العرب والصين .. تعاون ورخاء

يمكننا قياس تقدم الصين نحو اقتصاد السوق من خلال قياس مجموعة من المجالات، هي: العلاقة بين الحكومة والسوق، وتطوير أسواق منتجات المنتجات، وتطوير القطاع الخاص، وتطوير أسواق عوامل الإنتاج، إضافة إلى تطوير وسطاء السوق. الصين أصبحت واحدة من أكبر المتلقين للاستثمار الأجنبي المباشر بين الدول النامية منذ أوائل التسعينيات، ورغم ذلك لم تكتف الصين. في 2013 طرح الرئيس الصيني شي جين بينج، مبادرة الحزام والطريق، وأصبح التعاون الدولي مع الصين، وبحث فرص التعاون، واكتشاف الفرص، ومعالجة التحديات، ظاهرا على الساحة الاقتصادية، وليس أمام الصين إلا تخفيف الاحتكاكات التجارية من خلال الاستثمار مع الدول الواقعة على طول طريق الحزام والطريق، ولا سيما أن الشركات الصينية لديها قدرات فائضة، وفي الوقت نفسه تمثل الاقتصادات المشاركة في مبادرة الحزام والطريق أكثر من ثلث الناتج المحلي الإجمالي، وأكثر من نصف سكان العالم، أي أكثر من أربعة مليارات من سكان الأرض.
توفر مبادرة الحزام والطريق وسيلة رئيسة للشركات الصينية للبحث عن فرص استثمارية مباشرة خارج الصين من خلال البنية التحتية والدعم المالي والتواصل الثقافي وكسب مزيد من العلاقات السياسية، وتمثل الاستثمارات الصينية في الاقتصادات المشاركة في الحزام والطريق 14 في المائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المتجهة إلى الخارج.
دخول الاستثمارات الصينية إلى الدول العربية من خلال البنية التحتية إحدى الاستراتيجيات التي تمثل فرصا واسعة وجديدة لكثير من الشركات الصينية للانطلاق إلى العالمية، ولا سيما أن كثيرا من الدول العربية يعاني عجزا في ميزان الدفوعات، أي إنها فرص للدول المستضيفة للاستثمارات الأجنبية، واللافت في حجم الاستثمارات الصينية الخارجية أن أكثر من نصفها في قطاع الطاقة، بمعنى آخر: سنرى أن استهلاك الطاقة في تلك الدول المستضيفة للاستثمارات الصينية سيدفع الاقتصاد للنمو بدرجات متفاوتة بحسب الوضع الاقتصادي السابق في الدول الواقعة على مسار الحزام والطريق.
أما بالنسبة للدول الغنية فيمكن للصين أن تساعد من خلال التعاون في التكنولوجيا المتقدمة والخبرات وتعزيز التعاون التجاري والاستثمارات المشتركة في ظل تغيرات معقدة في الأسواق العالمية.
أخيرا: وزارة الاستثمار السعودية نظمت مؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين بالشراكة مع جامعة الدول العربية والمجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية واتحاد الغرف العربية، وتأتي جهود المملكة ضمن رؤية واضحة المعالم لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة والخليج والدول العربية، ولا سيما أن العلاقات الصينية - العربية تشهد نموا كبيرا خلال الأعوام الأخيرة، خاصة للمملكة. وتجب الإشارة إلى أن العلاقات مع الصين لها تأثيرات إيجابية، كما ذكرنا، لكن علينا مسؤولية اختيار الاستثمارات التي تتكامل مع الواقع الاقتصادي لشركاتنا الوطنية من أجل التكامل وسد الفجوات، فالشركات الصينية لديها فائض صناعي ضخم واستغلاله بالشكل السليم سيضمن لنا تعاونا ورخاء اقتصاديا مشتركا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي