المعنويات صعودية رغم انخفاض الأسعار .. هل تواجه سوق النفط عجزا للمعروض؟
تعد المعنويات في سوق النفط الخام صعودية للغاية ما يزيد من احتمالية تحقيق بعض المكاسب رغم التراجعات التي شهدتها الأسعار في الوقت الراهن بسبب تدهور التوقعات الاقتصادية للصين.
ويرى محللون أن هناك إحساسا إيجابيا بالاتجاه المستقبلي للسوق مع توقعات بارتفاع الطلب.
وتشير بيانات وكالة الطاقة الدولية إلى أن الطلب الصيني على الخام رغم التعثر سجل في نيسان (أبريل) أعلى مستوى جديد على الإطلاق بينما ارتفع معدل إنتاجية المصافي في أكبر اقتصاد في آسيا بنسبة 15.4 في المائة في أيار (مايو) وهو ثاني أعلى مستوى على الإطلاق.
وقال لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون إنه رغم التوقعات بوجود عجز يلوح في الأفق في سوق النفط إلا أن الأسعار ظلت منخفضة، مشيرين إلى توقعات شركة "ريستاد إنرجي" بأن تواجه سوق النفط عجزا كبيرا بمتوسط 2.4 مليون برميل يوميا للفترة المتبقية من العام الجاري.
وأوضح المحللون أن هناك مجموعة من العوامل المؤثرة بشكل واسع وغالب على السوق النفطية خاصة الطلب المتأخر والعرض الأقوى من المتوقع.
وذكروا أن مخاطر الهبوط ما زالت مستمرة في التأثير على السوق وتعود توقعات بعض التقارير الدولية بتعثر محتمل في تحفيز الاقتصاد الصيني وربما انضباط أقل من المتوقع من قبل بعض دول "أوبك+" في الالتزام بتخفيضات الإنتاج.
وفي هذا الإطار، قال سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، إن المخاوف المحيطة بالاقتصاد العالمي تنال من استقرار سوق النفط الخام حيث إن معدلات الفائدة المرتفعة والتضخم أدت إلى التحول نحو الأصول الأكثر أمانا مثل النقد والسندات بسبب مخاوف الركود وعدم اليقين المالي.
ونقل عن محللين في "ريستاد إنرجي" تأكيدهم أنه رغم هذه المخاطر ما زالت السوق بشكل عام واثقة بأن ضغط الأسعار الصعودي الكبير سيتحقق في النصف الثاني من العام الجاري.
من ناحيته، ذكر روبين نوبل مدير شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، أن هناك تساؤلات قوية في أسواق النفط حول حقيقة هشاشة التعافي الاقتصادي الصيني، مبينا أن الحوافز المالية الجديدة من الحكومة الصينية بثت إلى حد ما حالة من التفاؤل في الأسواق العالمية.
وأشار إلى أن انتعاش الاقتصاد الصيني حقيقة راسخة ولكنه أقل من طموحات المعنيين بسوق النفط وهو ما يعني أنه قد لا يشهد الطلب على النفط الخام زخما كبيرا.
من جانبه، توقع ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، بتحطيم الولايات المتحدة رقما قياسيا جديدا في إنتاج النفط هذا العام حيث يبلغ الإنتاج الحالي 12.4 مليون برميل يوميا ويرجع ذلك أساسا إلى زيادة الإنتاج في مناطق النفط الضيق والغاز الصخري.
وأضاف أن الاستثمارات النفطية تواجه صعوبات في الانتعاش مجددا، لافتا إلى انخفاض عدد منصات الحفر ونضوب الآبار التي تم حفرها سابقا ولكن لم تكتمل.
وأشار إلى تزايد القلق مع وصول الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الأمريكي إلى أدنى مستوى له منذ عام 1983، معتبرا أن أسعار النفط في النصف الثاني من العام تعتمد إلى حد كبير على القرارات التي تتخذها مجموعة "أوبك+".
بدورها، قالت ديلارا إسماعيلوفا رئيس قسم المؤسسات المالية الدولية في بنك "ريسبابليكا" في أذربيجان، إن الاتحاد الأوروبي حريص على التوصل إلى حل لتجنب ارتفاع الأسعار الطاقة التقليدية في الشتاء المقبل وفي المستقبل بشكل عام ولكن الأعضاء لديهم مواقف مختلفة للغاية حول مصادر الطاقة المختلفة ولكن المؤكد حدوث تغييرات جذرية في خريطة موردي الطاقة منذ اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية.
وذكرت أن التخفيضات الطوعية السعودية في تموز (يوليو) المقبل بنحو مليون برميل يوميا تأتي في إطار رؤية جيدة للتعامل مع توقعات الركود والتباطؤ الاقتصادي العالمي، لافتة إلى سعي "أوبك+" على دعم وحماية العمل المشترك من أجل الوصول إلى سوق نفطية مستقرة ومتوازنة.
وفيما يخص الأسعار، تراجعت العقود الآجلة للنفط الخام نحو 2 في المائة في تعاملات متقلبة أمس وسط توقعات بتباطؤ نمو الطلب على النفط من الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، وخيبة آمال الأسواق بسبب مقدار خفض أسعار فائدة الإقراض الرئيسة في الصين.
وبحسب "رويترز"، خسرت العقود الآجلة لمزيج برنت تسليم آب (أغسطس) آب 1.11 دولار أو 1.5 في المائة مسجلة 74.98 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس. وهبط خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تسليم تموز (يوليو) 1.66 دولار أو 2.3 في المائة إلى 70.12 دولار في آخر أيام تداوله كعقد أقرب استحقاق أمريكي.
وانخفض خام غرب تكساس الوسيط 2.2 في المائة إلى 70.31 دولار في عقد التسليم في آب (أغسطس)، الذي سيصبح قريبا عقد أقرب استحقاق بالولايات المتحدة.
وخفضت الصين أسعار الفائدة الرئيسة على الإقراض للمرة الأولى في عشرة أشهر لكن بمقدار أقل من المتوقع بلغ عشر نقاط أساس لسعر الإقراض لأجل خمسة أعوام.
وجاء خفض الفائدة بعدما أظهرت بيانات اقتصادية في الآونة الأخيرة أن قطاعي التجزئة والتصنيع في الصين يواجهان صعوبة في الحفاظ على الزخم الذي شهداه في وقت سابق هذا العام.
وقال خبير في وحدة الأبحاث التابعة لمؤسسة البترول الوطنية الصينية إن الطلب الصيني على النفط الخام سينمو بمعدل أقل مما كان متوقعا مع تأثر استهلاك البنزين بالإقبال على السيارات الكهربائية.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 76.45 دولار للبرميل يوم الإثنين مقابل 75.98 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق أول ثاني ارتفاع على التوالي عقب انخفاض سابق وأن السلة كسبت نحو أربعة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 72.96 دولار للبرميل.