أوروبا تتسلح بأدوات جديدة لتعزيز أمنها الاقتصادي .. أبرزها الاستثمار الخارجي
قالت المفوضية الأوروبية اليوم إن الاتحاد الأوروبي سيسلح التكتل بأدوات أكثر صرامة للرد بشكل أقوى على المخاطر المحدقة بأمنه الاقتصادي وليكون أكثر "حزما" في الوقت الذي تسعى فيه بروكسل للتصدي لخصميها روسيا والصين.
وتسعى الكتلة الأوروبية إلى تعلم الدروس عقب بدء الحرب الروسية في أوكرانيا العام الماضي حين أدركت بروكسل بعد فوات الأوان أن الاتحاد الأوروبي يعتمد بشكل مفرط على موارد الطاقة الروسية، ما دفعه إلى البحث عن مصادر جديدة.
ودفعت أورسولا فون دير لايين رئيسة المفوضية بقوة الاتحاد الأوروبي لجلب المزيد من الإنتاج إلى أوروبا أو بالقرب من القارة الأوروبية بعد صدمات سلسلة التوريد أثناء جائحة فيروس كورونا.
وصرحت فون دير لايين للصحافيين في بروكسل اليوم "علينا أن نكون أكثر حزما" مضيفة أن على الاتحاد الأوروبي العمل على "أدوات جديدة محددة" مثل الاستثمار الخارجي، بحسب "الفرنسية".
وقالت المفوضية إنها ستعلن عن اقتراح قبل نهاية العام بشأن الاستثمار الخارجي الذي قد يحد من التمويل الخارجي من قبل الشركات الأوروبية، حيث حددت أنواع المخاطر التي تواجهها الاقتصادات الأوروبية.
ومن بين المخاطر الرئيسة التسرب المحتمل لمعلومات حساسة حول التقنيات المتطورة "التي قد تعزز القدرات العسكرية والاستخباراتية لجهات يمكن أن تستخدم هذه القدرات لتهديد السلم والأمن في العالم".
وأدرجت المفوضية في عقيدتها للأمن الاستراتيجي تقنيات رئيسة مثل أشباه الموصلات المتطورة والذكاء الاصطناعي.
وقالت فون دير لايين "في مجال الأمن الاقتصادي ننظر إلى مجموعة محدودة وصغيرة من التقنيات المتطورة". و"نريد هنا أن نتأكد من أنها لا تعزز القدرات العسكرية لبعض الدول التي تثير القلق".
بينما رفضت المفوضية وصف الاستراتيجية بأنها رد على بكين، تبنى الاتحاد الأوروبي سلسلة إجراءات لتحدي القوة الاقتصادية المتنامية للصين في مواجهة ضغوط الولايات المتحدة لاتخاذ موقف أكثر تشددا.
وسيراجع الاتحاد الأوروبي أيضا لوائحه التي تدقق في عمليات الاستحواذ الأجنبية في القطاعات الاستراتيجية ويعزز الرقابة على صادرات السلع ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري.
لكن بروكسل تريد موازنة نهجها حيال بكين بين المخاوف بشأن الاعتماد المفرط على الصين والحفاظ على العلاقات مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وصفت فون دير لايين الغالبية العظمى من العلاقات التجارية والاقتصادية مع دول وبينها الصين بأنها "علاقات عمل كالعادة".
- عملية توازن دقيقة
تشعر بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالقلق من استعداء الصين وبدء حرب تجارية، بينما يقول البعض الآخر بأن الوقت قد حان للتحرك لحماية الأمن الاقتصادي للتكتل.
أعلن رئيس الوزراء الصيني خلال زيارة لبرلين الثلاثاء أن بكين "تثمن كثيرا تنمية العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين".
وافق الاتحاد الأوروبي في وقت سابق من هذا الشهر على إنشاء أداة تجارية من شأنها أن تلاحق الدول التي تسعى للضغط على أحد أعضائه بعد أن استهدفت الصين ليتوانيا في خلاف حول تايوان.
وسبق أن أعلنت المفوضية الأوروبية عن خطط لدفع أوروبا نحو إنتاج مزيد من التكنولوجيا النظيفة بما في ذلك المواد الخام الهامة اللازمة لتصنيع العشرات من المنتجات الكهربائية.
وقالت فون دير لايين بعد أسبوع من زيارة لأمريكا اللاتينية لتعزيز العلاقات التجارية بين القارتين "من الحكمة تنويع سلاسل التوريد بعيدا عن الطريق الوحيد إلى الصين على سبيل المثال أيضا إلى الأرجنتين وتشيلي".
وصفت فون دير لايين لأول مرة نهج الاتحاد الأوروبي الجديد تجاه الصين في يناير بأنه "إزالة المخاطر وليس انفصالا" لأن التكتل لا يزال يسعى للتعاون مع بكين والقيام بالمبادلات التجارية.
وقال دبلوماسي أوروبي إن على الاتحاد الأوروبي أن "يكف عن السذاجة وأن نحمي أنفسنا. يجب أن نغير قواعد اللعبة".
واشار الدبلوماسي إلى ارتفاع عدد السيارات الكهربائية الصينية التي تُباع في الاتحاد الأوروبي، ما يهدد صناعة السيارات وهو قطاع راسخ في القارة منذ زمن طويل.
لكن كانت هناك أيضا دعوات للحذر بشأن كيفية مواجهة الاتحاد الأوروبي للمخاطر.
وقال ماركوس بيرر مدير عام مجموعة "بيزنيس يوروب" BusinessEurope، وهي مجموعة الضغط الأساسية في الاتحاد الأوروبي "إن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى تحقيق التوازن الصحيح بين حماية مصالحه الأمنية والحفاظ على بيئة مواتية للتجارة والاستثمار".
وسيناقش قادة الاتحاد الأوروبي هذه الخطط في قمة في بروكسل الأسبوع المقبل.