القطاعات التي كانت تكافح أخيرا، ولا سيما البنوك.
يتم تداول مؤشر توبيكس بسعر إجمالي يعادل 16 ضعف أرباحه على مدار الـ12 شهرا الماضية، مقارنة بـ20 مرة لمؤشر إس آند بي 500، وأقل بقليل من 18 مرة لمؤشر إم إس سي آي ويرلد.
لكن تشنج يصف نفسه على المدى المتوسط بأنه "أكثر حذرا بكثير". بالنسبة إليه، السبب الرئيس الذي جعل الأسهم اليابانية تعمل بشكل جيد أخيرا هو الفجوة الهائلة في السياسة النقدية بين اليابان وكل مكان آخر.
الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وبنك إنجلترا، والبنك المركزي الأوروبي أطلقت جميعا حملات جريئة لرفع أسعار الفائدة على مدار العام الماضي أو نحو ذلك، بينما وقف بنك اليابان هادئا ووحيدا، وأبقى أسعار الفائدة ثابتة عند مستوى منخفض واشترى السندات الحكومية لإبقاء العوائد تحت سيطرة صارمة.
من بين التأثيرات الأخرى، دفع هذا الين إلى بعض أضعف مستوياته في عقدين. تراجع الدولار عن ذروته فوق 150 ينا في أواخر عام 2022، لكنه لا يزال عند 138 ينا أو نحو ذلك. وهذا يجعل اليابان صفقة بالنسبة إلى المستثمرين الأجانب.
يكمن الخطر في أن الفارق قد يتقلص إذا ثبت أن التضخم الياباني أقوى من توقعات بنك اليابان وإذا كان هناك ركود في الولايات المتحدة، ما يجبر الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة. هذان احتمالان كبيران لكن كليهما نتيجة مقبولة. إذا حدث أحدهما، فمن الممكن أن تنهار سريعا ركيزة ضعف الين التي تلعب دورا كبيرا في رفع أسعار الأسهم اليابانية. كما يعمل الين عملة ملاذ نموذجية، لذا فإن مخاطر تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها يمكن أن تؤدي إلى حرقها بسهولة.
يشير المستثمرون أيضا إلى عائق آخر محتمل: ماذا لو كان إصلاح حوكمة الشركات ضحية لنجاحه؟ يقول أحد مديري الصناديق "إن السلطات اليابانية يمكن أن تدخل بسهولة في حالة سماها الهيبي جيبي "تفشي القلق" إذا استغلت الشركات الأجنبية الكبيرة ضعف العملة وتحسين حوكمة الشركات في اليابان لشراء الشركات بسعر رخيص.
كل هذا قد يعكس الحذر المفرط بين مديري الصناديق الذين يبحثون عن أسباب للقلق. حتى لو قام بنك اليابان بتشديد السياسة النقدية، مثلا، فمن شبه المؤكد أن ذلك سيحدث عبر عملية بطيئة وطويلة وليس عبر صدمة مفاجئة تؤدي إلى ارتفاع الين. لكن البحث عن المشكلات ربما يكون أمرا لا مفر منه بعد كثير من الآمال الكاذبة.