فرنسا تتجنب مخاطر خفض تصنيفها الائتماني .. «ستاندرد آند بورز» تبقي توقعات الآفاق سلبية
أبقت وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز" (إس آند بي) على درجة فرنسا "A A" بلا تغيير مستندة إلى "حجج" باريس، التي تشير إلى تخفيضات مقررة في العجز والإصلاح الأخير لنظام التقاعد الذي تريده حكومة إيمانويل ماكرون.
ووفقا لـ"الفرنسية" أمس، قالت الوكالة: إن قرارها هذا "يرجع بشكل رئيس إلى مراجعة لاستراتيجية تعزيز الميزانية الحكومية"، مشيرة إلى نقاط إيجابية إلى جانب إصلاح التقاعد، بينها الموعد المقرر لإنهاء المساعدات في مجال الطاقة مع تراجع أسعار المحروقات.
ودرجة "A A" من أعلى فئات سلم التصنيف وتدل على قدرة قوية على سداد الديون، وفي أوروبا يعد تصنيف ألمانيا وهولندا (A A A) الأعلى بين الدول، وقد خسرته فرنسا في 2012.
وتتبنى "إس آند بي" سلما من 20 درجة على رأسهاA A" A" وهو أفضل تصنيف ممكن، وآخرها "دي" المرادف للتخلف عن سداد الدين.
وقال برونو لومير وزير الاقتصاد الفرنسي في تصريحات أمس، إنه "أخذ علما بقرار الوكالة، معتبرا أنه يشكل إشارة إيجابية". وأضاف "استراتيجيتنا المالية العامة واضحة وطموحة وتتمتع بالمصداقية".
وتابع أنه سيعلن في 19 حزيران (يونيو) عن أول مليار يورو من التوفير لميزانية 2024. وكان قد أعلن إنهاء الدعم المالي للغاز الذي تراجعت أسعاره.
من جهته أكد جان رينيه كازينوف النائب عن حزب النهضة المقرر العام للموازنة، أن "هذه العلامة تحيي صلابة اقتصادنا وجهود التغيير التي قمنا بها، وتؤكد مسار انتعاش المالية العامة الذي اتبعناه". لكن "ستاندرد آند بورز" وهي واحدة من ثلاث وكالات رئيسة للتصنيف الائتماني مع وكالة فيتش وموديز، أبقت في الوقت نفسه على توقعاتها لآفاق "سلبية"، ما يمكن أن يؤدي إلى خفض الدرجة في المستقبل.
وحذرت الوكالة من "المخاطر" المتعلقة بتنفيذ أهداف الميزانية الحكومية، مشيرة في هذا الإطار إلى غياب الأغلبية المطلقة في البرلمان الفرنسي منذ منتصف 2022، ما قد يعقد تنفيذ السياسات، وحالة عدم اليقين في الاقتصادات العالمية والأوروبية، وتشديد شروط التمويل.
وأضافت أن "الانقسام السياسي يضفي حالة من عدم اليقين على قدرة الحكومة على وضع سياسات تفضي إلى النمو الاقتصادي وإعادة التوازن الميزاني".
وكانت وكالة "فيتش" خفضت درجة فرنسا الشهر الماضي معاقبة بذلك باريس على إدارتها لمالية الدولة والأزمة الاجتماعية الأخيرة.
وكان المسؤولون الفرنسيون يراقبون تحليل الوكالة خوفا على صورهم كمدراء وإصلاحيين جيدين منذ تولي إيمانويل ماكرون الرئاسة، وكان يمكن أن يمثل خفض الدرجة انتكاسة لهم.
وأكد لومير الأربعاء أنه التقى الوكالة الأمريكية لعرض الحجج الفرنسية التي يعدها مقنعة.
وحسب الأرقام، تبدو نتائج أداء فرنسا أسوأ من البلدان الأخرى المصنفة في الفئة نفسها، كما أشارت وكالة فيتش التي خفضت التصنيف الفرنسي في نهاية نيسان (أبريل) من "A A" إلى "A A سلبي".
وقالت "ستاندرد آند بورز": إن حجم الدين العام سيبقى أعلى من 110 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في الفترة 2023-2026 "مع عجز مستمر في الميزانية على الرغم من تراجعه".
وكان الدين يمثل 111.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2022. وتأمل الحكومة الفرنسية في خفض هذه النسبة إلى 108 في المائة في 2027.
وفرنسا، هي الأعلى مديونية بين الدول في الفئة نفسها (A A) ويبلغ دينها العام نحو ثلاثة آلاف مليار يورو.
وبعدما بلغ 4.7 في المائة في 2022، يفترض أن يرتفع العجز العام الفرنسي بشكل طفيف هذا العام إلى 4.9 في المائة قبل أن يتراجع تدريجيا ابتداء من 2024، كما تتوقع الحكومة في برنامجها للاستقرار الذي نشرته في الأسابيع الأخيرة ويتحدث عن عودة إلى قواعد الميزانية الأوروبية (عجزا يقل عن 3 في المائة) في 2027.
لكن يبدو أن هذه التقديرات لم تقنع "ستاندرد آند بورز" التي لم تتحدث عن تقديرات لـ2027، لكنها تعول على عجز نسبته 3.8 في المائة في 2026 بعد 4.6 في المائة بين 2023 و2025. وكانت تقديراتها السابقة تشير إلى 4.9 في المائة لهذه الأعوام، أما النمو، فتتوقع "إس آند بي" أن يرتفع سنويا 1.2 في المائة في المتوسط بين 2023 و2026 مقابل 1.5 في المائة في تقديراتها السابقة.
ومخاوف الحكومة نابعة من الخطر الذي يشكله خفض التصنيف الائتماني للدولة في كثير من الأحيان ويتمثل بارتفاع أسعار الفائدة على الاقتراض من قبل المستثمرين الذين يطالبون بضمانات إضافية لإقراض فرنسا.
لكن يبدو أن الأسواق لا تخشى عدم تسديد فرنسا دينها، لذلك لم يؤثر خفض تصنيف فيتش فعليا في معدلات الاقتراض الفرنسية.